تسعى الحكومة ممثلة فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لجعل مصر مركزاً عالمياً لنقل البيانات مدعومة بالموقع الاستراتيجى الذى تتمتع به وعدد الكابلات البحرية التى تمر بمصر والتى وصلت حتى الان لـ 18 كابلاً بحرياً لكن الخطة الاستراتيجية تواجه عدة تحديات اهمها ضرورة تأهيل البنية التحتية فى مصر لاستيعاب حجم البيانات الذى يتضاعف سنوياً.
ووفقاً لتصريحات المهندس عاطف حلمى، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فإنه بحلول عام 2020 ستمر %40 من حجم البيانات الموجودة بالعالم من خلال مصر.
أكدت الوزارة أن مبادرة البرودباند تعد خطوة مهمة فى هذا الإطار، فى حين طالب مسئولو القطاع بضرورة الاهتمام بتطوير البنية التحتية حتى تستوعب النمو المستهدف فى هذا مجال نقل البيانات.
سوق الاتصالات يحتاج طرح مشروعات ضخمة.. و«البرودباند» خطوة على الطريق
أكد بعض مسئولى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على حاجة السوق المصرى خلال الفترة الحالية لطرح مشروعات عملاقة مثل نشر البرودباند وغيرها من المشروعات التى تستهدف تطوير البنية التحتية، مما يعد خطوة فى طريق تحول مصر لمركز لنقل البيانات عالميا، وطالب البعض باجراء بعض التعديلات على البيئة التشريعية المنظمة للعلاقة بين القطاع الحكومى والخاص لتشجيع المستثمرين على ضخ استثمارات جديدة بمشروعات البنية التحتية، ولا سيما أنها معروفة بكونها استثمارات ضخمة وطويلة الاجل.
قال المهندس محمود مرسى، الرئيس التنفيذى لشركة «بروسيلاب» القابضة، إن المشروعات الشبيهة لذلك تسمى «ميجا» نظرا لكونها مشاريع ضخمة وتحتاج استثمارات كبيرة وطويلة الأجل، ولا يمكن للدولة تنفيذها دون مشاركة القطاع الخاص، مشيراً إلى أن مشروعات البنية التحتية، خاصة بقطاع تكنولوجيا المعلومات تحتاج إلى تحالفات من عدة شركات لتنفيذها ولا يمكن تحمل شركة وأحدة لها.
أضاف مرسى أن السوق يعانى حالياً من حالة ركود وهو بحاجة لطرح مشروعات عملاقة تكون بمثابة خطط قومية للدولة، مما يشجع شركات القطاع الخاص سواء الأجنبية أو المحلية للمشاركة فى تنفيذها، كما يحفز البنوك للعمل على توفير حلول تمويلية للشركات المشاركة بالمشروع، وهو ما يحرك المياه الراكدة بالبنوك المصرية ويعود بالنفع اقتصادياً على المدى القريب والبعيد، ويرى أن الاحداث السياسية مؤقتة وستتغير آجلاً أم عاجلاً والشركات الأجنبية قبل المصرية تعلم ذلك جيداً، خاصة أن السوق المصرى يحظى بفرص نمو فى العديد من القطاعات على مستوى سوق الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
يرى مرسى أن البيئة التشريعية حالياً تسمح لتنفيذ مثل هذه المشروعات بالمشاركة مع القطاع الخاص مثل قانونى 76 و89 اللذين ينظمان العلاقة فى المشاركة بين القطاعين الخاص والحكومى، معتبراً أن القوانين لا تقف حائلاً فى تنفيذ المشروع بمشاركة الشركات الخاصة.
من جانبه، قال المهندس محسن فريد، مدير إدارة التخطيط الاستراتيجى بالشركة المصرية للاتصالات سابقاً، إن السوق حالياً بحاجة إلى ضخ استثمارات جديدة، وهو لن يحدث بدون طرح مشروعات عملاقة على شاكلة نشر البرودباند وغيرها من المشروعات التى تسهم فى تطوير البنية التحتية وتساعد فى تنفيذ الخطة القومية لتحويل مصر لمركز عالمى لنقل البيانات، مؤكداً عدم صعوبة جذب الاستثمارات لأنها موجودة بالفعل.
يرى فريد أن المشكلة هى تسويق المشروع، معتقداً أن مصر تفتقد إلى آليات تسويق مشروعاتها الكبرى للمستثمرين الأجانب.
