تزايد الاستثمارات فى البدائل المحلية للمنتجات المستوردة وفرص أفضل للتصدير
الشركات: التعويم وفر الدولار لكن القدرة على الشراء تراجعت
كانت الصناعة واحدة من أكثر القطاعات تأثراً بتحرير الجنيه، وبقدر ما استفادت المصانع التى تعتمد على مدخلات الإنتاج المحلية بشكل كبير بقدر ما عانت تلك التى تستورد مدخلاتها أو تدفع قيمة الطاقة التى تستخدمها مقومة بالدولار.
واتجه الكثير من الشركات لزيادة استثماراتها لتعميق سلاسل التوريد المعتمدة على مدخلات محلية، مثل بيبسكو التى وسعت من استثماراتها فى زراعة البطاطس لتقليل احتياجاتها من أجل صناعة الشيبسى، بينما اتجهت جهينة، إحدى أكبر شركات التصنيع الغذائى فى مصر لزيادة الاعتماد على الفاكهة المحلية لإنتاج العصائر.
وظهرت بدائل محلية لكثير من السلع المستوردة، وباتت تتمتع بطلب أعلى من نظيرتها المستوردة؛ نظراً إلى فروق الأسعار الواضحة بين الاثنتين لصالح المحلى.
وقال أشرف الجزايرلى، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن قرار تحرير سعر الصرف ساهم فى توفر العملة الصعبة للمصانع والشركات لشراء المواد الخام، بعد أن كانت تعانى فى توفيرها من السوق الموازى قبل القرار، وهو ما كان يعرضها للمساءلة القانونية.
لكن هذا ليس كل شىء، فالشركات الصناعية التى تعترف بأنها استفادت من توافر العملة الصعبة بعد التعويم باتت تعانى من التكاليف التى تحملتها بعد انخفاض الجنيه بشدة فى الخريف الماضى، ولم تكن استفادتها كبيرة.
وهناك قدر كبير من الصناعات التى تعتمد على مدخلات إنتاج مستوردة وهى المدخلات التى تضاعفت قيمتها بعد التعويم، كما أن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وتلك التى تعتمد على الغاز الطبيعى تضررت، مثل الكثير من صناعات مواد البناء، حيث تضاعفت أسعار الطاقة التى تدفعها نظراً إلى أنها مقومة بالدولار.
وقال «الجزايرلى»، إن مبيعات الصناعات الغذائية تراجعت بنسبة تقارب 40% فى بعض الشركات، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام.
ولفت إلى أن المصانع تواجه تحدياً للحفاظ على العمالة، نتيجة توقف بعض خطوط الإنتاج لضعف الطلب فى السوق، مشيراً إلى أهمية رفع المرتبات بحسب تقديرات كل شركة لمواجهة ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وقال أحمد الحمصانى، مدير علاقات المستثمرين بشركة دومتى للصناعات الغذائية، إن الآثار الإيجابية لتحرير سعر الصرف ستظهر خلال عامين.
وأدى ارتفاع أسعار المواد الخام خلال الفترة الحالية، إلى انخفاض نسبة المبيعات، مشيراً إلى أن الحل الوحيد السريع لخفض الأسعار يتمثل فى جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، بهدف ضخ سيولة دولارية فى السوق، وبالتالى انخفاض أسعار الخامات.
وتسعى الشركات لتصدير جزء من إنتاجها أو زيادة الكميات التى تقوم بتصديرها حالياً لتعويض زيادة تكاليف الإنتاج وضعف مرونة التسعير فى السوق المحلى الذى يعانى ارتفاعاً كبيراً فى التضخم.
وقال «الحمصانى»، إن «دومتى»، تسعى لزيادة صادراتها، التى لا تتعدى 6% حالياً، لتعويض زيادة تكلفة الإنتاج، وذلك من خلال المشاركة فى العديد من المعارض الدولية وجذب عملاء جدد.
وبحسب نتائج أعمال الشركة، تراجعت المبيعات خلال العام الماضى لتسجل 34.7 مليون جنيه، مقابل 165.4 مليون جنيه خلال 2015 بنسبة 79%.
وقال حسن الفندى، عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، رئيس مجلس إدارة شركة الحرية 2000 للصناعات الغذائية، إن قطاع الصناعات الغذائية سيستفيد من قرار تحرير سعر الصرف على المدى البعيد.. بعكس المرحلة الحالية لتضاعف أسعار مدخلات الإنتاج.
وأوضح أن المواد الخام المستوردة تمثل نحو 60% من سعر بيع المنتج، وهو ما أدى إلى رفع تكلفة الإنتاج بنسبة 80%، مقارنة بأوضاع ما قبل التعويم، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والنقل والوقود.
وأشار إلى انخفاض المبيعات خلال المرحلة الماضية نتيجة خروج شريحة كبيرة من المستهلكين عقب ارتفاع الأسعار، واتجاههم إلى شراء السلع الأساسية فقط.
وارتفع تضخم أسعار المنتجين إلى 37.3% فى فبراير الماضى مقابل 11.9% فى أكتوبر 2016 الشهر السابق على التعويم، وتزامن ذلك مع أعلى مستوى لتضخم أسعار المستهلكين فى 30 سنة والذى تخطى 32% الشهر الماضى، والذى أضعف القوى الشرائية لكثير من المستهلكين إلى حد كبير.
