التراجع السريع للبطالة بالبلدين يدفع «كارنى» لربط رفع الفائدة بالنمو و«يلين» تتمسك بتراجعها لـ %6.5
قلة من البنوك المركزية لديها ثقة أكبر بقوة تصريحاتها من تلك التى يتحلى بها مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا المركزى، وجانيت يلين، رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالي، فكلاهما مدافعان أقوياء عن “الإرشادات المستقبلية”، أن البنوك المركزية تستطيع أن تؤثر على الأوضاع النقدية اليوم من خلال التزامها بالسياسة التى ستتبناها غدا.
وكان كارنى هو رائد هذا النهج عندما تولى منصب محافظ البنك المركزى الكندي، وقبل ترقيتها كانت يلين تدلى بتصريحات أكثر وضوحا من أى وقت مضى بشأن تحركات بنك الاحتياطى الفيدرالى المستقبلية.
ومن المعروف أن مارك كارنى هو أول أجنبى يكون مسئولاً عن السياسة النقدية بإنجلترا، وتولى منصبه خلفا لميرفين كينج منتصف العام الماضي.
واليوم يصارع كل منهما مشكلة حرجة لأن الاستراتيجية التى قاما بتأييدها لا تؤتى ثمارها كما هو متوقع، وحتى الآن، يبلى كارنى بلاءً أفضل فى التعامل مع توابع تلك المشكلة.
ولتعزيز التعافى الباهت، يتبنى كلا البنكين المركزيين نموذجاً صريحاً غير معتاد من الإرشادات المستقبلية، فقد تعهدا بعدم النظر فى رفع أسعار الفائدة حتى تتراجع معدلات البطالة الى مستوى محدد وهو %6.5 فى أمريكا و%7 فى بريطانيا.
عندما تم الاعلان عن تلك التعهدات فى ديسمبر 2012 واغسطس 2013 على التوالي، كانت معدلات البطالة أعلى بكثير من النسبة المحددة، وكان يتوقع تراجعها ببطء، وكانت الارشادات المستقبلية، فى الواقع، بمثابة تعهد للحفاظ على معدلات البطالة منخفضة لفترة طويلة. ولأسباب مختلفة تراجعت معدلات البطالة سريعا بشكل غير متوقع على جانبى المحيط الأطلسي، ونتيجة ذلك، اصبح البنكان المركزيان على مقربة من مستوياتهما المحددة لمعدلات البطالة، رغم أن معدلات التضخم آخذة فى التراجع وعدم زيادة الأجور والتعافى الاقتصادى فى كلا البلدين لا يزال هشا، لذلك، لا يعتزم أى من البنكين رفع أسعار الفائدة، ولكن بدلا من توضيح نواياهما، فإن المستوى المحدد للبطالة يشوش عليهما.
واستجاب البنكان بطرق مختلفة لمشكلة البطالة، فقد خفض الاحتياطى الفيدرالى، ولكنه لم يتخل عن رقمه السحري، وتقول لجنة السياسة النقدية الآن إنه لن يتم النظر فى رفع أسعار الفائدة حتى تقل معدلات البطالة عن %6.5.
وقالت يلين فى أول شهادة لها أمام الكونجرس الاسبوع الماضى إنها سوف تأخذ فى الاعتبار التدابير الأخرى، مثل عدد العاطلين عن العمل لفترة طويلة ونسبة العمال الذين يريدون وظائف كاملة الوقت ولم يستطيعوا العثور عليها، ولكنها لم تقدم أى تفاصيل بشأن ما يمكن أن يشكل تحسنا كافيا.
وعلى النقيض، أعلن كارنى فى الثانى عشر من شهر فبراير الجارى عن إطار عمل جديد، فقد ألغت «الارشادات المستقبلية II» المستوى المحدد للبطالة، وتم تقديم شرح شامل لخطط البنك المركزي.
ويقول كارنى إنه لا يزال هناك “إنتاجية فائضة” فى الاقتصاد البريطانى تبلغ حوالى 1-%1.5 من الناتج المحلى الإجمالي، ويعد هدف كارنى هو التخلص من الركود خلال العامين أو الثلاثة المقبلة، ولن تبدأ أسعار الفائدة فى الارتفاع حتى يقترب النمو الاقتصادى من سرعته الفائقة، وعندما ترتفع أسعار الفائدة بالفعل، فسوف ترتفع ببطء لتصل الى حوالي %5.
فأى النهجين أفضل؟ فقد نزع غموض يلين أنياب منتقديها، إذ يعنى غياب الارقام أن سياسة الاحتياطى الفيدرالى لا تزال سليمة، وعلى النقيض، أدان البعض التغير الصارخ فى نهج كارنى ورأوا أنه يضعف مصداقيته.
ولكن “الارشادات المستقبلية” الجديدة أقنعت رجال الاعمال والمستثمرين بأن أسعار الفائدة لن ترتفع قريبا، رغم التسارع الأخير فى معدل النمو البريطاني، وتتوقع أسواق المال أن تبدأ أسعار الفائدة الارتفاع فى ابريل 2015، وبدون تلك الارشادات المستقبلية لتوقعت اسواق المال زيادة اسعار الفائدة فى القريب العاجل.
وقد أرسل إطار العمل الجديد لبنك إنجلترا المركزى رسائل أوضح الى الأسواق عن بنك الاحتياطى الفيدرالي، ويعود ذلك بشكل كبير لأن الارشادات المستقبلية البريطانية اكثر تفصيلا، فالمستثمرون فى بريطانيا لديهم الآن معلومات عن حجم وسرعة ارتفاع اسعار الفائدة، اللذين يعتبران اقل تحديدا الآن فى امريكا، وسوف يعطى هذا الوضوح ميزة لكارنى على المدى الطويل.