لم تكتف الحكومة بالمشهد السياسى المرتبك وأبت إلا أن تستمر فى خطواتها المربكة للمشهد الاقتصادى المتداعى أصلا، وبعد يوم واحد من تجميد الرئيس لاصلاحات ضريبية مهمة أعلنت الحكومة أنها طلبت من صندوق النقد الدولى تأجيل بحث إقراض مصر 4.8 مليار دولار حتى يناير فى السنة الجديدة بدلا من الاسبوع المقبل.
وأحدث الاعلان ردود فعل فورية فى القطاعات المعنية بشكل مباشر، ورصدت «البورصة» ردود فعل سلبية فى القطاع المالى خاصة فى البنوك الممول الوحيد تقريبا للحكومة خلال العامين الماضيين. وقال رئيس بنك عربى يعمل فى السوق إنه «منهار» وعبر آخر عن صدمته بقوله «التأجيل يزيد الأمور تأزما».
وجرى الترويج للاتفاق مع صندوق النقد الدولى على مدار الشهور الأربعة الماضية باعتباره المخرج الوحيد من أزمات الاقتصاد المتفاقمة، وبأنه شرط ضرورى للحصول على مساعدات خارجية أخرى بقيمة 14 مليار دولار تعوض شح السيولة لدى المقرضين المحليين.
وأدى التفاؤل بقرب التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولى لتراجع تكلفة الاستدانة الحكومية بما يزيد على 300 نقطة أساس على مدار الشهور الثلاثة الماضية، كما تحسنت معنويات المستثمرين الاجانب تجاه السوق المحلية، وشهدت سوق الأوراق المالية ارتفاعات قوية قبل أن تنهار مؤخرا تحت ضغط التوترات السياسية التى يشهدها الشارع.
وقال الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء فى مؤتمر صحفى أمس إن الحكومة توصلت لاتفاق مع الصندوق على تأجيل مناقشة الملف المصرى إلى جلسة تالية يمكن أن تكون فى يناير، مضيفا أن التأجيل سيكون له تأثير بعض الشيء لكن الحكومة تبحث التدابير اللازمة.
وتعد المساعدات الخارجية ضرورية لتجاوز المحنة الاقتصادية التى تعيشها مصر منذ أكثر من سنة بسبب ارتفاع معدلات العجز المالى، وتتوقع الحكومة ارتفاع العجز إلى 218 مليار جنيه للعام المالى الحالى إذا لم تحصل على قرض الصندوق، وهو ما يزيد على 12% من الناتج المحلى الاجمالى.
ويصاحب القرض اجراءات اصلاحية حساسة لم تبد الحكومة شجاعة كبيرة فى الاقدام عليها حتى الان بسبب التوترات السياسية فى الشارع وقرب الاستفتاء على دستور يثير انقساما فى البلاد، وتتمثل تلك الاجراءات فى تعديلات ضريبية واسعة النطاق وهيكلة كبيرة لنظام الدعم السخى.
ويقول محللون إن الحكومة باتت بلا بدائل لتمويل عملية الاصلاح الاقتصادى حاليا، وتوقعوا ارتفاعا لأسعار الفائدة بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، مع عودة مؤسسات التقييم الدولية لخفض تصنيف مصر مجددا إذا استمرت القلاقل السياسية.
خاص البورصة