صدمة فى الأسواق العالمية بعد هبوط أسعار المحرك الرئيسى للاقتصاد
لم تعد روسيا، أكبر منتج للبترول فى العالم قادرة على الاعتماد على عائدات البترول فى ظل تراجع الأسعار لإنقاذ الاقتصاد الذى يعانى من العقوبات الأوروبية والأمريكية، فى الوقت الذى تعانى فيه إيران أيضاً من عقوبات مماثلة، وتنشغل نيجيريا بمحاربة التمرد الإسلامي، بينما تعانى فنزويلا، من اضطرابات فى السياسة المالية والسياسية وتصّنف أيضاً من بين أكبر الخاسرين من قرار منظمة الأوبك بعدم خفض الإنتاج فى الأسبوع الماضى.
ويهدد التراجع الحاد فى أسعار البترول بنفس التأثير العالمى لهبوط الأسعار قبل ثلاثة عقود الذى أدى إلى أزمة الديون المكسيكية وانهيار الاتحاد السوفيتى، كما يبرهن على أنه الأسوأ منذ انهيار النظام المالى عام 2008.
وأدى تراجع أسعار البترول إلى وقوع هزيمة كبيرة فى أسواق السلع حول العالم بالإضافة إلى الأنباء المخيبة للآمال من أمريكا والصين الأمر الذى تسبب فى توتر أسواق الأسهم.
ذكرت صحيفة الفاينانشيال تايمز أن تكلفة تراجع البترول وتفاقم المخاوف بشأن التضخم العالمي، دفعا العديد من عوائد السندات السيادية حول العالم إلى مستويات قياسية.
وهبط سعر خام برنت بعد قرار الأوبك بعد تخفيض الإنتاج بنسبة %3.2 ليتراجع دون مستوى 70 دولاراً للبرميل ويقترب من مستوى 65 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ خمس سنوات، هذا بعد تراجعه بنسبة %12.7 الأسبوع الماضى.
وخلال منتصف جلسة أمس عوض خام البرنت بعض خسائره وكان يتداول عند 67.90 دولار للبرميل، بينما كان الخام الأمريكية، متراجعاً بنسبة %0.42 عند مستوى 65.87 دولار للبرميل.
وقال محللون فى بنك كريدى أجريكول، إن أسعار البترول ستظل المحرك الرئيسى للأسواق العالمية، ويتمثل الخطر فى أن أى تعديل على المعروض سوف يستغرق وقتاً طويلاً مما يدفع بمزيد من انخفاض الأسعار.
وهوت أسعار البترول فى غرب تكساس إلى أقل من 65 دولاراً للبرميل وهى أدنى مستوى منذ يوليو 2009 وسط تكهنات بأن الأسعار سوف تشهد مزيداً من الانخفاض على خلفية قرار الأوبك بعدم خفض الإنتاج.
وذكرت وكالة بلومبيرج أن أسواق البترول انهارت بسبب طفرة إنتاج البترول التى لم يسبق لها مثيل فى أمريكا الشمالية فى الوقت الذى يتباطأ فيه نمو الطلب العالمى.
وأفاد هانز فان كليف، اقتصادى الطاقة فى أمستردام، بأن السوق أصبح فى وضع هلع شديد وأن الأسعار ستشهد مزيدا من الانخفاض فى العام القادم أقل بكثير مما كانت عليه العام الجارى.
ويعتزم الكثير من أعضاء منظمة الأوبك خفض 1.5 مليون برميل من إنتاجهم أو %5 للمساهمة فى خفض حوالى 500 مليون برميل من إجمالى الإنتاج.
وأشار فيل فلين، كبير محللى السوق لدى برايس فيوتشر جروب، إلى أن حرب الإنتاج بدأت بالفعل وسيكون البقاء للأقوى وأضاف أن سعر البرميل سوف يصل إلى 60 دولاراً قريباً.
وأزعج تراجع أسعار البترول الأسواق العالمية من النايرا النيجيرية إلى السندات الفنزويلية والروبل الروسى، نظراً لأنها تهدد إيرادات الدول المنتجة.
وشكّلت العراق، ثانى أكبر منتج فى أوبك، لجنة للنظر فى سبل خفض العجز فى الميزانية المقترحة للعام القادم إلى مستوى واقعى يتماشى مع الأسعار الجديدة للبترول وفقاً لبيان مجلس الوزراء صدر مطلع الاسبوع الجارى.
وقال دانييل هاينز، استراتيجى السلع فى مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية لقد شاهدنا ظهور بعض عمليات الشراء الانتهازية فى الصين حيث تكافح لتعزيز مخزونات الطوارئ وقد تزيد الواردات بنسبة تصل إلى 700 ألف برميل يوميا فى عام 2015.
وأفاد مارى كلير، مدير مركز الطاقة فى المعهد الفرنسى للعلاقات الدولية بأن المملكة العربية السعودية، والامارات وقطر يمكنهما التكيف مع انخفاض أسعار البترول نسبياً لفترة من الوقت، ولكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لإيران والعراق ونيجيريا وفنزويلا والجزائر وأنجولا. فسعر برميل البترول هو الأهم بالنسبة للاقتصادات التى فشلت فى تنويع مصادرها.