تشجيع الاستثمار وحل المشكلات لن ينتظرا زيارة محلب والتليفزيون
تناقض بين تزايد الإحباط واليأس لدى أوساط عديدة وما تبذله الحكومة من جهود
لماذا يشعر المواطن أن الحكومة تسير بخطى السلحفاة فى التعامل مع مشكلاته وطموحاته، وتوفير حياة كريمة له ولأبنائه، بينما تتوهم الحكومات الحالية والسابقة، وكل حكومة أنها تعمل بجهد غير عادى، وأن بعض الوزراء لا يكادون يجدون وقتاً للنوم، خاصة مع رئيس وزراء يتبنى نظرية التواجد فى الشارع والتصوير أمام الكاميرات باعتبارها دليلاً على عدم انفصال الحكومة عن قضايا الشارع وهمومه.
أكتب اليوم بلسان المفعمة قلوبهم بالإحباط واليأس؛ لأننى أعرض مشكلتين الأولى لمستثمر صغير يعانى استخراج تصريح لمعمل ألبان منذ 2013 فى بلد يبحث عن مستثمرين فى مشارق الأرض ومغاربها، ويدعى أنه يساند ويدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
والمشكلة الثانية، شخصية ولكنها تلخص حال البلاد فى أن الحكومة فى وادٍ، وهموم الناس فى وادٍ آخر، وستظل كذلك طالما أن الأولويات غائبة فى إدارة البلاد، ورغم كل ما يقال عن محاربة التعدى على الأراضى الزراعية، فقد عشت تجربة على مدار 3 سنوات، لأرى أن ذلك ما هو إلا كلام جرايد وتصريحات يصدرها المسئولون ونكتبها- نحن الصحفيين- بنظرية «أكل العيش».. تصريحات ومانشيتات ومش مهم ما يجرى على أرض الواقع.
إن السيد رئيس الوزراء لا تتوقف زياراته الميدانية المكوكية للمواقع هنا وهناك طالما أنها تصل إليه هو ذاته أو تصب فى حل مشاكله فى مدينته أو قريته أو محل عمله ووظيفته بالطبع كل ما تقوم به الحكومة ليس من أولويات هذا المواطن.
المواطن الذى يعيش فى قرية أو مركز أو نجع، والمستثمر الذى يخاطب رئيس مدينة أو حى من أسوان للقاهرة حكومته الحقيقية هم رؤساء الجهات التى يتعامل معها والقرارات التى تصدرها، وتؤثر فى حياته وأشغاله، وهنا هى وظيفة الحكومة ورئيسها فمادام سيادة رئيس الوزراء وأعضاء حكومته الموقرون يعملون طوال 24 ساعة معتقدين أن هذا ما يرضى الناس، بينما مصالح ومشاكل الناس معطلة فى المحافظات والمديريات والمراكز والكل يتعامل بنظريته وكأنها دولة، فلا سبيل للخروج من حالة اليأس والإحباط إلا لمزيد منهما بعيداً عن الطبل والزمر الإعلامى.
الإصلاح الإدارى لمؤسسات الدولة وقانون المحليات الجديد وغير ذلك من مستهلكات تطوير وحل مشاكل المجتمع لن تحقق سوى مزيد من الوقت لأصحابها فى مقاعدهم الوزارية وإحباط للمجتمع الذى ينتظر حلولاً أسرع وقرارات أقرب للواقع ومسئولين بالمحافظات والمحليات يعلمون أنهم إما أن يقوموا بخدمة المواطن والمستثمر وصاحب كل حق ومشكلة وإما أن يرحلوا عن مناصبهم، وحينئذٍ سيعمل الكل لأن بقاءهم لم يعد مرهوناً سوى بتطوير أعمالهم وحل مشاكل الناس.
رسالة من قبر أبى إلى إبراهيم محلب
إزالة التعديات على الأراضى الزراعية فى دمياط (حبر على ورق)
قرار بهدم مبانٍ بلا تنفيذ لمدة عامين انتظاراً للدعم الأمنى
وزير الداخلية السابق افتتح نادى الشرطة وسط قوة أمنية ضخمة بجوار التعديات ومركز دمياط ودن من طين وأخرى من عجين
مطالب تنفيذ القرار فى الأدراج لدى وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار ومحافظ دمياط الجديد ومدير الأمن
كيف يتم توصيل الكهرباء لمبنى مخالف على الأراضى الزراعية صادر له قرار إزالة؟
«مختار صقر»، هذا هو اسم أبى الذى فقدته قبل أيام، مات مربى الأجيال، وقدوة تلاميذه وعائلته فى الأخلاق والقيم والاحترام، ولأنه عاش ورحل زاهداً فى صراعات الدنيا، فلم يتزحزح يوماً عن الحق وإن جار على نفسه.. أكتب عنه لأنه رفض على مدار 3 سنوات أن يدافع عن حقه بالبلطجة، ورغم حرصه على احترام القانون ورهانه على أن الدولة، التى أدى دوره فيها على أكمل وجه يشهد به كل من تعامل معه رئيساً أو مرؤوساً خلال حياته العملية، سوف تنتصر له يوماً بل ستنتصر للحق على حساب البلطجة، إلا أننى أشعر الآن بعد فراقه كم كان محبطاً، وإن لم يبد ذلك لأبنائه؛ حتى يجبرهم على احترام عهدهم له باحترام القانون، لذا قررت أن أكتب تلك الرسالة نيابة عنه فى قبره لرئيس الوزراء، وليعرف كيف يموت الناس كمداً وإحباطاً فى بلادهم.
