من الناحية النظرية، لايزال “اتش اس بي سي” و”ستاندرد تشارترد“، أكبر بنكين بريطانيين لهما عمليات آسيوية بنكية ضخمة، ويدرسان ما إذا كان يتعين عليهما نقل مقارهما الرئيسية إلى مناطق أخرى غرب السويس، وفى ظل الاضطرابات التى أطاحت بالأسواق الناشئة فى الأسابيع الأخيرة، يتوقع القليل أن يشد هذان البنكان الرحال.
وانتعشت الأسواق الناشئة جزئيا على خلفية الأموال الرخيصة التى ساعدت بنوك مثل «سيتى جروب» و«إتش إس بى سي» و«ستاندرد تشارترد» وغيرها على شق طريقها فى المنطقة- وهو الاتجاه الذى يسير عكس التيار فى الوقت الحالى- وناضل المصرفيون من أجل إقراض الشركات التى تعمل فى حفر المناجم وتشييد ناطحات سحاب وتبنى مصانع على افتراض أن النمو فى الصين لن يتعثر أبدا.
وتبدو هذه القروض أقل جاذبية حاليا نظرا لأن تباطؤ الاقتصاد الصينى وانخفاض أسعار السلع أدى إلى انخفاض العملات والتوقعات بالنسبة للعديد من الأسواق الناشئة، ومما لاشك فيه أن قلة من العملاء سيتعثرون فى سداد الديوان، بدءاً من الشركات التى اقترضت بالدولار ولكن دخلها يعتمد على العملة المحلية.
وذكرت مجلة الإيكنوميست فى تقرير لها، أن خسائر القروض بدأت فى الارتفاع، حيث أعلن بنك «ستاندرد تشارترد»، الذى كانت أكبر تعاملاته فى إقراض الشركات التى تعمل فى قطاع الطاقة، عن تضاعف تدهور القروض المعدومة فى نتائجه الربعية الأخيرة.
ومثل «ستاندرد تشارترد»، يجنى بنك «إتش إس بى سي» نحو ثلاثة أرباع أرباحه من آسيا، ويعتقد أنه أكثر انضباطا بشأن قروضه التى يمنحها، ولكن التمويل التجارى، المحرك الذى يُعتمد عليه فى النمو، يبدو متوقفا الآن، إذ عانت التجارة العالمية أكبر انخفاض فى الست سنوات الماضية، وبالنسبة للشركات التى تعتمد بشكل كبير على السلع، فإن تمويل كميات المعادن أو لحوم الخنزير سيعنى قروضا أصغر نظراً لانخفاض الأسعار.
كما تراجعت أسعار أسهم البنك، ولأول مرة منذ سنوات، يتداول أسهم بنك «إتش إس بى سى» دون قيمة أصوله المادية، وهو مصير حاول البنك تجنبه خلال الأزمة المالية العالمية، فى حين قيم المستثمرون أسعار أسهم بنك «ستاندرد تشارترد» بنحو 64% فقط من صافى قيمة أصوله المادية، وهو ما يعد تراجعا بنحو 300% بعد الأزمة المالية، وأعاقت أيضا اضطرابات الأسواق الناشئة الانتعاش المستدام فى أسعار أسهم بنك «سيتى».