كشف تقرير لـ « ذى بانكر » أن القطاع المصرفى المصرى يبحث عن فرص لتحقيق النمو وسط الأزمة السياسية التى تمر بها البلاد حالياً .
وأشار التقرير إلى أن البنوك المصرية فى عزلة عن الأزمة المالية العالمية، ولكن باستمرار حالة عدم الاستقرار السياسى منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك، يتساءل الكثيرون إلى أى مدى بنوك الدولة قادرة على تخطى التباطؤ الاقتصادى.
قالت «ذى بانكر» إن التحول الديمقراطى فى مصر لم يسر بسلاسة وإنما شهد تعاقب عدد من الإدارات التى انتقلت من حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك الذى أطيح به فى ثورة شعبية فى 2011 ليصبح الحكم بين القوات المسلحة والرئيس الإسلامى المنتخب ديمقراطياً محمد مرسى ثم الإطاحة بحكمه من قبل القوات المسلحة مرة أخرى.
وشهد النصف الثانى من عام 2013 الحكومة مدعومة من الجيش فى ظل إجراءات صارمة ضد أنصار السيد مرسى ما ترك مئات القتلى وآلاف المعتقلين، وفى الوقت ذاته، بدأ التمرد فى شمال البلاد حيث قتل مئات من المتشددين من أفراد قوات الأمن، وانتشرت هجمات الارهاب بما فى ذلك تفجيرات السيارات فى جميع أنحاء العاصمة.
وأدى عدم الاستقرار السياسى إلى انخفاض التدفقات من الاستثمار الاجنبى وانخفاض عوائد السياحة وثقة المستهلكين، فى حين لا تزال البطالة ترتفع بجانب زيادة الدين الحكومى والتضخم. ويوجد ما لا يقل عن %40 من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، وفقا للأمم المتحدة، الوضع الاقتصادى فى البلاد غير مستقر للغاية حيث إنه تم فقط تجنب أزمة فى ميزان المدفوعات وذلك بفضل مليارات من الدولارات مساعدات من دول الخليج.
قالت زينب هاشم، رئيس قطاع الخزانة والمعاملات الاجنبية فى البنك الاهلى المصرى وهو اقدم وأكبر بنك فى الدولة، «إن الاقتصاد المصرى يعانى أزمة منذ 2008 والبنوك تتعامل مع الوضع باحترافية منذ تلك الفترة».
العد التنازلى للانتخابات
مصر تستعد حالياً لانتخابات الرئاسة وظهر ذلك فى تنحى السيد عبدالفتاح السيسى من منصبه على رأس القوات المسلحة حتى يتمكن من الترشح لمنصب الرئاسة ومن المتوقع فوزه بسهولة، ووعد السيسى شعبه بإدارة اقتصادية افضل من الحكومة السابقة مع توقع الكثير فى أنه سيرأس العودة إلى النمو القوى بعد ثلاث سنوات مضت.
وعلى الرغم من ذلك يرى آخرون أن صعود السيسى إلى السلطة يعتبر عودة نظام ما قبل 2011، والاقتصاديون حذروا، وتوقع البنك الدولى %2.2 معدلا للنمو الاقتصادى فى 2014، بتحسن هامشى من %2 فى 2013 ولكنها بعيدة عن %5 و7% المعدلات المحققة فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك.
وبالتالى فإن حالة الاضطراب وعدم اليقين كان لها تأثير حتمى على القطاع المصرفى، وجددت وكالة موديز فى فبراير نظرتها السلبية على القطاع المصرفى نتيجة المناخ السياسى غير المستقر وتعرض الدولة للمزيد من الديون الحكومية.
ومع ذلك، فإن البنوك أثبتت أنها مرنة بشكل ملحوظ، ويرجع ذلك جزئيا إلى التغييرات الجذرية والإصلاحات المحققة فى عامى 2003 و2004، والتى تركت البنوك برأسمال قوى وبإدارة ذوى خبرة على الصعيد الدولى.
