“درويش”: السوق يضم 25 ألف مزرعة تربية.. منها %80 “عشوائية”
الاتحاد يطالب بمنح تراخيص مؤقتة للمزارع لحين توفيق الأوضاع
القضاء على المزارع العشوائية يعنى انهيار الصناعة
تطبيق “القرية الداجنة” يرفع معدلات النفوق إلى أكثر من %40
طريقة تخزين الدواجن المجمدة فى المحلات غير صحيحة
“الزراعة” فشلت فى القضاء على إنفلونزا الطيور خلال 10 سنوات
سوق التربية المصرى موبوء بالأمراض البيطرية.. وإنشاء مجلس أعلى للأوبئة ضرورى
دفعت الزيادة المستمرة فى أسعار العملة الأجنبية، وارتفاع قيمة خامات الأعلاف المستوردة، %30 من أصحاب مزارع الدواجن الصغيرة، لإغلاق مزارعهم، لحين استقرار الأوضاع.
قال الدكتور نبيل درويش، رئيس اتحاد منتجى الدواجن، إن ارتفاع أسعار الدولار بالسوق الموازية تسبب فى زيادة تكلفة إنتاج الدواجن بنسب تتراوح بين 20 و%25 خلال الفترة الأخيرة، ما دفع عدداً كبيراً من المزارع للإغلاق، ويهدد الإنتاج السنوى للدواجن بالتراجع.
ويضم السوق المصرى نحو 25 ألف مزرعة دواجن، بينهم ما يتراوح بين 15 إلى 20 ألف مزرعة صغيرة، تحوى عنبراً واحداً، مقابل نحو 5 آلاف مزرعة كبيرة ومتوسطة.
وأضاف درويش فى حور لـ”البورصة”: أن المزارع الصغيرة تستحوذ على %80 من إجمالى إنتاج الدواجن فى مصر، لكن أوضاعها القانونية غير سليمة، ما يجعلها تعانى العديد من العقبات داخل السوق.
وأوضح أن عقبات صغار المربين تتلخص فى عدم وجود تراخيص للعمل، ما يجعلهم غير قادرين على مواجهة أعباء الصناعة من ارتفاع تكاليف الإنتاج، فضلاً عن حرمانهم من عضوية اتحاد منتجى الدواجن، والذى يوفر العديد من المميزات للمشتركين.
وتابع أن ارتفاع تكاليف الإنتاج تؤثر على صغار المربين، لعدم قدرتهم على توفير الأعلاف بصورة مستديمة، لزيادة أسعارها، خاصة بعد أزمة العملة الصعبة، التى يعانى منها الاقتصاد المصرى فى الأونة الأخيرة.
ويمر السوق المصرى بأزمة طاحنة فى توفير العملة الصعبة عبر البنوك، فضلاً عن ارتفاع أسعاره فى السوق السوداء خلال الأيام القليلة الماضية.
ووضع البنك المركزى سقفاً للإيداعات الدولارية بداية شهر فبراير من العام الماضى، بواقع 10 آلاف دولار يومياً، و50 ألف دولار شهرياً، قبل أن يرفعها إلى 250 ألف دولار شهرياً نهاية يناير من العام الحالى.
وتسببت الأزمة فى ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام اللازمة لإنتاج الأعلاف بنسب متفاوتة، ووصلت أسعار طن الذرة الصفراء إلى 4 آلاف جنيه، فيما وصلت أسعار فول الصويا إلى 5.6 ألف جنيه للطن الواحد، نهاية العام الماضى.
وانخفضت أسعار الذرة الصفراء لتصل إلى نحو ألفى جنيه للطن الواحد، والصويا إلى 3.9 ألف جنيه للطن، بينما وصل طن جلوبين الأعلاف إلى 6.6 ألف جنيه للطن.
وقال درويش: إن المزارع الصغيرة باتت لا تتحمل الخسائر التى تتعرض لها بسبب عشوائية القطاع، وعدم الاهتمام به من جانب الحكومة، إضافة الى ارتفاعات أسعار مدخلات الإنتاج ومستلزماته.
وطالب بضرورة التوسع فى زراعة محاصيل الذرة الصفراء، وفول الصويا، خلال الفترة المقبلة، لتفادى ارتفاع أسعار مثيلتها المستوردة، مع منح حوافز لتشجيع المنتجين.
