13 سؤالاً وإجابة حول مستقبل منطقة اليورو
تمرد الناخبون اليونانيون على برنامج التقشف الذى فرضته برلين وبروكسيل مقابل منح البلاد قروضاً تساعدها على تمويل ديونها الضخمة، وحقق حزب «سيريزا» اليسارى المتشدد، انتصاراً ساحقاً فى الانتخابات العامة فى اليونان يمثل ضربة لتيار أحباء البقاء فى الاتحاد الذى يجمع معظم دول أوروبا ويدعم التيار الداعى للانسحاب منه، حيث حصل على %88 من الأصوات، فضلاً عن فوزه بأغلبية ساحقة فى البرلمان.
ويخشى اليونانيون أن تكون الأولوية بالنسبة للألمان وقادة أوروبا الشمالية هى الاستمرار فى تشددهم تجاه اليونانيين بهدف إرسال رسالات تحذير إلى الحكومات فى إسبانيا وإيطاليا وفرنسا بضرورة الالتزام بسياسات التقشف.
وأوضحت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، أن الانتخابات فتحت مرة أخرى باب الانقسامات التقليدى العميق بين حزبى اليسار واليمين فى اليونان الذى يعود إلى الاحتلال الألمانى والحرب الأهلية والحكم العسكرى حتى عام 1974، والانهيار الاقتصادى غير المسبوق فى السنوات الخمس الأخيرة.
● هل سيخلق الانتصار الساحق لحزب «سيريزا» اليسارى صداماً حتمياً بشأن تخفيف عبء الديون بين أثينا ومقرضيها الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولي؟
ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن الفجوة بين «سيريزا» ومقرضيها شاسعة، ولن يكون من السهل سد هذه الفجوة، فعلى المدى القصير، سوف يكون فى صالح الطرفين اتخاذ الخطوة السهلة التى تعد مفيدة جداً بمد فترة الموعد النهائى لحزمة الإنقاذ إلى ما بعد 28 فبراير.
ماذا سيكون تأثير مد فترة الموعد النهائى لحزمة الإنقاذ؟
سوف يمكن ذلك البنك المركزى الأوروبى من الاستمرار فى توفير السيولة للبنوك اليونانية بشروط ميسرة، وهذا الأمر سيكون حاسماً فى فترة تعانى فيها البلاد فترة من عدم اليقين السياسي، الذى يهدد باستمرار تدفق سحب الودائع من النظام المصرفى الذى ازداد فى فترة ما قبل الانتخابات.
● ولكن هل سيؤدى مد فترة الموعد النهائى إلى التوصل لاتفاق يخفف من عبء الديون؟
مد فترة الموعد النهائى لحزمة الإنقاذ، سوف يمنح أليكسيس تسيبراس، زعيم حزب «سيريزا»، والمقرضين وقتاً لالتقاط الأنفاس، حينئذ سيفكرون فى كيفية صياغة حل وسط على المدى الطويل دون المساس بعضوية اليونان فى منطقة اليورو، وهى خطوة لها عواقب لا يمكن التنبؤ بها بالنسبة للتسع عشرة دولة الأعضاء فى منطقة اليورو.
● هل ستخرج اليونان من منطقة اليورو؟
أوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أنه لا تريد أى حكومة فى منطقة اليورو ذلك، وأيضا غالبية اليونانيين، لا يريدون الانفصال، وسوف يكون هناك خطر سياسي على تسيبراس إذا اتخذ أى خطوة تهدد بخروج اليونان من منطقة اليورو، ولتجنب حدوث أى صدام، سيتعين على زعيم حزب «سيريزا» إبقاء المتشددين داخل حزبه تحت السيطرة.
وبينما ذكرت وكالة أنباء «بى بى سي»، أن مستقبل اليونان داخل منطقة اليورو ليس مضموناً، قالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إنها ترغب فى أن تظل اليونان «جزءاً من قصتنا».
وأكد تسيبراس، أن اليونان ستظل داخل منطقة اليورو، وتعهد بالتعاون مع القادة الأوروبيين فى التوصل إلى «حل عادل ذى منفعة متبادلة».