و قال «إدوارد ماركس»، العضو المنتدب لبنك باركليز إن الإصلاحات تعنى أنه عند بداية الازمة المالية العالمية فى 2008، فإن البنوك المصرية كانت منعزلة بشكل جيد نسبيا، مشيراً إلى أن الميزانيات العمومية ونسب القروض إلى الودائع جيدة، قائلا «نحن لم يكن لدينا مشاكل البنوك الاوروبية».
و أوضحت هاشم المصرى «أنه منذ ذلك الحين، فان العديد من المؤسسات المالية سجلت نتائج قوية، وكان البنك الاهلى الذى لديه حصة فى السوق تتراوح بين %20 و%27 بالاصول والقروض والودائع، مضيفة أنه كلما كانت هناك أزمة فى مصر فإن قاعدة ودائع البنك تنمو لأنه ينظر إليها بأنها الملاذ الآمن.
نتائج البنوك فى ظل الأزمة
قال «ماركس» إنه فى الوقت ذاته، بنك باركليز الذى لديه مركز رئيسى يقع حوالى 150 مترا من ميدان التحرير فى القاهرة والذى كان نقطة محورية للاحتجاجات، حقق أكبر أرباحا بعد خصم الضرائب من خمس سنوات فى عام 2013.
وفى الطرف الآخر، فإن المكتب الممثل لبنك دوتشيه فى القاهرة شهد أداء قياسياً فى عامى 2012 و2013، وذلك بفضل عمليات تقديم الخدمة القوية من البنك.
قال هشام عز العرب، رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب للبنك التجارى الدولى (CIB) وهو اكبر بنك خاص فى مصر، إنه على الرغم من ذلك فإنه مازال هناك وقت طويل لكى يتفوق القطاع المصرى على بقية قطاعات الاقتصاد خاصة حين يواصل عملاؤه فى المعاناة، قائلا«إن التحدى الاكبر الذى يواجهنا فى النمو لأن قاعدة العملاء لا تنمو».
وقالت هاشم المصرى إن جزءاً كبيراً من السيولة المرتفعة فى ميزانيات البنوك تتوجه إلى الأذون والسندات، حيث إنه ما يقرب من %50 من محفظة البنك الاهلى المصرى تتكون من الأوراق المالية الحكومية، مشيرة إلى أن هذه النسبة غير مفضلة ونتيجة لذلك تظهر الكثير من الانتقادات المشتركة للقطاع المصرفى يتمثل فى أنه يمول الحكومة ويبتعد عن الإقراض للقطاع الخاص، ولكن أجابت هاشم أنه على الرغم من ذلك يوجد الحلول الكثيرة أمام البنوك.
وتابعت أن الكثير من أموالنا فى الأذون والسندات والناس تتساءل فى مدى صحة قيام البنوك بالحصول على أموال العملاء بدلا من اقراضهم، فأجاب هاشم بـ «لا»، حيث إن الأموال الفائضة هى التى يتم وضعها فى الأذون والسندات.
فرص الإقراض
يوجد العديد من الطرق أمام البنوك لمواجهة تحدى النمو وتطوير فرص الإقراض، ويعد الرهن العقارى إحدى السبل الممكنة التى تساهم فى زيادة الثروات والعوائد سواء بالنسبة للبنوك أو قطاع البناء والتشييد.
وقال عز العرب إن إنشاء سوق كفء أمر بعيد من صناعة البنوك، على الرغم من ذلك فإن القضية المهمة تتمثل فى أن المستويات العالية من البيروقراطية تعنى أن تطبيق الرهن العقارى غالبا ما يستغرق شهوراً للمعالجة، ذاكراً أن العملية الصحيحة تستغرق 30 يوماً كحد أقصى بين الحصول على قرض والحصول على العقار الخاص بك.
وقال عز العرب إن الحكومة حاولت تبسيط العملية وأطلقت إصلاحات رائدة فى مارس على العقارات المباعة من قبل الدولة لشرائح ذوى الدخل المنخفض من السكان.
