285 ألف جنيه القيمة المناسبة لتوفير وحدة لعائلة متوسطة الدخل والإيجار السنوى 32 ألف جنيه
ارتفاع أسعار الأراضى وتكلفة البناء وانخفاض العائد وضعف التمويل العقارى أسباب الأزمة
«سامى»: ضرورة إعادة التفكير فى العلاقة القائمة بين الحكومات وقطاع التنمية العقارية
اقتراحات بطرح مبادرات للتخطيط والتصميم المبتكرة لإنشاء مجتمعات مستدامة
حذرت مجموعة “جيه إل إل” للاستشارات العقارية من التأثير الاجتماعى والاقتصادى للنقص الكبير فى المعروض من الوحدات السكنية لمتوسطى الدخل. وطالبت، فى تقرير لها، بضرورة تصحيح الخلل بين العرض والطلب فى هذه الشريحة.
وأصدرت «جيه إل إل للاستثمارات والاستشارات العقارية» تقريراً عن إسكان «متوسطى الدخل» فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأكد التقرير أن النقص فى العرض يواجه سوق القاهرة العقارى بمشكلة مهمة ومزمنة، ورغم طرح عدد متزايد من المبادرات والمشروعات التى تستهدف شريحة إسكان متوسطى الدخل، فإن الأمر يحتاج بذل المزيد من الجهود لمنع تفاقم النقص الراهن فى حجم المعروض من وحدات هذه الشريحة السكنية قبل الشروع فى تخفيض النقص بحد ذاته.
وحددت «جيه إل إل» إسكان «متوسطى الدخل» بأنه الوحدات توفره الأسواق وتتميز بأسعار فى متناول شريحة متوسطى الدخل من العائلات بنسبة تتراوح من 40% إلى 60%، استناداً إلى افتراض عدم إنفاق تلك العائلات أكثر من 30% من إجمالى دخلها العائلى على السكن.
واستبعد التقرير سكن العمال ومشروعات الإسكان القومى، والتى توفرها الشركات والمؤسسات إلى موظفيها أو ما توفره الحكومات للمواطنين.
وحدد التقرير عنصرين رئيسيين للسوق هما العقارات المخصصة للبيع، وتلك المخصصة للتأجير، خاصة أن العديد من شريحة متوسطى الدخل من العائلات ليس بمقدورها شراء العقارات؛ نظراً إلى لقيود التنظيمية أو الافتقار إلى رأس المال والتمويل.
وأشار التقرير إلى اختلاف تعريف «الأسعار المناسبة» من سوق لآخر، لكن سعر البيع المناسب لوحدات متوسطى الدخل فى مصر يصل إلى 285 ألف جنيه بينما يصل الإيجار السنوى المناسب 32 ألف جنيه.
وشدد التقرير على أهمية قطاع متوسطى الدخل من السوق، وينبغى عدم التقليل من أهمية القطاع الذى يشكل ما نسبته أكثر من 60% من العائلات فى مصر أى ما يعادل 12 مليون عائلة.
وطالبت «جيه إل إل» فى عام 2011 بطرح 1.5 مليون وحدة سكن إضافية بأسعار فى متناول شريحة العائلات متوسطة الدخل فى مصر، واعترفت الحكومة المصرية، التى أعلنت عن خطط طموحة لتوفير مساكن إضافية لشريحة العائلات ذات الدخل المنخفض.
أضاف أن أبحاث الشركة أظهرت نقصاً فى مساكن العائلات متوسطى الدخل والتى يتراوح دخلها المشترك ما بين 5 آلاف وحتى 12.5 ألف جنيه شهريًا.
وقال التقرير، إن السنوات الخمس الماضية شهدت إطلاق المطورين من القطاع الخاص بعض المشروعات التى تستهدف هذه الشريحة من السوق، ما نتج عنه اتجاه العائلات متوسطة الدخل للبحث عن مساكن لها فى الوحدات السكنية القائمة المنتشرة حول أحياء القاهرة القديمة.
وتابع: «تجدر الإشارة إلى أن العديد من هذه الوحدات السكنية تخضع لقوانين تأجير قائمة أقل بكثير من مستويات السوق الحالية».