● إلى أى مدى سيتمرد حزب «سيريزا» على سياسات الاتحاد الأوروبى والنقد الدولي؟
ليس كثيراً، نظراً إلى أن الحكومة ليونانية يتعين عليها سداد ديون بقيمة 4.3 مليار يورو مستحقة فى مارس، وسداد ما يزيد على 6 مليارات يورو مستحقة فى يوليو وأغسطس، وربما يتم إصدار سندات حكومية قصيرة الأجل لتغطية الاحتياجات المالية فى اليونان فى المستقبل القريب، ولكن إذا لم يستطع حزب «سيريزا» إدارة التعثر، سيحتاج إلى مساعدة من مقرضيها- على الأقل الحصول على 7 مليارات يورو المتبقية من حزمة الإنقاذ التى أملت اليونان فى الحصول عليها العام الماضي- والحصول على خط ائتمانى احترازى جديد، واستمرار دعم المركزى الأوروبى للبنوك اليونانية.
● ماذا سيفعل حزب سيريزا الآن؟
رسخ الحزب اليسارى الراديكالى شعور الغضب بين اليونانيين تجاه سياسات الحكومة و«الترويكا» المكونة من المفوضية الأوروبية، والبنك المركزى الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والتى تفاوضت بشأن حزمة الإنقاذ الدولية.
ويذكر تقرير لوكالة أنباء «بى بى سي»، أن اليونان اقترضت حوالى 240 مليار يورو بموجب خطة إعادة هيكلة للديون منذ 2010، ولكن آخر جزء من الحزمة والبالغة قيمته 7.2 مليار يورو لا يزال يحتاج للتفاوض، ما قد يكون أول تحد كبير لحكومة سيريزا.
كما أن ذلك قد يخلق معضلة للحزب الذى أطلق حملته الانتخابية على أساس شطب جزء كبير من ديون اليونان الهائلة، التى تبلغ %175 من الناتج المحلى الإجمالي، فكيف سيقنع ● الحزب الدائنين بإقراضه المزيد من الأموال فى الوقت الذى يريد شطب معظم ديونه؟
واستند البرنامج الانتخابى للحزب إلى معالجة أزمة غلاء المعيشة، وإنعاش الاقتصاد، وزيادة الحد الأدنى للأجور من 580 يورو إلى 751 يورو شهرياً، وعلاوة على ذلك يريد الحزب عقد «مؤتمر أوروبى بشأن الديون» من أجل وضع أساس معقول لسداد بقية الدين بعد شطب جزء كبير منه.
● ما هى فرص الحزب اليسارى فى شطب بعض الديون الأجنبية لليونان التى بلغت %175 من الناتج المحلى الإجمالي؟
ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن الفرص تبدو ضئيلة حتى الآن، خاصة مع معارضة الحكومة الألمانية لمثل هذا الاتفاق، وتعلم المستشارة، أنجيلا ميركل، أن الرأى العام الألمانى يدعم هذا الموقف، كما أنه لا يثق بالحزب اليمينى المناهض لليورو والمعروف بـ«البديل من أجل ألمانيا».
● هل تلاشت الفرص الواقعية لسداد اليونان لديونها كاملة أكثر من أى وقت مضى؟
هذا ما يقوله إلكسيس تسيبراس، زعيم حزب سيريزا، وغيره من الاقتصاديين غير اليونانيين وغير الألمانيين، لذا فإن الاتفاق الأرجح يتمثل فى تمديد الدائنين لمدة استحقاق مدفوعات الديون اليونانية، وتخفيض أسعار الفائدة أو حتى إيقاف الفائدة على الدين لفترة مؤقتة. ولكن تكمن المشكلة فى أن اليونان استفادت بالفعل من هذه الامتيازات فى الماضي، والمزيد منها لن يحول جذرياً مستقبل الاقتصاد اليونانى إلى الأفضل.
ماذا سيقترح تسيبراس أيضاً، وهل سيحصل عليه؟
أشار تسيبراس إلى اتفاق تقوم اليونان بموجبه بتسديد ديونها طبقاً لصيغة قائمة على معدلات نمو الاقتصاد اليوناني، كما اقترح إقامة «مؤتمر أوروبى بشأن الديون» لشطب أو إعادة هيكلة جزء كبير من الديون، كما حدث مع ألمانيا فى 1953.
