يصف الصينيون الحياة بأن مذاقها مر كدموع الديناصورات رغم أنهم لم يذوقوها قط، وكذلك يصرخ الأثرياء فى أوقات الركود رغم أنهم لم يتألموا منها أبدا.
ولا تنتبه الحكومات للركود الأليم إلا مع أنين الفقراء ضحايا كل العصور وساعتها تصدر القرارات بحوافز تشجيعية للأغنياء حتى أن متوسط نمو ثرواتهم فى أوقات الركود يتخطى الـ%60 ومتوسط نمو معدلات الفقر يتخطى الـ%50.
ويقف العالم حاليا على شفا ركود عالمى آخر له أمارات من أقصى الأرض إلى أقصاها، فعلامات الضعف مستمرة فى أوروبا وغليان السوق يوشك أن يفجر فقاعة الصين وعندها ستكون بكين ضغطت الزناد ليسقط الاقتصاد فى هوة سحيقة، بينما القطاع الصناعى يتراجع فى الولايات المتحدة وهو قاطرة أكبر اقتصاد فى العالم.
ويعد الركود ظاهرة اقتصادية تحدث كل فترة وكان آخر عهد الناس به فى 2008 غير أن هذه المرة بخلاف كل مرة، حيث تشبعت جدران القطاع المالى بالاموال السهلة جراء الإفراط فى الائتمان الرخيص ولم تعد هناك فسحة للمناورة بتسهيل السياسة النقدية، حيث تبدو البنوك المركزية مكبلة الأيدى، خصوصا أن معظمها وصل بسعر الفائدة الاساسية الى مستوى الصفر وبعضها جعله بالسالب.
من غير المتوقع أن تجبر الحكومات رجال الاعمال على ضخ رؤوس أموال جديدة مع الدخول فى عاصفة الركود الجديدة لتحقيق نمو اقتصادى حقيقى بعيدا عن مقصورات تداول الاوراق المالية ومشتقات الائتمان التى تولد عنها نموا وهميا على الورق وعادة ما تطيح العواصف بكل ما هو مصنوع من الورق ولا يقابله فى الواقع إنتاج حقيقى مواز لنشاطه، لكن المتوقع أنها ستعلن عن برامج لإنقاذهم مرة ليست اخيرة.
الملف التالى جرس إنذار مبكر لركود قادم يتجمع فى الأفق.
6 علامات خطر على طريق الكساد الكبير فى 2016
%10.5 معدل البطالة الحقيقى فى الولايات المتحدة
يبدو أن الاقتصاد العالمى تعلم من تجربة 2008، حيث أنكر الجميع على بعض الأصوات العاقلة تحذيرات من مخاطر الوقوع فى فخ الركود، ولذلك فإن وسائل الإعلام المختلفة مزدحمة بالتقارير التى تحذر من نفس الخطر حالياً.
ويبرر من يدقون ناقوس الخطر قلقهم بالظروف التى يمر بها الاقتصاد فى جميع أرجاء الأرض بداية من انهيار أسعار البترول والغاز إلى عدم تحقيق معدل نمو قوى فى 2015.
يمكن تحديد 6 عوامل تبشر بركود عالمى ظهرت فى الأشهر الأخيرة حددها المحلل الاقتصادى آدم هايز فى تقريره على موقع إنفيستوبيديا.
غرق قبل أقل من عقد من الزمان الاقتصاد العالمى فى «الكساد العظيم» وهو مصطلح يشير إلى أعمق وأكثر انكماش اقتصادى انتشاراً وقع فى الفترة بين العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضى.
ومنذ انهيار سوق الأسهم فى عام 2008، بدأ الانتعاش الذى استمر لفترة طويلة لكنه بطىء وسط عراقيل مستمرة على طريق التعافى ومع ذلك، قفز مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لأكثر من %92 خلال السنوات الخمس الماضية، وانخفض معدل البطالة فى الولايات المتحدة لما يقرب من %10 فى ذروة الكساد الكبير إلى ما يقرب من %5 حالياً.
