نشرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” تقريراً عما جرى لاقتصاديات الأسواق الناشئة خلال العام الجاري حيث تعرضت لخسائر في النصف الأول امتدت إلى الستة أشهر التالية وسط تراجع واسع النطاق لعملاتها وأسهمها مثل ما حدث للرنجت الماليزي والراند الجنوب إفريقي.
ما سبب هذه المشكلة؟
على المدى القصير، رأى بعض المحللين قرار البنك المركزي الصيني بخفض قيمة اليوان أمام الدولار خطوة هامة نحو تحرير الأسواق، ولكن آخرين اعتبروها تستهدف إضعاف العملة لمواجهة تباطؤ النمو والضغوط الانكماشية.
وأياً كان السبب، فإن هذا القرار قد نتج عنه تقلبات قوية في الأسواق وقلق بالغ إزاء الصين، لاسيما بعد موجة المبيعات المكثفة في الأسهم والقلق بشأن النمو الاقتصادي في الصين الذي يمثل قاطرة للنمو العالمي، وأصبحت حركة اليوان والبيانات الاقتصادية محل ترقب من جانب الكثيرين، وهبطت أسهم الأسواق الناشئة بأكثر من 10% هذا العام.
ماذا سيحدث على المدى الأطول؟
هناك أمران سيؤثران بشكل رئيسي على الأسواق الناشئة في الفترة المقبلة هما هبوط أسعار السلع التي تنتجها وتصدرها هذه الدول والتوقعات برفع معدل الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وكان السببان مؤثران أيضاً منذ بداية العام الحالي، وبالتالي، فإن الأجواء سلبية بالفعل في الأسواق الناشئة قبل خفض قيمة اليوان.
هل سيؤثر ذلك على كافة الدول الناشئة؟
ليس بالضرورة تأثر جميع الدول الناشئة بهذه التقلبات، فالبعض منها مثل روسيا وجنوب إفريقيا وتشيلي وكولومبيا هي الأكثر اعتماداً على السلع، أما الدول مثل الهند وبولندا والمجر، فإنها أقل تعرضاً للمخاطر الواردة من الصين وذات اقتصادات مستقرة، ولكن بعض الدول الأخرى مثل تركيا والبرازيل لديها مشاكل سياسية ذات أضرار مماثلة.
كيف يمكن أن تواجه الأسواق الناشئة ذلك؟
إن أبرز تداعيات خفض قيمة اليوان تكمن في زيادة تنافسية العملة الصينية فيما يتعلق بالصادرات، وهو ما سيثير بدوره حرب عملات إذا قررت دول أخرى أن تحذو حذوها، وقد اتخذت البنوك المركزية في كازاخستان وفيتنام قرارات مشابهة، وتشير التوقعات إلى أن نيجيريا ستسير على نفس الدرب.
هل من شيء آخر؟
على المدى الطويل، يمكن لحكومات الدول الناشئة تنفيذ إصلاحات اقتصادية لجذب المستثمرين، أما على المدى القصير، فهناك بعض الارتياح من تراجع حدة التكهنات باتخاذ الفيدرالي قرار رفع معدل الفائدة في الشهر المقبل وسط تزايد احتمالات التأجيل.
مشاكل أخرى
المشكلة الأولى تكمن في الديون لاسيما بعد زيادة المخاوف بشأن قوة الدولار وتأثيراتها على الديون المقومة بهذه العملة لأن الفائدة على هذه الديون سوف تزيد بالتبعية، وقد تضاعف حجم دين الأسواق الناشئة في خمس سنوات إلى 4.5 تريليون دولار.
والثانية في خروج رؤوس الأموال الذي تضاعف إلى حوالي تريليون دولار خلال الـ13 شهراً الماضية مقارنةً بعامي 2008 و2009 (الأزمة المالية)، ولا يقتصر الأمر فقط على الصين بل تطرق إلى دول أخرى، ويتوقع المحللون زيادة الوتيرة في الفترة المقبلة.
الأسهم والعملات والسلع تتراجع في الأسواق الناشئة..ماذا عن السندات؟
حتى الآن، نجت أسواق السندات من موجة الهبوط التي اجتاحت الدول الناشئة رغم المخاوف بشأن الديون المقيمة بالدولار، فإن بعض الشركات تقترض بالعملة الأمريكية، ولكن وفقاً لأحد المحللين، فإنه لا توجد سيولة كافية الآن، وبالتالي ستمتد موجة بيع العملات إلى أصول أخرى، ربما تشمل السندات.
ماذا يلوح في الأفق؟
ستراقب الأسواق عن كثب القرار المرتقب من جانب الفيدرالي بشأن رفع معدل الفائدة بالتزامن مع صدور بيانات اقتصادية أمريكية ومدى ردة الفعل عليها، كما سيتم التركيز أيضاً على الصين، ويتوقع محللون أن يتخذ البنك المركزي قراراً بمزيد من الخفض في قيمة اليوان لتتجه الأنظار نحو تأثير ذلك على تحركات الأسواق الناشئة.
فاينانشيال تايمز