● بماذا سوف تسجيب «الترويكا» على مقترحات تسيبراس؟
قد تكون الترويكا منفتحةً على تخفيض فائض الموازنة الأساسى المطلوب من اليونان كل عام لبقية العقد الجاري، وبعض الحكومات مثل «أيرلندا» تبدو مهتمة بمؤتمر عام بشأن الديون.
ولكن فى النهاية، ستسقط مقترحات تسيبراس لتخفيف عبء الدين على آذان صماء، إلا إذا تعهد بمواصلة الإصلاحات عميقة الجذور للاقتصاد اليونانى والحكومة.
● أى الوعود المرجح ألا يخلفها حزب سيريزا؟
لدى سيريزا تفويض ديمقراطى قوى لحكم اليونان، ولكن خزائن الدولة فى أثينا فارغة تقريباً، وبالتالى سوف تهدف الحكومة القادمة إلى الحفاظ على وعودها الانتخابية التى فى متناول اليد.
وتعد الإعانات الفورية للفقراء والمعوزين من خلال استعادة الخدمات الكهربائية وتقديم طوابع الغذاء إحدى الطرق للمحافظة على مصداقية الحزب فى رؤيته للعدالة الاجتماعية.
● هل هناك خطورة محتملة بانهيار الأسواق؟
لن تحب الأسواق النتيجة، رغم أنها متوقعة.
وقضى المركزى الأوروبى على تهديد انتقال عدوى التعثر من اليونان إلى إيطاليا وإسبانيا، والذى كان قائماً فى الانتخابات الماضية فى 2012، كما ذهب البنك لأبعد من ذلك عندما أعلن مؤخراً عن برنامج شراء سندات بقيمة 60 مليار يورو شهريا مما سيدعم اقتصادات منطقة اليورو الأخرى.
ومع ذلك، يذكر تقرير الـ «بى بى سي»، أن حركة الأسواق سوف تعتمد على كيفية تعامل سيريزا مع التزامات الديون البالغة 4 مليارات يورو والمستحقة خلال الشهرين المقبلين، بالإضافة إلى السندات التى تزيد قيمتها على 6 مليارات يورو والمستحقة فى نهاية الصيف.
● هل سيكون لفوز سيريزا تأثيرات غير مباشرة على بقية أجزاء أوروبا؟
يعتقد رئيس الوزراء البريطانى، أن فوز سيريزا سوف يزيد من «حالة عدم اليقين الاقتصادى عبر أوروبا»، كما يرى أن تغير الحكومة فى اليونان قد يكون له تداعيات أكبر فى دول الاتحاد الأوروبى التى تشهد صعود الأحزاب المناهضة لكتلة العملة الموحدة.
وبالفعل، يتقدم حزب «بوديموس» الإسبانى فى استطلاعات الرأي، والذى ينادى بإنهاء التقشف، ويراقب رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راجوي، بحذر فوز سيريزا قبل الانتخابات الإسبانية فى وقت لاحق من العام الجاري.
أما فى بريطانيا فقد يستفيد نايجل فراج، زعيم حزب الاستقلال، من فوز سيريزا، كما قد يفعل حزب «البديل من أجل ألمانيا».
● هل سيحتاج حزب «سيريزا» إلى شركاء ائتلافيين؟
أوضحت وكالة أنباء «بى بى سي»، أنه رغم حصول تسيبراس على أغلبية ساحقة، فالمرجح أن يتطلع إلى أحزاب أخرى لمساندته، فحزب «ذى ريفر» اليسارى الوسطى سيكون الآن إحدى القوى الكبرى فى البرلمان، ويعرض التعاون مع حزب «سيريزا» طالما أنه مؤيد للاتحاد الأوروبي.
وهناك أيضاً حزب «باسوك» الاشتراكي، الذى كان مهيمناً يوماً ما على السياسة اليونانية، وأعرب عن استعداده للتعاون مع «سيريزا»، ولكن فى حالة استكمال مفاوضات حزمة الإنقاذ مع الاتحاد الأوروبى والنقد الدولي.
وحزب «اليونانيين المستقلين» اليميني، رغم أنه معارض لحزمة الانقاذ، فإنه يشترك أيديولوجيا بقدر ضئيل مع حزب «سيريزا».