وتبلغ المساحات المزروعة بالذرة الصفراء فى مصر نحو 520 ألف فدان، توفر قرابة 1.3 مليون طن، تمثل أقل من %25 من الاحتياجيات الإجمالية للقطاع.
وتستورد مصر نحو 6 ملايبن طن من المواد الخام اللازمة للصناعة سنوياً، منها 5 ملايين طن من الذرة الصفراء، ومليون طن من فول الصويا، وهى كافية لإنتاج نحو 8 ملايين طن بعد وضع الإضافات.
واقترح درويش، منح تراخيص مؤقتة لصغار المربين لحين توفيق أوضاعهم بصورة كاملة خلال عامين، كبديل للتمسك بشروط الترخيص، التى تطلبها الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة.
وتطلب وزارة الزراعة العديد من الشروط للموافقة على منح تراخيص للمزارع العشوائية، لكن المزارع تجدها صعبة التحقيق، لذا يفضلون استكمال أعمالهم بشكل غير رسمى، ما يُصعب حصرهم والسيطرة عليهم، وبالتالى استمرار انتشار الأمراض فى القطاع الداجنى بالكامل، بحسب درويش.
وأوضح أن منح صغار المربين حوافز للانضمام للقطاع الرسمى، ضرورى لتشجيعهم على توفيق أوضاعهم، خاصة مع صعوبة منعهم من التربية، فى ظل استحواذهم على النسبة الأكبر من إنتاج الدواجن.
وأضاف أن المزارع مصدر رزق أساسى لنحو 1.5 مليون عامل، لكن عدم وجود معلومات عن أماكن تواجدها للحكومة والعاملين فى القطاع يؤدى لتدهور الصناعة.
وتأتى عملية تأخر حصر القطاع غير الرسمى العامل فى صناعة الدواجن، بسبب تعاقب تغيير وزارء الزراعة، حيث تم تكليف نحو 11 وزير خلال 5 سنوات متتالية منذ 2011، فضلاً عن ارتفاع تكاليف عملية الحصر.
وعلق درويش على إمكانية حصول اتحاد منتجى الدواجن على سلطة تنفيذية بديلاً عن وزارة الزراعة لحصر القطاع ووضع قواعد للنهوض به نظراً لأن الاستثمار فى الثروة الداجنة استثمار قطاع خاص فقط، قائلا إن انشاء الاتحاد جاء بقرار رسمى من قبل رئاسة الجمهورية، وإعطاءه مثل هذه السلطات تحتاج قرارا جمهوريا أيضاً.
وأشار درويش إلى تباطؤ الحكومة فى اتخاذ قرارات إيجابية لصالح القطاع، وعدم إصدار تراخيص للمزارع العشوائية لتوفيق أوضاعها، وقال: “الحكومة مش عاوزه تدوش دماغها”.
وطالب الحكومة بضرورة وضع خطة واضحة يُمكن تطبيقها على أرض الواقع، لنقل المزارع إلى الظهير الصحراوى، عن طريق توفير المرافق اللازمة لتنفيذ عملية النقل لتشجيع أصحاب المزارع على ترك المناطق السكنية.
أوضح أن هذا الإجراء أصبح ضرورة مُلحة باعتباره وقائيا، لوقف استمرار انتشار الأمراض الوبائية، على رأسها إنفلونزا الطيور، التى فشلت مصر فى السيطرة عليه على مدى 10 سنوات متتالية.
قال إن سوق التربية المصرى أصبح بؤرة كبيرة حاضنة للأمراض المختلفة، التى تُهدد الصناعة، ويصعب السيطرة عليها، بالمقارنة بالدول الأخرى العربية والعالمية.
وأوضح درويش أن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت القضاء على مرض إنفلونزا الطيور، بعد 5 أيام فقط من الظهور، وذلك عن طريق جمع النافق منها وإعدامها بصورة وقائية فى أماكن مخصصة، واتخاذ إجراءات حماية كافية للمحافظة على ثروتها الداجنة من الفيروس.
أضاف أن كل دول العالم اتبعت نفس الإجراءات الوقائية، التى انتهجتها الولايات المتحدة، بعكس ما حدث فى مصر، التى قامت بتنظيم حملات إبادة للمزارع، دون النظر إذا كانت هذة المزارع مصابة أم لا، ما تسبب فى القضاء على نسبة كبيرة جداً من الثروة الداجنة.
