انخفاض قيمة الجنيه يجعل من الاستثمار فى العقارات عملية تحوّطية أكثر جاذبية مقابل التضخم
أصدرت شركة «كوليرز انترناشيونال» للاستشارات العقارية تقريرًا عن سوق العقارات فى القاهرة يسلط الضوء على الاتجاهات السائدة فى القطاعات السكنية والتجزئة والضيافة والمكاتب التجارية بالعاصمة.
ويصف التقرير القطاع العقارى فى القاهرة بالمرونة العالية والملائمة للاستثمار، ويؤكد أن المشاريع التطويرية الجديدة لا بد أن تعكس المتغيرات فى المجتمع ووجهات النظر لتصبح ذات أبعاد تنافسية.
وذكر التقرير أنه فى ضوء التحسن الاقتصادى البطىء، أثار الانخفاض الأخير فى قيمة الجنيه المصرى مخاوف بالغة بين صفوف المقيمين من الطبقة المتوسطة ممن يتأثرون بدرجة ملموسة بالتقلبات السعرية، حيث اعتراهم القلق بشأن التكاليف المرتفعة للتطوير والتى تؤدى فى نهاية المطاف إلى ارتفاع الأرسعار.
وتابع: «من جهة أخرى، فإن هذا الانخفاض فى قيمة العملة يجعل من الاستثمار فى القطاع العقارى عملية تحوّطية أكثر جاذبية مقابل التضخم، وذلك للعائلات ذات الدخل المرتفع، كما أنه يُحسّن من القوة الشرائية للمستثمرين الأجانب، وللمصريين الذين يحصلون على إيرادات من الخارج».
وقال إيان ألبرت، المدير الإقليمى لشركة «كوليرز انترناشيونال»: إن المشهد العقارى العام بالقاهرة مستمر فى النضوج نظرًا لوجود قاعدة عملاء مثقفة فى سوق يتأثر بالتقلبات السعرية ويتطلّب توافر منتجات عملية وفعّالة.
أضاف أن تحويل قطعة أرض فارغة إلى مشروع سكنى أو تجارى أو مزيج من فئات الأصول، أفضل من بيعها مع أن السوق تشهد نقصاً فى المعروض.
أوضح أن المطلوب فعلاً هو مشاريع تطوير عقارى ناجحة ذات استخدامات متعددة، وبخصائص ملائمة للمنطقة تعكس محيطها وبيئتها المحلية الفريدة، وفى الوقت نفسه تتضمّن البنية التحتية الاجتماعية والمرافق التى يحتاجها السكّان ويمكن للمطوّرين، الذين يدركون هذه العوامل أن يتوقعوا تحقيق مبيعات أسرع، ومعدلات سعرية أعلى.
ورصد التقرير عدد من النتائج الرئيسية فى القطاع السكنى حيث تتراوح أعمار قرابة 50% من سكّان القاهرة بين 15 و40 سنة، وهى مجموعة ديموغرافية رئيسية تقود الطلب على المساكن الجديدة فى العاصمة المصرية.
وفى الوقت نفسه، يمكن لحوالى 52% من سكان القاهرة شراء وحدات سكنية تتراوح أسعارها ما بين 26 ألفا و35 ألف دولار ومع ذلك، ليس هناك أى مشاريع جديدة من القطاع الخاص تعرض هذه الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن القدرة الشرائية أصبحت محورًا رئيسيًا سائدًا فى السوق السكنية فالمطوّرون الذين يستطيعون توفير وحدات مناسبة فى متناول اليد، سواء بأسعار أقل أو خطط طويلة للأقساط، سوف يستهدفون المستهلكين النهائيين أكثر من المستثمرين، الذين يولون اهتماماً أكبر بالمقومات النوعية مثل المخطط الفعّال للطوابق والتركيبة المجتمعية المحيطة.
وتوقع التقرير أن تشهد الوحدات المطوّرة ذات الأسعار المناسبة عمليات بيع أسرع فى السوق التى لا تزال تعانى نقصاً فى المعروض.