طالب فريد بإعادة تهيئة البنية التشريعية لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة فى تطوير البنية التحتية للقطاع وجذبه لضخ استثمارات جديدة، متوقعا تحمس الدولة الفترة المقبلة لمشروعات البنية التحتية، ولا سيما بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مؤكداً فى الوقت ذاته على فرصة مصر فى أن تكون مركزاً لنقل البيانات، خاصة المنقولة من غرب آسيا إلى أوروبا وأمريكا أو إلى المنطقة العربية وأفريقيا، مطالبا بعدم الاكتفاء بدول الناقل للكابلات وإنما يجب أن تمتلك مصر « راوترات» لزيادة من قيمة الخدمة المقدمة والعائد المادى المحقق جراء مرور تلك البيانات.
الموقع الجغرافى يدعم فرص «السوق المحلى» لاقتناص مركزاً عالمياً للبيانات
حدد عدد من الخبراء العوامل التى ستساعد مصر فى أن تكون مركزاً عالميا لنقل البيانات أبرزها المركز الاستراتيجى الذى تتمتع به، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية حتى تكون قادرة على استيعاب التكنولوجيات الجديدة، وأنه لابد من جذب استثمارات تساعد فى ذلك وعدم الاكتفاء بالموقع الاستراتيجى فقط.
قال المهندس محمد عبدالرحيم، رئيس الشركة المصرية للاتصالات سابقاً، إن هناك عوامل عديدة يمكن أن تساعد مصر فى أن تكون مركزاً عالمياً لنقل البيانات، منها على سبيل المثال مركزها الاستراتيجى، موضحاً أنه فى احدى زياراته لكوريا أكد المسئولون هناك أن مركز مصر يمكن أن يجعلها تملك الحركة بين العالم، مشيراً إلى ضرورة جذب استثمارات فى هذا المجال تساعد فى ذلك وعدم الاكتفاء بالموقع الاستراتيجى فقط.
أكد أن من المهم أن يعمل كل شخص مهماته فقط دون أن يتدخل فى مهام الآخرين، وقتها سننجح فى الكثير من المشاريع المستقبلية والتى ابرزها استغلال موقعنا الجغرافى واستثماره على الوجه الأمثل.
فيما قال يحيى ثروت، العضو المنتدب لشركة « لينك ايجيبت «، ان وضع مصر الجغرافى مهم ومن العوامل التى ستساعد مصر فى تحويلها إلى مركز عالمى لنقل البيانات، مشدداً على أهمية تطوير البنية التحتية لمصر حتى تكون قادرة على استيعاب التكنولوجيات الجديدة ولكى تساهم فى أن تكون مركزاً عالمياً بالفعل فى نقل البيانات.
أشار العضو المنتدب لشركة «لينك ايجيبت»، إلى أن استقرار الاوضاع من العوامل المهمة التى ستساهم فى تشجيع الاستثمار فى مصر، وهو ما سينعكس بدوره على تقديم خدمات جديدة، الانترنت فائق السرعة وزيادة الكابلات البحرية المارة بمصر. أكد ثروت أن زيادة حجم الاستثمارات فى التكنولوجيا سيساهم بدوره فى نمو وتشجيع العديد من الصناعة المرتبطة بها، وزيادة فرص العمل وغيرها من الأمور التى تساهم بشكل كبير فى دفع عجلة الاقتصاد.
تطوير البنية التحتية وتشجيع الاستثمارات ونقاش مجتمعى أهم الخطوات التنفيذية
طالب عدد من مسئولى قطاع الاتصالات بضرورة عقد نقاش مجتمعى حول مشروع تحويل مصر إلى مركز عالمى لنقل البيانات لمعرفة أهم التحديات وآليات التنفيذ، مشددين على ضرورة تشجيع القطاع الخاص للمشاركة فى تطوير البنية التحتية من خلال أسس تشريعية تنظم العمل بين الجانبين بشكل أفضل، معتبرين خطة نشر البرودباند خطوة فى هذا الشق، فيما أكدوا ازدهار العديد من الانشطة جراء تنفيذ المشروع مثل « تطبيقات المحمول – تخزين البيانات ونقلها – الكول سنتر».
قال المهندس طارق الحميلى، رئيس شركة «تيفوتيك»، ان خدمات البيانات والأنشطة القائمة عليها هى المستقبل وأمام مصر فرصة كبيرة لكى تأخذ الريادة فى هذا الشق بدعم من مكانها الجغرافى الذى يتوسط العالم، مشيراً إلى مرور أكثر من 18 كابل بحرى لخدمات الانترنت بمصر مدعومة بسواحلها التى تطل على البحرين المتوسط والأحمر، خاصة مع ازدياد استهلاك البيانات خلال الفترة الحالية ونموها بدعم من زيادة الخدمات القائمة عليها ونمو انتشار الهواتف الذكية.