والقصة، أن والدى- رحمه الله- اشترى قطعة أرض زراعية صغيرة منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً، وتقوم أسرتى بزراعتها منذ ذلك الحين، وفى حيازتها بلا منازعة واحدة منذ عشرات السنين لنفاجأ ببعض الجيران عقب ثورة يناير يدعون ملكيتهم للأرض، ويحاولون الاعتداء عليها، ورغم تكرار تلك التهديدات لجأ والدى للشرطة وحصل على قرار بالتمكين من الأرض، وتم تنفيذه بالقوة الجبرية، وجميع السادة المسئولين بمحافظة دمياط على علم بتلك الواقعة، ثم أعاد هؤلاء الناس الاعتداء على الأرض باستخدام البلطجة ومجموعة من أقاربهم، وبدأوا بالبناء على الأرض بعد تزوير أوراق بملكيتهم للأرض، فقام والدى بالطعن عليها، وما زالت فى المحاكم، وقام بتحرير محضر بمخالفة البناء على الأرض الزراعية، وإصدار قرار بإزالة التعديات، وتم التصديق عليه من محافظ دمياط الأسبق، كما قامت مديرية الأمن ومركز دمياط بإجراء الدراسة الأمنية لتنفيذ القرار الصادر فى نهاية 2013، والتى أكدت التنفيذ مع وجود تشكيل أمنى لمصاحبة وحدة التنفيذ، ومنذ ذلك التاريخ وكل عائلتى تجرى وراء مسئولى وزارة الداخلية لتوفير القوة الأمنية «إللى هى كام عسكرى وضابط» دون جدوى، وكلما توجهت بطلب لتنفيذ إزالة التعديات على الأرض الزراعية التى لا تبعد سوى كيلو متر واحد عن مكتب محافظ دمياط ومائتى متر عن نادى ضباط الشرطة الذى افتتحه وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم قبل عدة أشهر وسط مراسم مشددة وقناصة على المنازل المحيطة لتوفير الأمن لسيادته والحراسة المشددة التى يتمتع بها النادى باعتباره بات مقراً لأوقات فراغ القيادات الأمنية بالمحافظة، وأرسلت طلب تنفيذ إزالة التعديات للسيد رئيس الوزراء فى خطاب إلى مكتبه، وكذلك للسيد مدير أمن دمياط الجديد اللواء حسن البرديسى، وللسيد وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار ولكن دون جدوى.
أنا كمواطن وصحفى أكتب كل يوم عن مجهوداتكم وقراراتكم أيها السادة، أقول لكم إن اليأس والإحباط يتملكانى لأننى بعد كل هذا الجهد لم أتمكن من حل مشكلة عائلتى التى هى ليست بالتأكيد قطعة الأرض، ولكن الإهانة والتعدى على الحقوق دون القدرة على المواجهة، ذلك لأن السبيل الوحيد هو البلطجة، وهو ما رفضه أبى على مدار 3 سنوات، رغم أن بعض المسئولين وبصفة ودية قالوا لى إنه الحل «إزاى تسيب ناس تاخد أرضك كده؟» وأصبحت أنا المقصر لأننى لا أستطيع الاتفاق مع بلطجى حتى ولو كان ذلك فى سبيل استعادة حق أو رد إهانة وسط ريف يعتبر ما جرى يستحق أن تموت فداءه، ولكن هل ننادى باحترام القانون ونصبح بلطجية.
ولأننا فى دولة تحترم حقوق أبنائها فقد تم توصيل الكهرباء لمن قاموا بسرقة أراضٍ ليست مملوكة لهم، وبنوا عليها فى الأرض الزراعية وصدر لهم قرار إزالة، وتم إخطار جميع جهات المرافق بذلك ولا أحد يرد عليك إذا تقدمت بطلب لمعرفة كيف يحدث ذلك.