ويزداد التعداد السكانى فى القاهرة بنسبة 2% سنوياً، فى حين ينمو المعروض من الوحدات السكنية بنسبة 1% ونظراً لما تعانيه السوق أساساً من نقص فى المعروض، يستمر الطلب على الوحدات السكنية فى الارتفاع.
أوضح التقرير أن القاهرة تعتبر على نحو تقليدى سوقاً تتألف من وحدات سكنية كبيرة (3 إلى 4 غرف نوم)، مع عدد محدود من الوحدات الصغيرة ولا بد للمشاريع الجديدة أن تراعى توفير وحدات أصغر ضمن المخطط الرئيسى من أجل تلبية الطلب.
وأوصت «كوليرز» بأن زيادة الأسعار بنسبة 25% هى الحد الأدنى الذى يمكن بلوغه فى سوق نامية ترتكز على فئات الأصول المتناسقة بنسب مشجّعة فى مجتمعات أو مناطق محددة.
وفيما يتعلق بقطاع التجزئة قال التقرير إن الجيل العاشر، وأيضًا جيل الألفية يستمر فى الصعود إلى الصدارة، ويتطوّر قطاع التجزئة بدوره ليلبى متطلباتهم، ويعنى ذلك ظهور عنصر أسلوب الحياة بشكل واضح فى عروض التجزئة، وما تزخر به من منتجات ومنشآت مثل السينمات، ومساحات ترفيهية أكبر للأطفال، والمطاعم العائلية.
وفى البيئة الحالية، ينظر المستهلكون إلى جوانب الراحة، والأمان، والقيمة المادية، مما يتيح الفرصة أمام الأنماط الجديدة لمحلات البيع بالتجزئة فى القاهرة.
وتعد مسائل التأثر بالتقلبات السعرية، ونمو العائلات الصغيرة، وساعات العمل الطويلة، والمخاوف الأمنية، جميعها من مزايا القوة التى تتسم بها المتاجر المحلية، ويبقى الموقع أمراً مهماً للنجاح فى هذا السياق.
وتابع التقرير: «فى المساحات العامة، فإن نمو الماركات الحرفية المحلية يعتبر اتجاهاً رئيسياً ملحوظاً وتحظى هذه الماركات بتقدير أكبر من السكّان الشباب والأكثر ثراءً، ولا تنسجم بالضرورة مع نمط مراكز التسوّق التقليدية الكبيرة، التى تعتمد أكثر على الماركات والمحلات المشهورة».
وفيما يتعلق بقطاع الضيافة أشار التقرير إلى وجود فرصة سانحة للفنادق ذات العلامات الشهيرة من فئة 3 نجوم فى القاهرة خاصة أن العمر الزمنى ونقص عمليات الصيانة والتجديد للمعروض الحالى من فنادق الثلاث نجوم يعنى أن هناك طلباً قوياً على العروض الجديدة من العلامات الدولية، ومنها الفنادق المعروفة لدى الزوّار من دول مجلس التعاون الخليجى.
أضاف أن الفنادق الثلاث نجوم ستتفوق على فنادق الأربع نجوم من حيث السعر، وستحظى بأحجام عالية من معدلات الإشغال.
كما أن التكاليف المنخفضة، سواء من ناحية الاستثمار والتشغيل، تجعل فنادق الثلاث نجوم أكثر جاذبية كخيار استثمارى، حيث تحقق منافع عند ارتفاع الزخم، فى حين تمتاز بمرونة عالية للتأقلم مع المتغيرات عند حدوث الركود.
ويوجد أيضًا مجال واسع لزيادة الشقق الفندقية فى القاهرة وكونها تقع بين القطاعين السكنى والضيافة، أثبتت هذه الفئة شعبية رائجة بين المجموعات الكبيرة من الزوّار، لا سيما العائلات كما أنها تعتمد على قاعدة من المستأجرين من الشركات لفترات طويلة.
