استنزاف رؤوس الأموال وطروحات «الإسكان» سبب التراجع والإشغال %20 فقط
600 ألف عقار مخالف منها 200 ألف عشوائيات والتكلفة تتجاوز 650 مليار جنيه
5 مقرات فقط للجهاز على مستوى الجمهورية وتجهيز «السادس»
الغربية الأولى بـ40 ألفاً.. و30 ألف عقار متخطً للارتفاعات فى الإسكندرية
طريقة جديدة للتعامل مع العقارات الآمنة إنشائياً بإزالة الطوابق المخالفة فقط
يجب التعامل بعقلانية عند تطبيق القانون للحفاظ على الأجزاء الآمنة من الموارد المهدرة
إلزام المالك بإزالة الطوابق المخالفة على نفقته وتوجيه الغرامات لشبكات المرافق
رغم معدلات انتشار العقارات المخالفة فى مصر خلال السنوات الماضية، إلا أن تقديرات جهاز التفتيش الفنى على البناء بوزارة الإسكان تشير إلى نقص فى نسبة إنشاء العقارات المخالفة فى 2014 مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة.
ورغم تراجع عدد العقارات المخالفة التى تشيد سنوياً، يتزايد إجمالى المخالفات، بسبب عدم تنفيذ قرارات الإزالة للمبانى التى أقيمت مخالفة لضوابط البناء.
وقدر جهاز التفتيش الفنى على البناء عدد العقارات المخالفة فى مصر بأكثر من 600 ألف بقيمة تقديرية 650 مليار جنيه، خلال الفترة من يناير 2011 حتى نهاية الشهر الماضى.
وقال الدكتور أسامة حمدى، رئيس جهاز التفتيش الفنى على أعمال البناء، إن آخر إحصائية للجهاز، قدرت عدد العقارات المخالفة لقيود التنظيم فى مصر بـ400 ألف، منها نحو 200 ألف فى المناطق العشوائية.
أضاف فى حوار لـ«البورصة»، قبل توليه منصب محافظ كفر الشيخ أن المخالفات تتنوع بين عقار بدون رخصة وآخر مرخص يحوى جزءاً مخالفاً، أو ثالث متجاوز لقيود الارتفاع وخطوط التنظيم، وتشكل مخالفات الارتفاع النسبة الأكبر.
وأشار إلى أن محافظة الغربية تتصدر عدد المخالفات بنحو 40 ألف عقار، لعدم وجود ظهير صحراوى وزيادة معدلات البناء على الأراضى الزراعية.
أوضح أن محافظة الإسكندرية الأعلى فى نسبة العقارات المتجاوزة لقيود الارتفاع، حيث يصل عدد المبانى المخالفة إلى 30 ألفاً.
وأشار إلى أن معدلات بناء العقارات المخالفة تراجعت العام الماضى مقارنةً بالسنوات التى أعقبت ثورة 25 يناير والتى شهدت نمواً كبيراً فى البناء بسبب الانفلات الأمنى.
أضاف أن المبانى المخالفة فى المتوسط بارتفاع من 12 إلى 15 طابقاً يضم أقلها 20 وحدة، حصرنا 6.5 مليون حدة سكنية حتى الآن، وهى ثروة عقارية كبيرة ولكنها مهدرة بسبب العشوائية واللجوء إلى المخالفة.
وأوضح أن أسباب التراجع هى استنزاف رؤوس الأموال فى البناء مقابل زيادة وعى المواطنين بعدم الشراء فى العقارات المخالفة والطروحات البديلة لوزارة الإسكان فى مشروع المليون وحدة وأراضى القرعة، مشيراً إلى تراجع نسبة الإشغال فى العقارات المخالفة إلى %20 فقط.
وحول آلية التعامل مع العقارات المخالفة، قال حمدى، إن حال تطبيق القانون بحزم وحسم، يجب إزالة كل العقارات المخالفة وفقاً للقانون الذى ينص على إزالتها حتى سطح الأرض، ولكن التفكير العقلانى يرجح إعادة صياغة القانون للاستفادة من الأجزاء الآمنة من العقارات المخالفة التى يمكن أن تساهم فى سد جزء من الطلب على السكن.
