أعرب مستثمرون وخبراء عن مخاوفهم من تأثير المعركة التى دارت رحاها أمس الأول فى ميدان التحرير بين مؤيدى ومعارضى الرئيس محمد مرسى، على مناخ الاستثمار المصرى وارتفاع المخاطر السياسية به، خاصة انها جاءت بعد فترة قصيرة من الاستقرار منذ تنصيب الرئيس الجديد للبلاد، وبدء استعادة السوق المصرية جانباً من جاذبيتها والزيارات المتتالية للوفود الاستثمارية الأجنبية وبدء التفاوض مجدداً مع صندوق النقد الدولى، كما رأى عدد منهم انه رغم انتهاء ازمة النائب العام إلا أنها تشير إلى وجود صراع مؤسسات فى مصر.
يتمثل مكمن الخطورة فى أحداث يوم الجمعة الماضى فى انها تعد الأولى التى تقع بين المتظاهرين دون أن تكون الشرطة أو القوات المسلحة طرفاً فيها، فيما يعد مؤشراً خطيراً، وينذر بتكرار هذه الاحداث مجدداً فى ظل انقسام الشارع المصرى بين مؤيد ومعارض للرئيس منذ الجولة الأخيرة للانتخابات، فضلا عن اشكالية اتخاذ قرارات رئاسية ثم التراجع عنها، كما هو الحال بالنسبة لتعيين النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود سفيراً فى الفاتيكان ثم التراجع بعد تمسكه بمنصبه الحالى.
قال الدكتور عمرو حسنين، رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى وخدمة المستثمرين «ميريس» ان التطورات الأخيرة فيما يتعلق باقالة النائب العام ثم العودة فى القرار كفيلة باحداث بلبلة لدى المستثمرين فى السوق وخارجها وله تأثيرات سلبية على التصنيف الائتمانى للدولة ويضع التصنيف الائتمانى فى اعتباره البناء المؤسسى للدولة وقدرتها على البناء وتلبية مطالب مواطنيها.
وأضاف حسنين ان ما يحدث يؤكد لدى المستثمرين وشركات التصنيف الائتمانى ان البناء المؤسسى للدولة غير قوى وان هناك تداخلا وتنازعا فيما بين السلطات قد يؤدى إلى تقويض القانون، لأن البناء المؤسسى المكتمل والذى يقوم بصلاحياته كاملة جزء لا يتجزأ من تقييم الدول من قبل مؤسسات التصنيف الائتمانى.
واعتبر عبدالمجيد محيى الدين، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى أحداث الجمعة الماضية تفاعلات طبيعية تقع فى الدول التى تمر بثورات وتغيير انظمة الحكم، إلا انها تعد مؤشرا سلبياً للمستثمرين الأجانب بعدم الاستقرار السياسى فى البلاد، واستمرار التخبط فى القرارات، مما قد يسفر عن تباطؤ فى قرارات دخول المستثمرين الأجانب السوق المصرية، خاصة فى ضوء التخبط السياسى باصدار قرارات تم التراجع عنها، وهو ما وصفه بـ«المشكلة الخطيرة».
كالمعتاد سيدفع مستثمرو البورصة ثمن اشتباكات التحرير.. هكذا بدأ هشام توفيق، رئيس مجلس إدارة شركة «عربية اون لاين» لتداول الأوراق المالية حديثة، معتبراً احداث ميدان التحرير أمس الأول ثم ملحمة استمرار بقاء النائب العام أمس، احداثا تعود بمناخ الاستثمار إلى الوراء، بل تؤكد ان السوق المصرية لن تخلو من الاحداث المزعجة والاعتراضات العشوائية وان شعبها لن يركز فى الانتاج والتطوير ودفع عجلة الاقتصاد للأمام.
وتوقع توفيق أن تؤدى هذه الاحداث إلى اختفاء السيولة وتراجع متوسط احجام التداولات بالبورصة إلى 300 مليون جنيه يومياً، مقابل 800 مليون جنيه متوسطها فى سبتمبر الماضى و600 مليون جنيه منذ بداية اكتوبر الحالى.
من جهته قلل خالد أبوهيف، الرئيس التنفيذى لشركة «التوفيق المالية القابضة» من تأثير احداث التحرير، متوقعا ان يقتصر فقط على جلسة اليوم لتتراجع المؤشرات فى بدايتها نحو مستوى 5500 نقطة، على أن تعاود التعافى والصعود فى نهايتها أو بحد أقصى غدا.
أضاف ان البورصة سئمت من هذه الاحداث المتكررة وأصبح تأثيرها اضعف فى كل مرة، وهو ما ظهر فى رد فعل البورصة على خبر تهرب شركة «اوراسكوم للانشاء والصناعة» صاحبة الوزن النسبى الكبير من ضرائب تصل قيمتها إلى 14مليار جنيه، فكان من المتوقع ان تشهد البورصة جلسة دامية، الا انها تمكنت من استيعاب الخبر والتراجع بنسبة أقل كثيراً من المتوقعة.