إنتقد الفقيه القانونى المستشار يحيى البنا وكيل إدارة التشريع بوزارة العدل وعضو لجنة إعداد مشروع قانون الإرهاب سابقا ، تراجع الدكتور حازم الببلاوى رئيس مجلس الوزراء عن إقرار مشروع القانون لمواجهة عمليات التخريب وبث الرعب لدى المواطنين .
كما إنتقد البنا الخلط الذى وقع فيه رئيس الوزراء حازم الببلاوى فى تصريحاته لوسائل الإعلام ، بين قانون العقوبات ، والقواعد الإجرائية للتعامل مع جناية الإرهاب والتخريب وترويع المواطنين.
وأوضح وكيل إدارة التشريع السابق بوزارة العدل ، أن العقوبات الواردة بقانون العقوبات تجاه المتهمين بجرائم الإرهاب تقوم بتطبيقها المحاكم ، لكن إجراءات الضبط والتكييف القانونى معها يختص بها جهاز الشرطة والنيابة العامة .
وأضاف أن الفارق كبير بين عصابة تخصصت فى إرتكاب جرائم سرقة بالإكراه ، وبين جماعة منظمة تنظيما هرميا ، تكون فيها القيادة هى المخططة للفعل الإجرامى ، ويكون التنفيذ من نصيب القاعدة المشكلة من شباب صغير منساق فكريا وراء القيادات التنظيمية .
ولفت إلى أن الإشكالية الكبرى المتمثلة فى قانون الإجراءات الجنائية الحالى تعكس فلسفة الجرائم التقليدية فى قانون العقوبات بإعتباره الوسيلة الضرورية لتطبيق قانون العقوبات.
وأوضح المستشار” البنا ” ، أن قانون الإجراءات الجنائية الحالى ، يتبنى فلسفة مغايرة تماما للفلسفة القائمة على خطورة جرائم الإرهاب وما تهدف إليه ، سواء من حيث توفير السرعة لمواجهة الجريمة الإرهابية ، وما تملكه السلطة التنفيذية من إجراءات الضبط الإدارى ، الذى يتم تحت إشراف السلطة الإدارية من أجل منع وقوع مثل هذه الجريمة ، أو الاجراءات اللازمة لكشف الحقيقة والقبض على مرتكبيها .
و شدد على أن الإلتزام بالقيود الإجرائية تعد ضمانة لعدم التعسف فى مباشرة هذه الإجراءات حماية للحرية الشخصية ، وسلطة مأمور الضبط القضائى القبض على المتهم ، وتفتيشه ، فى حالة التلبس ، بإرتكابه جريمة إرهابية والإسراع بتفتيش مسكنه وهو أمر غير مباح فى قانون الاجراءات الجنائية القائم !
وقال إن مدة التحفظ على المتهم 24 ساعة ، كاجراء إحتياطى ، غير كافية لكشف حقيقة المشتبه فيه .
وكشف عن وجود نصوص لحماية الشهود فى جرائم الإرهاب كإخفاء إسم الضابط الشاهد فى قضية إرهاب ، فى التحقيقات حتى لايتعرض للإغتيال ، وكذا الطبيب الشرعى وشهود الواقعة من الأشخاص العاديين !
وأكد المستشار ” البنا ” أنها كلها قواعد لايعرفها قانون الإجراءات الجنائية الحالى ، الذى يعتبر أن جريمة الارهاب جريمة غريبة عليه حشرت حشرا فى قانون العقوبات .
وأضاف ، أن نصوص قانون العقوبات وضعت توصيفا قانونيا للمنظمة الإرهابية ، لكن لا نص إجرائى يحدد الجهة صاحبة السلطة فى إصدار قرارات بإعتبارها منظمة إرهابية ، والأثر القانونى المترتب على هذا القرارات ، وطريقة الطعن فيه ، وكذا وسائل الضبط القضائى والإدارى المسموح بها لمواجهة هذه الجريمة ، سواء من الناحية الوقائية أو من ناحية القبض على الإرهابى ، وكذا الإجراءات الواجب إتباعها للتصدى لعمليات تمويل الارهاب !
وأوضح أن الجريمة الإرهابية يرتكبها فرد أو جماعة أو منظمة بغرض إلقاء الرعب بين أفراد المجتمع كافة ، وتعريض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر ، وعرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل الدستور أو القوانين أو اللوائح .
وقال ليس من المقبول أنه فى هذه اللحظات الفارقة من تاريخ أمتنا ، أن يخرج علينا رئيس الوزراء بتصريح أعلن فيه تراجعه عن إصدار تشريع جديد لمكافحة الإرهاب مكتفيا بمواد مكافحة الإرهاب الموجودة فى قانون العقوبات .
وكشف المستشار ” البنا ” عن إثارة هذه الإشكالية فى عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك أثناء إعداد مشروع تعديلات دستور 71 عام 2007، وتم تشكيل لجنتان لإعداد مشروع قانون لمكافحة الإرهاب ، الأولى برئاسة الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب المنحل , والأخرى برئاسة الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية آنذاك ، و كنت عضوا بهاتين اللجنتين بإعتبارى وكيلا لإدارة التشريع بوزارة العدل آنذاك .
وبذل المشاركون فيهما جهدا عظيما من أجل وضع تشريع شامل لمكافحة الإرهاب يجمع بين نصوص قانون العقوبات والإجراءات الخاصة بهذه الجريمة ، وفى ذات الوقت يحقق التوازن بين الوقاية من جريمة الإرهاب ومكافحتها ، وبين مراعاة ضمانات الحرية الشخصية للمتهم .
وقال إن عمل هاتين اللجنتين إصطدم بالهدف الحقيقى الكامن فى نفس السلطة الحاكمة وهو الوصول إلى مطلب لتعديل الدستور بحجة مواكبة التغيرات التشريعية ، ومن ثم توقف عمل اللجنتين جبرا لحين تعديل الدستور.
وكشف المستشار ” البنا ” عن سر توقف عمل اللجنتين ، لأن الهدف من تعديل بعض مواد دستور1971 تمرير مادة التوريث الشهيرة رقم 76 ، ولم يرى مشروع قانون الارهاب النور حتى الآن .