البترول يرتفع جلسة أمس بعد فرض حالة القوة القاهرة على ميناءى السدرة ورأس لانوف
لم تؤد الانقسامات جراء الحرب الأهلية فى ليبيا إلى قتال حكومتين فقط من أجل السلطة، ولكن خلقت أيضاً منافسة بين محافظى البنك المركزى، ما يمهد الطريق إلى صراع محتمل بشأن السيطرة على عائدات البترول واحتياطيات العملة الأجنبية.
ويترأس عمر الكبير البنك المركزى فى طرابلس، رغم إقالته من منصبه فى شهر سبتمبر من قبل البرلمان المعترف به دولياً، الذى اتخذ مدينة طبرق، شرق البلاد،
مقراً له.
وعيّن برلمان طبرق على حبري، نائب محافظ البنك المركزى السابق، رئيساً للبنك المركزى، لكنه لا يستطيع التوصل إلى الأصول المالية الوطنية، التى مازالت تُدار من العاصمة طرابلس.
وتأتى هذه الانقسامات ضمن صراع كبير بين حكومتين متنافستين متحالفتين مع فصائل مسلحة بهدف السيطرة على احتياطيات البترول الضخمة فى إطار الاضطرابات المستمرة منذ ثلاثة أعوام ونصف العام بعد الإطاحة بمعمر القذافى.
وذكرت صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية، إن الصراع على المؤسسات الوطنية يهدد بدفع البلاد إلى حافة الانهيار.
وقال عبدالسلام ناصية، رئيس اللجنة المالية فى برلمان طبرق، إن الأمر صعب للغاية بالنسبة لحكومة الشرق لأنها لا تجد أموالاً كافية للإنفاق.
وصرح حبرى لصحيفة «فاينانشيال تايمز» بأنه يهدف إلى استعادة السيطرة على حساب عائدات البترول بحلول يناير المقبل، فى حال لم يتم التوصل لـ«صيغة توافقية» مع طرابلس، التى تقع تحت سيطرة الإسلاميين.
وأضاف: «من السهل جداً نقل العائدات، ولكننا ندرس رد فعل الجانب الآخر، ويمكن أن نتوقع أى شيء، لذلك يجب أن نحرص على تقوية الجانب الأمنى فعملية الاستيلاء على الأصول يمكن أن تشعل حرباً».
ولجأت الحكومة القائمة فى طبرق فى الربع الأخير من 2014 إلى بيع سندات خزانة بقيمة 2.3 مليار دولار للبنوك المحلية، ومع ذلك، فالخدمات المصرفية فى شرق البلاد تكاد تكون معدومة بسبب الانفصال عن طرابلس، حسبما قال جمال عبدالملك، رئيس مجلس إدارة بنك التجارة والتنمية المملوك للقطاع الخاص.
ويحرص دبلوماسيون غربيون على منع ليبيا من الانقسام، وينشغلون بمعرفة كيفية تعامل الجانبين مع البنك المركزى وغيره من المؤسسات، مثل الهيئة الليبية للاستثمار، والصندوق السيادي، والمؤسسة الوطنية للبترول.
وحذّر مسئولون دوليون وغيرهم من المراقبين من خسارة ليبيا لثروتها البترولية الكبيرة وحرقها لها، حال استمرار الحرب الدائرة هناك. ويصل إنتاج البترول فى ليبيا إلى 800 ألف برميل يومياً فى الوقت الراهن، وهو نصف معدل الإنتاج قبل سقوط القذافى الذى بلغ 1.6 مليون برميل يومياًَ.
وأدت انتكاسة أسعار البترول الحالية إلى خلق حالة من الاكتئاب، تجعل من الضرورى استخدام الاحتياطيات لسد العجز فى الموازنة الذى ارتفع ليصل إلى نصف الناتج المحلى الإجمالي.
وأوضح محمد القرشى، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى فى ليبيا، أن كل انخفاض لأسعار البترول بنسبة %10 يقابله عجز فى الموازنة بنسبة %2.
وأضاف أن البلاد بحاجة إلى أن يصل سعر برميل البترول إلى 135 دولاراً عند مستويات الإنتاج الحالية لموازنة ميزانيتها التى بلغت 47 مليار دولار العام الجارى.
وأوضح أن احتياطيات العملة تجاوزت بقليل 100 مليار دولار أغسطس الماضى، وفقاً لأرقام صندوق النقد الدولي، مسجلةً انخفاضاً من 121 مليار دولار بداية العام، ومع استمرار الصراع والقتال سوف تنفد الاحتياطيات الأجنبية فى أربع سنوات، ونتيجة صراع الفصائل الموالية للحكومتين المتنافستين، لجأت المؤسسة الوطنية للنفط ومقرها طرابلس، الأحد الماضى إلى إعلان حالة القوة القاهرة على ميناءى السدرة وراس لانوف، أكبر ميناءين لتصدير البترول فى البلاد.
وقالت المؤسسة فى بيان لها، إن البترول المتدفق إلى الميناءين سوف يتوقف تدريجياً، وإنه سوف يتم الاكتفاء بالحد الأدنى من العاملين فى الميناءين. ويسمح بند القوة القاهرة فى العقود للأطراف بعدم تحمل أى مسئولية تقصير فى الوفاء بالالتزامات التعاقدية فى الظروف الخارجة عن إرادة أى طرف، وأدى قرار المؤسسة إلى ارتفاع سعر البترول بعد تراجعه لأدنى مستوى منذ 5 سنوات، وصعد خام البرنت خلال منتصف جلسة أمس بنسبة %1.26 عند مستوى 62.63 دولار للبرميل، كما ارتفع الخام الأمريكى بشكل طفيف بنسبة %0.60 عند 58.16 دولار للبرميل.