وطالب رأفت رزيقة الحكومة بتقليل أو إلغاء الجمارك على الآلات والمعدات والمواد الخام المستوردة، إذ تقوم الشركات بتشغيل عدد كبير من العمالة ودفع ضرائب وتأمينات، ما يسهم فى نمو الاقتصاد.
كما شدد على أهمية خفض نسبة الفوائد على القروض بشكل عكسى مع نسبة تصدير كل شركة، فى إطار دعم الشركات المصدرة من خلال التعاون المشترك بين الحكومة والبنوك.
قال خالد أبوالمكارم، رئيس شعبة البلاستيك بغرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية، إن قرار البنك المركزى تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى صائب، لكنه جاء فى وقت غير مناسب.
وأوضح أنه تم اتخاذ القرار فى وقت لا تتوافر فيه أى مصادر دخل يعتمد عليها لضخ سيولة دولارية فى السوق، ومنها السياحة والاستثمارات الأجنبية وقناة السويس والتصدير وتحويلات العاملين فى الخارج.
وأشار إلى أن القطاعات الصناعية التى استفادت من التعويم هى التى تتواجد معظم مدخلات إنتاجها فى السوق المحلى، ومنها قطاع الزجاج، لاعتماده على مدخلات إنتاج محلية، لافتاً إلى أن القطاعات التى تستورد معظم مدخلات إنتاجها، ومنها البلاستيك لم تحقق الاستفادة المرجوّة من قرار تعويم الجنيه، نتيجة تضاعف أسعار الخامات المستوردة.
وتراجعت صادرات منتجات اللدائن البلاستيكية، العام الماضى لتبلغ 1.085 مليار دولار، مقابل 1.171 مليار دولار فى 2015، فى حين بلغت صادرات الصناعات الكيماوية خلال يناير الماضى 300 مليون دولار بنسبة زيادة 19% عن الشهر المقابل من2016.
ولفت إلى أن العديد من الشركات التى تعمل فى قطاع البلاستيك قامت برفع أسعار مرتبات العاملين بنسب تتراوح بين 20 و25% لمواجهة حالة التضخم التى تمر بها مصر بعد تحرير سعر الصرف.
وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدل التضخم السنوى فى أسعار السلع الاستهلاكية خلال الشهر الماضى إلى 32.5%، مقارنة بشهر مارس 2016، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع أسعار مجموعة الخضراوات بنسبة 7.1%، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 3.4%، ومجموعة الأسماك بنسبة 10.6%، علاوة على ارتفاع أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة 7.2%.
وقال شريف الجبلى، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، رئيس مجلس إدارة شركة أبوزعبل للأسمدة، إن القطاعات الصناعية التى استفادت من التعويم هى التى تعتمد على أكثر من 60% من مستلزمات الإنتاج المحلية.
أضاف أن نحو 70% من المواد الخام التى تدخل فى صناعة الأسمدة محلية الصنع، وبالتالى لم يتأثر القطاع بتحرير سعر الصرف، مقارنة بالعديد من القطاعات الأخرى التى تعتمد على استيراد مدخلات الإنتاج.
وأشار إلى أن بعض الصناعات الكيماوية التى تعتمد على مدخلات إنتاج مستوردة، قامت بخفض طاقتها الإنتاجية نتيجة ارتفاع التكلفة منذ تحرير سعر الصرف قبل نحو 6 أشهر.
وقال محمد نجيب، رئيس مجلس إدارة شركة «نجيب تكس» للمنسوجات، إن ارتفاع أسعار مستلزمات إنتاج الملابس عالمياً بنسب تتراوح بين 10 و20%، وتضاعف سعر الاستيراد والدولار الجمركى بعد تحرير سعر الصرف، ساهم فى زيادة تكلفة الإنتاج إلى نحو 100%.
أضاف أن ارتفاع أسعار المواد الخام أدى إلى خفض الإنتاج من 300 متر إلى 200 متر فى شركته يومياً، إذ تمثل نسبة مدخلات إنتاج الملابس المستوردة نحو 75%.
وطالب «نجيب»، بزيادة مساحات زراعة القطن لتخفيض الاستيراد، إذ بلغت مساحات الأراضى المزروعة العام الماضى نحو 130 ألف فدان، مقابل 1.5 مليون فدان فى الثمانينيات.
وأشار إلى أن مبيعات «نجيب تكس» تقلصت بنسب تتراوح بين 30 و40% نتيجة ضعف إقبال المواطنين عقب تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار جميع السلع الأساسية، وتراجع القوى الشرائية.
ولفت إلى ارتفاع قيمة صادرات الشركة نتيجة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه بعد التعويم، إذ تقوم الشركة بتصدير 25% من منتجاتها إلى الخارج، مشيراً إلى أن قطاع الملابس الجاهزة لم يستفد من قرار تحرير سعر الصرف بشكل كبير لاعتماده على مدخلات الإنتاج المستوردة.
وأشار إلى أن مبيعات مصانع الملابس الجاهزة، بدأت تتحسن خلال الأشهر الماضية نتيجة اتجاه المستهلكين إلى السوق المحلى، لانخفاض الصادرات بسبب صعوبة حصول المستوردين على السيولة الدولارية اللازمة للاستيراد.