ويمكن للمطوّرين أن ينظروا فى الجمع بين هذه الوحدات مع الفنادق، من أجل الاستفادة من المساحات المشتركة للمنازل والمرافق والإدارة.
وذكر التقرير أن 55% من زوار الفنادق فى القاهرة من دول مجلس التعاون الخليجى وتوجد حاليًا 500 شقة مفروشة فقط بخدمات ذات جودة عالية فى القاهرة، مقارنة بـ30 ألف شقة مفروشة فى دبى.
وحول قطاع المكاتب التجارية يرى التقرير أنه فى ظل البيئة الحالية، من المهم أن تتحلّى بالمرونة، وأن تولى متطلبات المستأجرين اهتماماً كبيراً، لا سيما وأن عدداً من المستأجرين الدوليين يتطلعون باستمرار لاستئجار أو بيع المكاتب الحالية لكى يتمكنوا من تقنين أو توسيع عملياتهم التشغيلية بسرعة ويتضمن ذلك القدرة على تغيير العروض فى قطاع المكاتب بفاعلية، وبما يتلاءم مع الاحتياجات المتغيّرة للشركات، وأيضاً إحكام السيطرة على التكاليف الإدارية.
وقال التقرير: «بينما تظل جودة البناء مسألة رئيسية لصانعى القرار، فإن توافر المطاعم المناسبة والخدمات الجيدة لإدارة المرافق تحظى بأهمية، حيث يتنافس الملاك بضراوة لاجتذاب المستأجرين».
وتوقع توافر 350 ألف متر مربع من المساحات التجارية الجديدة فى القاهرة خلال السنوات الخمس المقبلة.
أضاف التقرير أنه يمكن للمشاريع التطويرية التجارية التى تمتاز بجودة بناء بمعايير عالمية، ومواقف للسيارات، ومنشآت ومرافق عامة بما فى ذلك متاجر البيع بالتجزئة ضمن المشروع، أن تحقق زيادة بنسبة 25 إلى 30% من حيث معدلات الإيجار.
ووصف التقرير قطاع الرعاية الصحية فى مصر بأنه يعانى ليواكب وتيرة الطلب الحالى على الصعيد المحلى، والتى تصاعدت أكثر حيث أصبحت مصر، وتحديداً القاهرة، وجهة للسياحة الطبية لمعظم السيّاح الوافدين من أودول مجلس التعاون الخليجى.
ومن منظور عقارى، تتجلّى بوضوح الفجوة بين الطلب والعرض، لا سيما وأن مشغلى منشآت الرعاية الصحية ومزاولى المهنة أيضاً يعملون على تحويل المبانى السكنية والتجارية إلى منشآت للرعاية الصحية لتلبية متطلبات السوق، وتوسيع عملياتهم التشغيلية.
وقال التقرير إنه بالاطلاع على العروض الحالية فى قطاع الرعاية الصحية، والنمو المتوقع للتعداد السكانى، تشير التقديرات إلى أنه فى غضون السنوات العشر المقبلة، ستحتاج مصر إلى 4.4 مليون متر مربع من المساحات المخصصة للمستشفيات، و2.7 مليون متر مربع من المساحات المخصصة للعيادات.
أضاف أن المساحات الجديدة تمثل استثماراً بحوالى 40.5 مليار جنيه مصرى فى مساحات المستشفيات، و 17.8 مليار جنيه مصرى فى العيادات على مدى العقد التالى، وتستند التوقعات على الأسعار الحالية للسوق.
وأكد التقرير أن ظروف السوق تمثل فرصة فريدة للمستثمرين، الذين يتطلعون لتحقيق عوائد ثابتة، وفى الوقت نفسه الاحتفاظ بنهج استثمارى ذى مخاطر منخفضة، خاصة أن مبانى المستشفيات يتم تأجيرها قبل الإنشاء، فى حين يمكن بيع العيادات من على الخريطة.