أضاف أن أسعار هذه الوحدات السكنية مناسبة، وفى متناول شريحة العائلات متوسطة الدخل، لكن العديد منها فى حالة سيئة، ولا يتوافر أى حافز لملاكها لصيانتها وتأهيلها وفقاً للمعايير الحالية.
وأشار التقرير إلى العوامل التى أسهمت فى حدوث النقص الراهن فى الوحدات السكنية المتاحة بأسعار فى متناول العائلات متوسطى الدخل فى القاهرة، وتشمل ارتفاع أسعار الأراضى الذى قلَّص من القدرة على الحصول عليها بأسعار مناسبة. بجانب التكاليف الرأسمالية المرتفعة لإنشاء البنية التحتية اللازمة واعتماد تقنيات البناء باستخدام مكوِّنات مسبقة الصنع، ما ساهم فى ارتفاع تكاليف البناء وانخفاض العائدات المالية لإسكان متوسطى الدخل، مقارنة بعائدات إسكان سائر الشرائح، ما جعله أقل جاذبية فى نظر شركات التطوير العقارية، بالإضافة إلى محدودية القدرة على الحصول على تمويل مناسب لسكن العائلات منخفضة الدخل بسبب عدم نضج أسواق الرهن العقارى بصورة عامة.
وقال التقرير، إن حل مشكلة نقص المعروض من الوحدات السكنية المتاحة بأسعار مناسبة لمتوسطى الدخل يحتاج جهوداً مكثفة تشمل المؤسسات الحكومية والشركات العقارية الخاصة وغيرها من أصحاب المصلحة.
واقترحت «جيه إل إل» عدة حلول لأزمة إسكان متوسطى الدخل، منها تزويد شركات التطوير العقارى بأراضٍ متاحة بأسعار فى متناول إمكانياتها وتخفيض تكلفة البنية التحتية وخدمة الأراضى التى تتكلفها مشاريع إسكان متوسطى الدخل. وطالبت الشركة المتخصصة فى الاستشارات العقارية بالترويج للمقاربات الصناعية والتى تشمل توحيد تصميمات المبانى وتخفيض مساحات الوحدات السكنية للمحافظة على هامش الربحية، والتعاقد على شراء مدخلات البناء بعقود موحدة وكبيرة الحجم لموادها وتجهيزاتها بغية تخفيض تكاليف البناء وأن تبنى شركات التطوير العقارى نماذج عمل الشركات الكبرى لجعل مشروعات إسكان متوسطى الدخل أكثر جاذبية لها.
وأكد التقرير ضرورة تحسين القدرة على الحصول على تمويل مناسب للبيع بأسلوب الرهن العقارى عبر السعى لاستصدار الأنظمة اللازمة وتشجيع تطوير قطاع الخدمات المالية؛ ليتمكن من تخصيص جانب من تمويلاته المتاحة لمشاريع إسكان العائلات متوسطة الدخل وإصدار التشريعات الكفيلة بتنظيم عمليات تسليم منازل بأسعار مناسبة.
وقال أيمن سامى، رئيس مكتب مصر فى مجموعة «جيه إل إل»: «رغم عدم كون أي من هذه الحلول سهل التطبيق، فإننا نعتقد أن تضافر جهود شركات الوساطة العقارية الحكومية وشركات التطوير العقارى كفيل بمعالجة مشكلة نقص المعروض التى كشف عنها التقرير فى سوق القاهرة».
أضاف أن الحكومة أدركت ضرورة تخصيص موارد مالية إضافية لتطوير المزيد من مشاريع إسكان العائلات متوسطى الدخل، ولكن ينبغى القيام بالمزيد من هذه الجهود.
أشار إلى الحاجة لإعادة التفكير فى العلاقة القائمة بين الحكومات وقطاع التنمية العقارية لإنشاء المزيد من المساكن التى تتميز بكونها فى متناول يد العائلات ذات الدخل المتوسط.
وقال سامى: «نوصى باتخاذ المزيد من مبادرات التخطيط والتصميم المبتكرة لإنشاء مجتمعات متمساكة ومستدامة وأكثر جاذبية، بجانب توفير التمويل وتمكين العائلات ذات الدخل المتوسط من الحصول على السكن».