وتحدث حمدى عن رأى فنى يمكن أن يطور كمقترح للتطبيق بالتعاون مع الجهات المسئولة عن مواجهة المبانى المخالفة، قائلاً إن المبنى المخالف الذى يضم 11 طابقاً على سبيل المثال والترخيص الصادر له 4 فقط يمكن الإبقاء عليها بجانب طابقين أو ثلاثة، بشرط السلامة والأمان الإنشائى وإزالة الطوابق غير الآمنة بشرط أن يكون العقار ضمن المنظومة العمرانية للمنطقة.
وأضاف أن المبانى المخالفة تمثل ثروة عقارية ويجب النظر لها بواقعية وتحقيق أقصى استفادة للدولة منها دون عداء مع المواطنين، خاصة أن الحكومة لن تستطيع بناء 500 ألف وحدة سنوياً، ولابد من التعاون بين القطاعين العام والخاص، مشيراً إلى أن عقارات الأفراد جزء من استثمارات القطاع الخاص.
وأكد أن التصالح مع العقارات غير الآمنة خط أحمر، وكذلك المتعدية خطوط التنظيم، ومن الممكن التصالح مع جزء من الطوابق المخالفة ضمن العقار بشرط السلامة الإنشائية وأن تكون ضمن الارتفاعات السائدة فى المنطقة.
وأشار إلى أن هذا المقترح ما زال فى إطار الرأى الفنى ويمكن تطويره بالتعاون مع الأطراف القانونية والتنظيمية ضمن منظومة السكن فى مصر وبالتعاون مع وزارة الإسكان.
أشار إلى أن حجم الطاقة المنتجة من العقارات فى مصر سواء من القطاعين الخاص والعام فى أعلى مستهدف يصل إلى 500 ألف وحدة سنوياً، وهو ما يعنى أن العقارات المخالفة تحتاج إلى 13 عاماً من الإحلال والاستبدال للاستفادة منها.
وقال إن المقترح الجديد منفصل عن قانون التعامل مع مخالفات البناء الذى رفعته وزارة الإسكان إلى مجلس الوزراء للتصالح مع بعض المخالفات لمدة عام فقط.
وكانت وزارة الإسكان قد أقرت أول قانون «مؤقت» للتعامل مع بعض مخالفات البناء لمدة عام واحد فقط، تستقبل خلاله الجهات المعنية طلبات المخالفين لتقنين أوضاعهم ولن يسمح القانون بالتجاوز عن المخالفات التى تُشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات، أو تتضمن خروجاً على خطوط التنظيم المعتمدة، أو الردود أو تجاوزاً لقيود الارتفاع المقررة قانوناً، أو المتعلقة بالبناء على الأراضى الخاضعة لقانون حماية الآثار، أو البناء على الأراضى خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة، إلا أن القانون لم يصدر حتى الآن.
وقال حمدى إن القانون يجب إقراره بسرعة لمواجهة المخالفات ولكن من الأفضل أن يصدره البرلمان المقبل نظراً للاعتراضات الكثيرة عند تطبيق الإزالات.
وأكد أن القانون لن يتصالح مع المخالفين، وإنما سيقنن وضع عقارات آمنة إنشائياً، وغير مبنية على أملاك الدولة أو الأراضى الزراعية وغير متعدية على خطوط التنظيم، وهذه الضوابط تعنى إزالة الأجزاء المخالفة من العقارات لضمان سلامتها مع مضاعفة الغرامة.
وأوضح أن المبانى المخالفة استنزفت موارد الدولة من حديد وأسمنت ورأسمال مهدر، لذلك يجب التعامل معها بطريق تحافظ على جزء من الموارد وفقاً للقانون، مع معاقبة المخطئ حتى لا تتكرر المخالفة.
وحول شرط ارتفاع العقار بأن يكون مرة ونصف المرة عرض الشارع، قال حمدى، إن هذا الشرط يمكن التغاضى عنه وتعديله بسبب تغير القونين البناء بمرور الوقت، مشيراً إلى أن الارتفاعات فى السابق كانت أقل بسبب ضعف الطلب على السكن مقارنة بالسائد حالياً.
أوضح أن التصالح مع الأجزاء الآمنة من العقارات المخالفة سيوفر موارد للدولة، حيث سيدفع المخالف مقابلاً مالياً للطوابق التى يتم التصالح عليها بجانب إزالة الطوابق المخالفة على نفقته، كما يمكن للدولة الحصول على حصة من الوحدات المخالفة مقابل التصالح وتمنحها لسكان العشوائيات ضمن خطة تطوير المناطق العشوائية.
