بقلم: إدوارد لوس
صنع جون بولسن ثروته نتيجة تحوطه ضد فقاعة الإسكان الأمريكية، واليوم يراهن الملياردير صاحب صندوق التحوط على انهيار النظام السياسى الأمريكى، وهذا المرة لديه صحبة، فقد أقام مليارديرات آخرون دعوى قضائية لإجبار وزارة الخزانة الأمريكية على دفع أموال طائلة للمساهمين من جيوب شركات الإسكان التى ترعاها الحكومة وأنقذتها فى عام 2008.
وفى عام 2008، قامت الحكومة الأمريكية «بكل ما قد يتطلبه الأمر» لإنقاذ الاقتصادى العالمى من العودة إلى 1930، وكان إنقاذ الأشخاص الذين تسببوا فى الأزمة بمثابة مشهد قبيح ساعد على تكدير السياسة فى الولايات المتحدة، ولكنه كان شر لا مفر منه، فالبديل كان أسوأ مما يمكن تخيله.
ووفقا لما يحدث عادة، فإن النظام الأمريكى يعمل تحت حس الطوارئ، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى طريقة عمله فى الأوقات الطبيعية، وكان اثنان من أكبر المستفيدين من مكافحة واشنطن لنيران الأزمة هما فانى ماى وفريدى ماك للرهن العقارى واللتان أخذا 178.5 مليار دولار من أموال دافعى الضرائب لتبقيا على قيد الحياة، وبدون هذه الأموال، لكان تجمد نظام تمويل الإسكان الامريكى بالكامل ومعه الاقتصاد العالمي، ولاختفت الشركتان من الوجود.
وبعد ست سنوات، يقدم بعض أكثر الأغنياء فى العالم التماسات للمحاكم لمحاسبة المساهمين فى فانى ماى وفريدى ماك على إنقاذهما من قبل دافعى الضرائب، لكن الشركتين قالتا الأسبوع الماضى إن إجمالى الأرباح التى دفعت لوزارة الخزانة الأمريكية وصلت 213 مليار دولار منذ 2009 أى أكبر من قيمة حزمة الإنقاذ الأصلية.
ورغم شطب الشركتين من البورصة، فقد اشترى المستثمرون أسهمهم العادية والممتازة من السوق السوداء ويريدون الآن عودتهما لساحة المضاربة، وتجادل وزارة الخزانة الأمريكية بأن الأرباح لا تعتبر سداداً لحزمة الانقاذ، وعلاوة على ذلك، فإن الحكومة هى التى ستدفع الفاتورة إذا ذهب سوق الإسكان فى الاتجاه المعاكس.
وتوقع بيل أكمان، المستثمر الناشط، الأسبوع الماضى أن القضية ستذهب فى الأخير إلى المحكمة العليا فى الولايات المتحدة، ونظراً لسجلها الحديث، فهذا ليس مطمئناً لدافعى الضرائب الأمريكيين، ولكن اللعبة الحقيقية لصناديق التحوط هى وقف الكونجرس عن تمرير تشريعات من شأنها تصفية الشركتين العملاقتين وأن يجبر القطاع الخاص على مشاركة عبء المخاطر الكبيرة للرهن العقاري.
وحققت صناديق التحوط نجاحا كبيرا الأسبوع الماضى حيث تم تجميد قانون إصلاح فانى وفريدى فى مجلس الشيوخ الأمريكى ومن المرجح ألا تتم الموافقة عليه فى 2014، وفى الحقيقة، فإن ضغطهم بشدة على الكونجرس هو أحد أسباب تعثر الموافقة على القانون.
وإذا انتصرت صناديق التحوط، فسوف ينال حملة الأسهم 33 ملياراً من أموال دافعى الضرائب، وإذا خسروا، فلن تزيد نفقاتهم على كونها نقطة فى بحر، وبلغ إجمالى الإنفاق على جماعات الضغط فى واشنطن 3.2 مليار دولار فقط فيما يعد مبلغا ضئيلا جدا مقابل العائدات المتوافرة.
والمخاطر المحيطة بمستقبل سوق الإسكان الأمريكى مرتفعة بما يكفي، فخلال السنوات الذهبية قبل الأزمة، استفادت فانى وفريدى كثيرا نتيجة اعتبارهما من قبل المستثمرين أكبر من أى تنهاران مما مكنهما من الاستدانة بأسعار منخفضة تقارب الأسعار السيادية، وقامت فانى وفريدى مثلها مثل أى شركة فى وول ستريت بالتمهيد إلى الأزمة العقارية حتى وإن لم تكن من اختراعها، وتصفيتهما هى بدون شك أكبر جزء من الأعمال التى لم تنجز بعد منذ 2008.
وعلاوة على ذلك، فإن جودة الديمقراطية الأمريكية على المحك أيضا، وإذا استطاع عمالقة صناديق التحوط السيطرة على اثنين من أصل ثلاثة فروع للحكومة الأمريكية وفقا لرغبتهم، سيعد ذلك أول سابقة من نوعها والتى لها آثار سامة، ففى ظل وجود أموال وفيرة، يمكن شراء أى شيء ويمكن عرض السياسة العامة لأعلى مشترٍ.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز