عندما اجتاز المستكشفون العرب الصحراء والبحار منذ قرون، اعتمدوا على أداة الأسطرولاب الفلكية، لإيجاد طريقهم.
والآن، تبحر شركات التكنولوجيا الجديدة عبر تعقيدات الشرق الأوسط باستخدام نسخة حديثة للأداة القديمة، ألا وهى مركز “أسترولابس” فى دبي، والتى تعمل على تبسيط إجراءات إطلاق شركة تكنولوجية.
وافتُتح مركز “أسترولابس” المدعوم بتكنولوجيا “جوجل” فى أكتوبر الماضي، واختار 42 شركة من بين 250، وبداخله يوجد مقهى، ومكاتب، وقاعات للمؤتمرات عن بُعد، وإمكانية استخدام الإنترنت بسرعة مذهلة، ويبدو المشهد داخله، وكأنه قطعة من سيليكون فاللي.
كما يحتوى المركز على مختبر أجهزة مقدم من جوجل ومليء بأجهزة الآى فون، والهواتف الذكية التى تعمل بنظام الآندرويد، وأجهزة تابلت، وحواسب آلية تستخدمها الشركات فى اختبار تطبيقاتها المحمولة ومحتوياتها.
وتعد لمياء الطباع، أحد رواد الأعمال الطموحين، وأنشأت موقع “أنا أقرأ العربية دوت كوم”، وهو مكتبة رقمية تحوى أكثر من 100 كتاب للأطفال، وحصلت على رخصة عمل، ومساحة فى “أسترولابس”، ما مكنها من الحصول، أيضاً، على نصائح من الخبراء. واشتركت 30 مدرسة فى الأردن، والسعودية، والإمارات فى الموقع، الذى يحوى فيديوهات استخدمتها “الطباع” فى تعليم الأطفال العرب.
وتحاول “الطباع” معالجة ما تراه غير منطقى فى الشرق الأوسط، وهو المحتوى التعليمى غير الكافى باللغة العربية على الإنترنت، فى الوقت الذى تضع الشركات الخاصة فى المنطقة المزيد من التركيز على اللغة الإنجليزية.
وقالت “الطباع”، إنها تبحث عن موظفين، حالياً، ولا تجد شخصاً يستطيع كتابة بريد إلكتروني باللغة العربية، وهو ما وصفته بـ”المأساوى”.
ويقول محمد مراد، مدير “جوجل” الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن 200 مليون يستخدمون الإنترنت بالمنطقة، يقضون ست ساعات فى التصفح، لكن معظمهم يسعون وراء مقدمى الخدمات من خارج الشرق الأوسط للدخول على التطبيقات، والمحتويات، وأدوات البيزنس.
ويرتكز هدف “أسترولابس” على إزالة بعض العوائق التى تواجه الشركات الجديدة حتى تخلق شركات فى أوطانها تستهدف عملاء من حول العالم.
وقال “مراد” فى خطاب له الشهر الماضي، إن الأمر بسيط، ويتلخص فى العرض والطلب، وتحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الكثير من المنتجات والخدمات لتلبية الطلب فى المنطقة.
وذكر تقرير لوكالة أنباء “بلومبرج”، أنه على مدخل المركز يوجد أسطرولاب برونزى معلق، ويقع المركز بجانب مركز دبى للإعلام والتكنولوجيا على طريق الشيخ زايد السريع الرئيسي.
وقال محمد مكي، المؤسس المشترك لـ “أسترولابس” مع لويس ليبوس، واللذان أسسا موقع “نمشي” للتسوق فى دبى، والبالغة إيراداته السنوية 100 مليون دولار: “لقد استخدمنا هذا الرمز للإشارة إلى الرحلة التى تنتظر رواد الأعمال، وإلى نوع المساعدة التى نقدمها”.
وأدار الثنائى ورش عمل عبر المنطقة لسنوات عديدة للتدريب على ريادة الأعمال وإنشاء الشركات قبل مشاركة “جوجل”، وافتتاح المركز التكنولوجى الشهر الماضي.
ويعد إطلاق شركة فى الشرق الأوسط صعباً، ويواجه رواد الأعمال جبالاً من الإجراءات القانونية والتنظيمية الروتينية، بجانب ارتفاع تكلفة تأجير أو شراء مكاتب، ويصعب إيجاد العمالة الماهرة، كما أن التمويل نادر بسبب عدم تطور قطاع المشروعات المشتركة. وتقدمت شركات من 27 دولة من المغرب وأستراليا حتى الهند للانضمام للمركز، وقال مكي، إن “أسترولابس” و”جوجل” مهتمتان بشكل خاص بالشركات الطموحة خارج دبي، ومن بينها، “ديليفيرو” البريطانية، التى تقدم موقعاً لطلب الطعام عبر الإنترنت، والتى تلقت تمويلات بقيمة 70 مليون دولار، وتسعى للتوسع فى الشرق الأوسط.
وتدفع الشركات مقابل إيجار مكتب فى “أسترولابس” نحو 1000 درهم فى الشهر، فيما تسدد 3500 درهم فى الشهر لإبرام عقد لمدة عام بامتيازات مثل الحصول على رخصة للشركة، وعنوان بريدي، ومكاتب، وللجميع الحق فى الحصول على استشارات، ويقع المركز داخل منطقة حرة، ما يسمح للأجانب بالتملك، كما لا يوجد ضرائب.
وتساعد “أسترولابس” على تخفيف بعض عقبات افتتاح شركة فى دبي، التى حولت نفسها لمركز إقليمى للتداول، والتمويل، والتجارة.
ويقول طارق الشيخ، مصرفى سابق فى بنك استثماري، ومؤسس موقع “بينيبل” لإدارة الموارد البشرية، إن تكلفة الفشل مرتفعة للغاية فى المنطقة. وتراهن “جوجل” على أن الاستثمار فى مركز الشركات الجديدة فى دبى سوف يساعد رواد الأعمال على الاتصال بالمستثمرين فى المشروعات المشتركة، بالإضافة إلى التواصل فيمن بينهم، كما يحصل أعضاء “أسترولابس” على حق الدخول على 20 مركزاً تكنولوجى مدعوم من “جوجل” حول العالم، ويتمتع بنفس التسهيلات والأدوات.