أكد أن المستقبل سيكون لخدمات البيانات ونقلها، متوقعاً أن يكون المستقبل القريب عبارة عن علاقة « ماكينة لماكينة «، بمعنى أن يصبح من الطبيعى اصدار المستخدم أمرا من هاتفه الذكى للمنزل للقيام بأمور كان يقوم بها هو شخصيا فى الماضى.
أضاف أن موقع مصر الذى يربط بين آسيا وافريقيا وأوروبا وأمريكا يجهزها لتكون ممر أمن للكابلات البحرية، مشيراً إلى ضرورة زيادة الاستثمارات فى هذا الشق، من خلال دعوة القطاع الخاص للمشاركة فى تطوير وتجهيز البنية التحتية، وهو ما يجعل مصر ممر ومقر لتخزين البيانات، بالاضافة إلى ضرورة تركيز الحكومة الفترة القادمة على جذب استثمارات القطاع الخاص لهذا المشروع، مع اعتباره حدث قومى بحيث يلتف حوله جميع الجهات التنفيذية.
يرى الحميلى أن أولى الخطوات التى يجب تفعيلها فى هذا الاطارهو تنظيم حدث يدعو له منظمات المجتمع المدنى والشركات المصرية والعالمية والخبراء، وعقد نقاش مجتمعى عن آليات تحويل المشروع إلى واقع فعلى لمعرفة الاحتياجات والتحديات لتنفيذه، مشيراً إلى أن خطة نشر البرودباند تعتبر خطوة استباقية لجعل مصر مركزا لنقل البيانات، حيث ان الاستخدام المتزايد لخدمات نقل البيانات يزيد من الحاجة الخدمة، مما يجعل السوق جاذب لضخ استثمارات فى هذا الشق.
أوضح الحميلى أن هناك العديد من الصناعات التى يمكن أن تزدهر عبر تحول مصر إلى مركز لنقل البيانات أبرزها تطبيقات المحمول وتخزين البيانات ونقلها، مشيراً إلى مساهمة ذلك فى زيادة الدخل القومى بشكل جيد حال تنفيذه.
وقال المهندس عثمان أبو النصر، مدير شركة «نوكيا سيمنز» بمصر وشمال افريقيا، ان موقع مصر المتميز يجعلها مركز لنقل وتخزين البيانات ولدينا شركات حكومية خاصة تمتلك خبرة فى هذا النطاق، وهو ما يزيد من فرصنا نحو تفعيل المشروع، معتبرا أنه يجب على الدولة أن تعمل خلال الفترة الحالية على زيادة الحاجة إلى خدنات « الداتا « من خلال تفعيل خدمات الحكومة الالكترونية، مع تطوير البنية التحتية التكنولوجية.
يرى أبو النصر أن تنفيذ هذا المشروع سيسهم بشكل كبير فى تميز البلاد بعدد من الصناعات مثل التطبيقات والكول سنتر اضافة إلى الدخل الذى يعود على الاقتصاد جراء خدمات النقل للداتا، مطالبا بضرورة عقد نقاش مجتمعى حول المشروع وبحث ابرز المعوقات التى تواجه القطاع الخاص فى ضخ الاستثمارات مع تنظيم العلاقة بينه والجنب الحكومى من خلال تشريعات للشراكة بين الجانبين تشجع للمشاركة فى تطوير البنية التحتية.
تهالك البنية التحتية والتشريعات القانونية أبرز تحديات المشروع القومى
مطالب بتسهيلات للحصول على الموافقات الأمنية لتطوير البنية التكنولوجية
يعد تهالك البنية التحتية التكنولوجية وعدم انتشار البرودباند من أهم التحديات التى تواجه تحويل مصر الى مركز عالمى لمرور البيانات، اضافة الى وقوف التشريعات القانوينة عائقا فى طريق التنفيذ الفعلى للمشروع.
قال حمدى الليثي، الرئيس التنفيذى لشركة ليناتل للاتصالات أن تحويل مصر إلى مركز عالمى للبيانات فكرة جديرة بالاحترام يمكن أن تسهم فى تغيير مصر إلى الافضل، مبينا أن موقع مصر ومرور كابلات الانترنت من خلالها يؤهلها بنسبة عالية لأن تكون مركزآ اقليميآ يمر من خلاله بيانات للمنطقة وللعالم.