أما عن توصيل المرافق للعقارات المخالفة، فقال حمدى إن المرافق أداة لمعاقبة المخالفة ولكن يجب استخدامها دون أن تكون وسيلة لتعذيب السكان مثل القطع الكامل للمياه والكهرباء، ولكن يمكن تغريمه مقابل أكبر للخدمة وتكلفة التوصيل لحين توفيق أوضاعه.
وذكر حمدى أن الجهاز نشر تحذيرات عديدة فى وسائل الإعلام لحث المواطنين على التأكد من مستندات ملكية العقار وفحص أوراق ملكية الأرض المقام عليها ورخصة البناء والاستعانة بمهندس مختص لفحص السلامة الإنشائية للمبنى أو السؤال فى الحى التابع له عن الترخيص.
وشدد على ضرورة التأكد من مستندات العقار وتراخيص تنفيذه، مشيراً إلى أن هناك عقارات تصل درجة الميل فيها إلى 45 درجة، ورغم ذلك تباع وحداتها بكل سهولة عن طريق تخفيض الأسعار عن السائد فى السوق لجذب المشترين.
أضاف أن العقارات المخالفة تمثل أحمالاً كبيرة على شبكات المرافق لأن محطات الكهرباء مخططة لخدمة عدد معين من المنازل وزيادة الأحمال تؤدى لانقطاعات كبيرة، وكذلك شبكات المياه وشركات القمامة ومشكلات المرور واستهلاك مواد البناء.
وأكد أن العقارات المخالفة صدرت لها قرارات إزالة بنسبة %100 وجميعها قرارات سليمة وحقيقية، ولكن الأزمة تكمن فى عدم وجود آلية لتنفيذ الإزالات.
وحول هيكلة جهاز التفتيش الفنى على البناء قال حمدى، إن الهيكلة معطلة منذ 23 عاماً، ولكن اعتمدت خطة من وزارة الإسكان ومجلس الوزراء، وأرسلت إلى وزارة المالية وجهاز التنظيم والإدارة ومجلس الوزراء، وننتظر صدور القرار النهائى بالهيكلة.
أضاف أن الجهاز طلب من مجلس الوزراء الموافقة على تعيين 40 مهندساً جديداً بالجهاز لسد العجز فى العمل، وحصل على وعد بتعيين من 5 إلى 10 مهندسين جدد قريباً لتغطية مناطق العجز والفروع الجديدة فى المحافظات، خاصة أن عدد مهندسى الجهاز 40 فقط.
وحول ميزانية الجهاز خلال العام المالى المقبل، قال إن الجهاز سيطلب زيادتها من 6 ملايين جنيه إلى 7 أو 8 ملايين جنيه.
وأوضح حمدى أن الجهاز يقوم حالياً بتجهيز فرعه الجديد فى مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر لتعيين المهندسين هناك بجانب استلام 700 متر مربع من محافظة جنوب سيناء لإنشاء فرع جديد هناك خلال العام المالى الجديد لمواجهة مخالفات ردم البحر فى هذه المناطق الساحلية.
تابع أن للجهاز 5 مقرات فقط على مستوى الجمهورية فى القاهرة والإسكندرية والمنصورة والفيوم وأسوان، أى أنه لا توجد المسافة بين الفيوم وأسوان أى مقر للجهاز بطول صعيد مصر وفى وسط الدلتا إلا فى المنصورة، ويستهدف الجهاز إقامة فرع فى كل محافظة.
وأشار حمدى إلى أن الجهاز سيتعاون فى الفترة المقبلة مع نقابة المهندسين لتنظيم دورات تدريبية لرفع كفاءة مهندسى الجهاز للتعامل مع الأنظمة الحديثة فى منح التراخيص وعمل المعاينات.
وذكر أن الجهاز يتواصل مع دولتى السعودية والإمارات لتطبيق النظام الإلكترونى فى منح تراخيص البناء لفصل مقدم الخدمة عن طالبها، ومنع الفساد عند منح تراخيص البناء وتطبيق الرقابة السابقة على التراخيص والموافقات اللازمة من الجهات التنفيذية للبدء فى الإنشاءات.