بعض الآليات التمويلية المستحدثة تتطلب ضوابط يصعب تطبيقها فى الواقع
مبادرات تمويل المشروعات الصغيرة يجب أن تصل لمستحقيها
معدلات تنمية اقتصادية مأمولة تحشد لها الدولة بجميع مقوماتها، وبينما هى تسير بخطوات سريعة فى تعزيز مصادر تمويلية متنافسة، قال وليد حجازى، الشريك المؤسس لمكتب “حجازى كرويل آند مورينج للاستشارات” لـ”البورصة”، إن السير بخطى سريعة يجب أن يكون فى الطريق الصحيح.
وقال إن السيولة المالية داخل الاقتصاد المحلى مُحددة سواء فى القطاع المصرفى أو خارج القطاع المصرفى، وزيادة العوائد التى تحققها أحد القنوات الاستثمارية دون الأخرى قد تدفع المدخرين للعزوف عن باقى الأدوات المالية.
أضاف لـ”البورصة”، أن الأمر يتطلب تحديد الأولويات للتنمية نظراً لمحدودية الموارد، كما أن التوجه لاستحداث أدوات تمويلية جديدة يجب أن يهدف إلى جذب سيولة خارجية.
وقال إن آلية الصكوك التى من المنتظر إقرارها وغيرها من الأدوات تستطيع أن تجذب تمويلات خارجية، حيث إنها لا تعتمد على التصنيف الائتمانى للدولة، ولكن تعتمد على دراسات الجدوى الخاصة بالمشروع، كما تضمن ملكية الدولة للمشروع، بعد سداد الدين من العوائد، ولكن الحكومة لم تعلن حتى الآن عن أى دراسة لمشروع قومى تعتزم تمويله من خلال أدوات مستحدثة.
على صعيد زيادة أسعار الفائدة أشاد حجازى بمبادرة البنك المركزى التى تحمى المشروعات الناشئة من ارتفاع تكاليف التمويل، بتقديمه تمويلات بفوائد منخفضة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشدداً على ضرورة وصول تلك التمويلات لمستحقيها.
وأطلق البنك المركزى قبل أسابيع مبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتوفير 200 مليار جنيه.
وتتضمن المبادرة تقديم التمويل بعائد متناقص لا يتعدى %5 سنوياً مقابل السماح للبنوك بخصم قيمة التمويل المباشر المقدم للمشروعات الصغيرة من قيمة الاحتياطى الإلزامى المودع طرف المركزى.
ويطبق هذا العائد على القروض الممنوحة للشركات الصغيرة والصغيرة جداً التى يتراوح حجم إيرادتها السنوية من مليون إلى 20 مليون جنيه، وفقاً للتعريف الجديد الذى أصدره المركزى.
شدد حجازى، على ضرورة تطوير جميع منظومة القوانين فى مصر بخلاف قوانين الاستثمار التى يتعامل معها فى فترة محددة من عمر المشروع، بينما يتعامل مع جميع القوانين سواء قوانين عمل وبيئة وكهرباء وغيرها من القوانين التى يجب أن تراعى دعم وتحفيز الاستثمارات المختلفة، لأن المستثمر يظل على علاقة متواصلة بتلك القوانين على مدار عمر المشروع.
وانتهت الهيئة العامة للرقابة المالية من تعديلات بعض أحكام قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992، وتضمنت نحو 20 بنداً لتنظيم الصكوك، لتكون بديلاً عن القانون رقم 10 لسنة 2013 الذى كان من المفترض أن ينظم إصدار “الصكوك” فى مصر.
وقال حجازى، إن التعديلات الجديدة ركزت على صكوك الشركات بشكل كبير على حساب الصكوك الحكومية، التى كان يجب أن يمنحها القانون اهتماماً أكبر، لأهميتها فى التنمية الاقتصادية، بينما قد تتدارك اللائحة التنفيذية للقانون تلك النقاط المهمة.
وكشف عن بعض التشريعات والقوانين المنظمة لآليات استثمارية مستحدثة مؤخرا ولا تمثل أى جذب للمستثمرين، لما تحويه من قيود ومعوقات، مثل الآليات المنظمة لعمل الصناديق العقارية التى ألزمت لائحتها الصندوق بالإفصاح عن تفاصيل استثمارية شديدة الخصوصية، ما أدى إلى عزوف بعض المستثمرين عن قرار إنشاء تلك الصناديق.
أضاف أن مشكلة تمويل مشروعات عامة وغير هادفة للربح، لم تعد على قائمة المشاكل الاقتصادية المعاصرة، رغم أنها مازالت تُرهق الدول النامية، التى تصر على غض الطرف عن العديد من آليات التمويل المستحدثة حتى بعد إثبات كفاءة غير مسبوقة لدى عدد من التجارب المُختلفة شرقاً وغرباً، ليس الصكوك وحدها، ولكن هناك العديد من الأدوات المالية الأخرى، مثل السندات الإيرادية، والسندات المغطاة والسندات غير المصنفة وصناديق الوقف وغيرها.
وجرت خلال العام الماضى تعديلات على اللائحة التنفيذية لسوق المال، تضمنت إضافة مواد جديدة تُجيز للأشخاص الاعتبارية العامة ووحدات الإدارة المحلية بعد موافقة وزارة المالية، إصدار “سندات الإيراد” التى تستخدم لتمويل المشروعات الإنتاجية أو الخدمية، ولم يتقدم لها أحد حتى الآن.
ونوه حجازى إلى الجهود المبذولة فى صياغة الأطر القانونية لتنظيم وإتاحة المزيد من الأدوات المالية فى مصر، ولكنه لا يرى أى جدوى لتلك القوانين طالما لم تبادر الدولة باستغلالها فى تمويل مشروعات قومية مختلفة، ما يثير القلق بشأن مستقبل تلك الأدوات ومدى الاعتماد عليها فى دعم معدلات التنمية الاقتصادية.