يا سيادة رئيس الوزراء كيف يحصل الناس على حقوقهم؟ وكيف يحلون مشاكلهم؟ هل لابد من مقابلتك إذن؟ فحتى يحدث ذلك ستظل مصر تحلم بأنها تبقى «قد الدنيا» حتى عدة قرون قادمة، ولن تستطيع أسرتى وملايين غيرها لديهم مشكلات، إما أن توظفوا من يحلها أو سيظل الغضب والإحباط واليأس يتصاعد أياً ما كان الجهد الذى تقومون به.
«أسامة».. مستثمر يفشل فى ترخيص معمل ألبان منذ 2013
«الإدارة الهندسية» توقف المشروع للخلاف حول 30 «متر مبانى» خارج
التصريح وترفض توفيق أوضاعه رغم ملكيته للأرض
لماذا يُحارب مشروع صغير يوفر عشرات من فرص العمل؟
نتساءل كيف يفضل الشباب الهروب إلى الموت بالهجرة غير الشرعية؟
أسامة الحنفى، مستثمر صغير «دايخ السبع دوخات» من أجل تصريح لمبنى معمل الألبان الذى أقامه منذ 2013 على مساحة 500 متر، ورغم حصوله على ترخيص من الوحدة المحلية وتجهيز المبنى بالاشتراطات المطلوبة يتم إيقاف الترخيص، لأنه تم اكتشاف زيادة فى مساحة المبنى 30 متراً نتيجة خطأ لمقاول التنفيذ على أرض مملوكة لعائلته، ولكن كيف يتم ذلك؟ وهل تنام أعين المسئولين، كما نامت عن ملايين الأمتار التى تم تحويلها لمنتجعات بالمليارات على أراضى الدولة؟ لا بالطبع فهذا مستثمر صغير لابد أن يتم تعذيبه حتى يكره البلد ومن يديرونه، ولابد أن نمنعه من الفرصة لكى يوظف عشرات الشباب فى مشروعه بدلاً من تركهم للبطالة.
أسامة لم يستسلم، وتقدم بطلب للإدارة الهندسية لتعديل الرسم الهندسى للمبنى وتوفيق أوضاعه، ولكن هيهات كانت الإدارة الهندسية متيقظة لمحاولته فى حل المشكلة ورغبته فى تشغيل معمل الألبان، فقامت برفع مذكرة لعدد من الجهات تفيد بأن جزءاً من المبنى 500 متر خارج الحيز العمرانى، ليضطر إلى تقديم طلب للوحدة المحلية لطلب معاينة من مديرية المساحة، وبعد طول انتظار تبين أن المبنى بالكامل داخل الحيز العمرانى، وعلى حد المساواة مع مبانٍ سابقة مقامة منذ سنوات.
وأصدرت مديرية المساحة خطابها للوحدة المحلية بمركز ومدينة بركة السبع بالمنوفية بوجود المبنى داخل الحيز العمرانى، لكن الخطاب اختفى داخل المديرية حتى تم استخراج صورة طبق الأصل من الخطاب وتسليمه لمجلس المدينة، إلا أن السيدة وكيلة الإدارة الهندسية لها رأى آخر وهو عدم إصدار الترخيص بعد كل المكاتبات.
من هو رئيس الحكومة ومن هو وزير التنمية المحلية ومن هو وزير الاستثمار ومن هو وزير الصناعة والتجارة؟ بالتأكيد بالنسبة لأسامة وآلاف غيره ليسوا «محلب» ووزارته بل السيد رئيس الوحدة المحلية والمهندسة ومسئول التراخيص هؤلاء هم الحكومة الحقيقية التى تعبث بمقدرات هذه البلاد وتدفع الناس للإحباط واليأس والتأكد أن ما يقال عن تشجيع الاستثمار وخلق الوظائف والمشروعات الصغيرة ماهو إلا تصريحات إعلامية.
المواطن يريد الحكومة.. ومن يتعامل معهم هم حكومته وبعيداً عن المخططات واللجان والمصطلحات الخاصة بالمركزية واللامركزية، فستظل الحكومة وأى حكومة غائبة ولا يشعر بها المواطن طالما أن الوزير يتحدث ورئيس الحكومة يبكى فى حب مصر، وكل من يتعامل مع الجهاز الحكومى يلعن نفسه ألف مرة حتى إن الرغبة فى الهجرة وترك البلد باتت تسيطر على شباب وطن يجتهد فى تطفيش أبنائه وكأننا لا نريد سوى المزيد من الفشل.
أسامة وآلاف غيره ما زالوا ينتظرون أن يأتى عليهم الدور فى لقاء وزيارة رئيس الحكومة أو الوزير المختص، لأنه فيما يبدو هذه الطريقة الوحيدة لحل المشكلات التى تعرقل أعمالهم، وإن كان كثيرون آخرون حظوا باللقاء والتصوير وتناقلت أخبارهم الصحف ولم يحصلوا على شىء سوى التصوير مع الحكومة.