وعن التحديات التى يمكن أن تواجه مصر فى تنفيذ هذا المشروع يرى الليثى ضرورة أن تكون مصر على دراية عالية بمجال التطور الذى يشهده قطاع تكنولوجيا المعلومات، كما يجب إتاحة البيئة التشريعية لكى تسمح بالتوسع فى هذا المجال بالاضافة إلى تعاون الدولة فى تعجيل الموافقات من الجهات السيادية، مضيفآ أن مصر تحتاج ايضآ إلى التوسع فى مجال البرودباند ليصل إلى جميع ارجاء مصر. وأشار إلى أنه يجب التغلب على هذه التحديات بتقليل الصراعات الداخلية وتأهيل المناخ لجذب الاستثمارات، كما يجب التعاون مع الشركات الاجنبية، بالاضافة لتدريب الكوادر البشرية بكورسات تحديث للتكنولوجيا الحديثة لتأهليهم.
على النقيض يرى طلعت عمر رئيس الجمعية العلمية لمهندسى الاتصالات إن تحويل مصر إلى مركز للبيانات مجرد تصريحات على هامش معرض «كايرو اى سى تي» لايمكن تنفيذها فى مصر، معللاً هذا أن مصر حتى الان هى أفقر دول المنطقة فى المحتوي، كما أن مصر تمتلك بنية تحتية متهالكة.
أضاف عمر أن تنفيذ مثل هذا المشروع يحتاج بيئة حاضنة، وبنية تحتية قوية، وبيئة تشريعية بالاضافة إلى إمكانية المنافسة على مستوى العالم، لجعل المحتوى يصل إلى مستوى العالمية، موضحاً أن قطاع الاتصالات يُعانى مشاكل وتخبطاً فى التخطيط.
«دبى» و«إسرائيل» تنافسان مصر لتمرير كابلات البيانات العالمية
يرى عدد من مسئولى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات محليا أن موقع مصر الجغرافى يدعم فرصها فى التحول الى مركز لنقل البيانات، فيما تعمل عدد من البلدان المجاورة فى المنافسة بهذا الشق مثل دبى التى تحاول الترويج لهذا النشاط، اضافة الى إسرائيل التى تعمل على ربط البحر الأحمر بالبحر الميت.
قال محمد أبو قريش، الأمين العام للجمعية العلمية لمهندسى الاتصالات إن الجمعية العلمية لمهندسى الاتصالات عقدت اجتماعا منذ شهر وناقشت خلاله آليات استغلال موقع مصر الجغرافى لسهولة ربطه مع شرق اسيا وللتواصل مع اوروبا.
اوضح أن هناك فكرة أخرى يناقشها قيادات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر والتى يتم من خلالها تحويل مصر لمنفذ رئيسى للتكنولوجيا والانترنت للقارة الافريقية خاصة ان سواحل أفريقيا قليلة، اضافة الى كونها سوقاً بكراً فى هذا النشاط , كما ان موقع مصر يؤهلها لذلك .
نبه أبو قريش الى محاولة دبى الترويج لنفسها لتصبح ممراً لكوابل شبكات المعلومات من آسيا إلى اوروبا , مؤكداً أن موقع مصر الجغرافى يجعلها متفردة بين دول المنطقة فى هذا الشق.
وقال محمود ابو شادى نائب رئيس الشركة المصرية للاتصالات سابقاً أن قطاع الاتصالات لديه طموح منذ 10 سنوات للاستفادة من موقع مصر الجغرافى , بالاضافة إلى الاستفادة من إمكانيات شبكة الالياف الضوئية فى مصر من أجل توجيه الحركة العابرة.
اضاف أنه يجب الاستفادة من تدفق نقل المعلومات والصور لتقوية الشبكة بين الشرق والغرب فى مقابل مشجع فيما تتقاضاه مصر مقابل الخدمة .
وقال ابو شادى إن تحويل مصر إلى مركز لمرور البيانات حول العالم عملية تجارية تحتاج إلى فهم تجاري، وعمليات تسويقية، بالاضافة إلى الاتصال بالدول الاخرى كما يجب ضمان أمن البيانات، مستكملاً أنه يجب تشجيعها كسياسة تجارية لاستغلال موقع مصر الجغرافى ولتحقيق ايرادات مناسبة للبلد.مؤكداً أن موقع مصر الجغرافى جعلها تحظى بتنفيذ هذا المشروع دون منافس فى المنطقة العربية ولكنها تحتاج إلى عوامل جذب وتسويق.
وقال المهندس يحيى ثروت مدير شركة لينك ايجيبت ان إسرائيل تحاول أن تسوق لنفسها وتعمل على تطوير بنيتها التحتية، حيث تسعى الى حفر قناة لربط البحر الاحمر بالبحر الميت ما يشير الى امكانية استغلال تلك المنطقة لمرور كابلات المنطقة الاسيوية الى القارة الافريقية، ومن ثم يجب على مصر الاسراع فى تنفيذ الخطة للتحول لمركز عالمى لنقل البيانات.