وقال: إن الحكومة توجهت لإبادة الدواجن دون القضاء على المرض من الناحية الطبية، عن طريق تحصين المزارع المُصابة، وهو ما زاد من خطر المرض وأدى الى انتقاله للأفراد، فضلاً عن انتقاله من الوجه البحرى إلى القبلى، وإصابة مناطق الصعيد بالكامل.
وتسبب إهمال الحكومة فى مكافحة أنفلونزا الطيور فى 2006، لارتفاع نسبة النافق إلى %100 بالمزارع الصغيرة، و%40 بالمزارع الكبيرة، بسبب عدم اتباع أساليب التدفئة السليمة خلال فصل الشتاء وقتها.
وأضاف أن أزمة الصناعة تفاقمت حين رفضت الدولة تعويض المربيين عن الخسائر التى لحقتهم، بحجة أنهم مخالفين لإجراءات التربية، وعدم امتلاكهم تراخيص لعمل المزارع، ما تسبب فى تخارج نسبة كبيرة منهم من الصناعة كلياً، وتراجع الإنتاج.
وأوضح أن ارتفاع تكلفة الإنتاج، يضطر المربين لاستخدام أدوات تقليدية لتدفئة المزارع عبر إشعال النيران وغيرها من الأساليب البدائية الخاطئة، ما تسبب فى نشوب حرائق التهمت عددا كبيرا من الدواجن فى العديد من المزارع خلال الفترة الماضية.
وأشار درويش إلى أن السوق المصرية فى حاجة ضرورية لإنشاء مجالس عليا للأوبئة، والطب البيطرى، لحماية المواطنين والصناعة من الأوبئة.
أضاف أن العديد من الأمراض تنتقل من الحيوانات للإنسان وتهدد حياته، وعلى رأسها إنفلونزا الطيور، والحمى القلاعية، وأن نسبة الوفيات تضاعفت بسببها فى السنوات الماضية.
وذكر درويش أن مصر تفتقد القدرة على تنفيذ إجراءات الحماية التى تُستخدم فى كل دول العالم للسيطرة على الأمراض الوبائية، وأنها تجد صعوبة فى توقع الأمراض، لعدم وجود جهات رقابية على أسواق التربية.
وطالب الحكومة بضرورة تطوير هيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، لما لها من دور فعال فى النهوض بقطاع الدواجن فى حالة ممارسته لمهامه بالشكل المناسب والمتبع عالمياً.
ولفت إلى أهمية تخلى المؤسسات الحكومية عن البيروقراطية، خاصة فى القطاعات التى لا تتحمل التباطؤ فى اتخاذ القرارات الحاسمة والمهمة، من أجل حماية الصناعة المحلية مثل قطاع الثروة الداجنة.
وأوضح أن صناعة الدواجن بدأت فى مصر بقوة تحت قيادة شركات حكومية خالصة، لكنها تخلت عنها بحجة أنه لا يليق بمؤسساتها الخوض فى تربية الدواجن، ما جعلها تتخارج من السوق، وتقوم ببيع مزارع التربية للقطاع الخاص، وكانت شركة القاهرة للدواجن أولى الشركات التى تقدمت لشرائها.
وعزا درويش لجوء أصحاب المزارع العشوائية للطرق التقليدية فى أساليب وقاية الثروة الداجنة، وتجنب إصابتها بالأمراض، الى ارتفاع تكلفة الأساليب الوقائية، مقارنة بالعائد المادى عليها فى نهاية دورة الإنتاج.
أوضح أن استخدام اساليب الوقائة الحديثة أصبحت تقتصر على الشركات الكبيرة فقط، وهو ما ساهم على توطن ألمراض داخل مصر فى الفترة الماضية.
وتستخدم المزارع الصغيرة أساليب بدائية لحماية الدواجن من الأمراض، عن طريق عمل حفرة أمام المزرعة يوضع فيها سائل من الفنيك، ويغمس زائر العنابر قدمه فيها قبل الدخول كنوع من التطهير.
وإعتبر رئيس اتحاد منتجى الدواجن، أن تلك الأساليب لم تعد كافية فى ظل إنتشار الأمراض بصورة كبيرة بسوق التربية المصرى.
وأشار درويش الى أن قطاع جدود الدواجن من أكثر القطاعات ارتفاعاً فى التكلفة والخطورة، خاصة أنها يتم استيرادها بالكامل، حيث تستحوذ شركات محددة على إنتاجها عالمياً.
وأوضح أن قطاع جدود الدواجن من أكثر القطاعات، التى تحتاج الى متابعةً مباشرة من الجهات الحكومية، لأنها أساس الإنتاج للمراحل اللاحقة فى التربية، والتى بدونها تنعدم الثروة الداجنة فى مصر تماماً.
وأضاف أن تكلفة استيراد الجدة الواحدة بلغت 40 دولاراً خلال الفترة الماضية، بعد ارتفاع أسعار الدولار، مقابل 38 دولاراً بداية العام الماضى، وتستورد مصر نحو 240 ألف جدة سنوياً.
وحذر درويش من إنشاء مزارع لتربية البط فى مناطق قريبة من مزارع تربية الجدود، والأمهات، لتجنب إصابتها بالأمراض، خاصة أن البط حامل للمرض بقوة، لكنه لا يُصاب بها إطلاقًا، مشيراً إلى أن الإنتقال للظهير الصحراوى يضمن درجة عالية من الوقاية وتقليل نسبة نفوق الثروة.
أوضح أن ارتفاع حدة الأمراض فى السنوات الأخيرة وتوطنها ساعد على زيادة نسبة النفوق تدريجاً، حتى وصلت إلى %40 سنوياً، وأحياناً ترتفع عن هذا الحد، وطالب بضرورة التدخل الحكومى لحماية الثروة من الانهيار.
ورفض رئيس إتحاد منتجى الدواجن، فكرة إنشاء القرية الداجنة، التى طرحتها الحكومة فى الأونة الأخيرة، بهدف تجميع المزارع بمنطقة واحدة، على أن يتم المحافظة على المسافات البينية المحددة وقائياً فيما بينها، وقال إنها نتاج لأفكار أشخاص غير متخصصة بالمجال.
أوضح درويش أن إنشاء القرية الداجنة فكرة مدمرة وتكفل القضاء على القطاع بشكل كامل حالة تطبيقها، غير أن الشركات العاملة فى المجال سترفض الانتقال لها من الأساس.
أضاف أن القرية الداجنة تسهل إنتشار الأمراض بين الطيور، وزيادة نسبة النافق أكثر من الوضع الحالى، مشيراً إلى أن العمالة المصرية بطبعها ليست ملتزمة بالقوانين ودائماً ما يتحايلون عليها قدر ما يستطيعون، حتى وإن التزمت المزارع بتطبيق المسافات البينية.
وتابع أن المسافات البينية فيما بين مزارع التربية المطلوبة لحماية الثروة لا يمكن تطبيها داخل نموذج القرية الداجنة، ما ينبئ بظهور مخالفات عديدة تحمل القطاع خسائر إضافية.
وتحتاج مزارع تربية الدواجن لمسافات طويلة بين كل نوع وآخر، ما يجعل من الصعب توفير المساحات المطلوبة حسب الإجراءات الطبية اللازمة، ما سيضطر لتنفيذها داخل الصحراء، وهو ما يعد مستحيلاً للمزارع الصغيرة.
وتصل المسافات التى تحتاجها مزارع التثمين إلى 500 متر بين كل مزرعة وأخرى، بينما تتطلب مزارع تربية الأمهات نحو 3 كيلو مترات، والجدود بين 5 و10 كيلو مترات، من أجل حماية الطيور من انتقال العدوى.
وحذر درويش من استخدام الأساليب الخاطئة لتخزين الدواجن المجمدة، موضحاً أن منافذ البيع تقوم بتجميد الدواجن طوال اليوم، ومن ثم فصل الكهرباء عنها فترة الليل لتوفيرها، وإعادة تجميدها بداية اليوم التالى، وهو ما يجعلها تصاب بالأمراض والتسمم نتيجية التعرض لأكثر من درجة حرارة فى أوقات متقاربة.
وقال: إن العديد من ربات البيوت تستخدم نفس الأساليب الخاطئة فى التجميد، وأن الطريقة الأفضل هى وضعها فى درجات حرارة أقل برودة تدريجياً إلى أن تذوب طبقات الجليد، التى تحكمها، وذلك حتى لا ينشط ميكروب “السالمونيلا”، الذى عادة ما ينشط فى درجات الحرارة المرتفعة ويسبب الوفاة.