لكن هايز عزا هذا النمو إلى عمليات إنقاذ حكومية، وسياسة نقدية متساهلة وحقن رأس المال ضخم فى الأسواق من قبل البنوك المركزية فى شكل برامج التيسير الكمى، والمشكلة هى أن هذا التوسع لا يمكن أن يستمر إلى الأبد لأنه تغذى فقط من الأموال الرخيصة ودعم البنوك المركزى.
فى نهاية المطاف، يجب على أسس الاقتصاد الحقيقى أن تتعافى لتلحق ببرامج التحفيز فى دورها لخلق نمو حقيقى، وإذا فشل الاقتصاد الحقيقى فى القيام بدوره فإن العالم على وشك ركود آخر.
وفيما يلى بعض مؤشرات هذا الركود البادى فى الأفق:
الوضع فى أوروبا يزداد سوءاً
لا يخلو حديث الاقتصاد فى أوروبا من الركود كتهديد رئيسى لها وهى جزء مهم من الاقتصاد العالمى وقد اتخذ البنك المركزى الأوروبى إجراءات استثنائية من برامج التيسير الكمى فى منطقة اليورو لتحفيز النمو، كما قدمت برامج إنقاذ للمتعثرين وهى البرتغال وأيرلندا وإيطاليا واليونان وأسبانيا مراراً وتكراراً بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى، مقابل تدابير تقشف إلزامية تم فرضها على شعوب تلك الدول وهى تدابير لا تحظى بشعبية بالطبع، لكنها أيضاً تخلق عراقيل أمام النمو عن طريق تخفيض الطلب بسبب ضعف الإنفاق، كما أن أعباء الديون فى هذه البلدان عالية.
وكانت اليونان أسوأ الدول بين المتعثرين، حيث تخلفت مؤخراً عن سداد قرض صندوق النقد الدولى، وعلى الرغم من أنها تمثل جزءاً صغيراً نسبياً من منطقة اليورو، إلا أن هناك خوفاً من أنها قد تضطر لترك منطقة العملة الأوروبية الموحدة ليتبعها خروج باقى الدول المتعثرة، وبالتالى تنتشر العدوى وتنتهى تجربة اليورو للأبد، وفى حالة انهيار اليورو فإن ذلك سيكون له عواقب وخيمة وواسعة على نطاق الاقتصاد العالمى، وربما تسقط أوروبا فى ركود جديد.
الفقاعة الصينية
حقق الاقتصاد الصينى معدلات نمو غير عادية على مدى العقد الماضى حتى بات ثانى أكبر اقتصاد فى العالم ولا يسبقه سوى اقتصاد الولايات المتحدة ويعتقد كثير من الاقتصاديين، أنها مسألة وقت قبل أن تتخطى الصين أمريكا لتصبح أكبر دولة من حيث حجم الناتج المحلى الإجمالى.
وفرضت حكومة بكين ضوابط على رأس المال من أجل الحفاظ على المال داخل حدودها، مما جعل الطبقة الوسطى الصينية التى تنمو بقوة أمام عدد قليل من خيارات استثمار الثروة الجديدة، ونتيجة لذلك انتفخ الأسهم الصينية وقطاع العقارات لأنهما أفضل الأماكن للشعب للاستثمار، لكن الفقاعة أوشكت على الانفجار فقبل بضعة أشهر كانت سوق الأسهم الصينية أعلى متوسط للعائد فى العالم، فمثلاً قدم قطاع التكنولوجيا الصينى عائدات مضاعفة 220 مرة فى المتوسط، وهو وضع يشبه انفجار فقاعة التكنولوجيا فى بورصة نيويورك فى مطلع القرن الحالى، حيث تضخمت العائدات 150 مرة قبل انفجارها، وبالفعل بدأت فى الآونة الأخيرة حركة تصحيحية فى أسواق المال أرغمت بكين على اتخاذ تدابير احترازية منها تقييد البيع الأجل.
وفى الوقت نفسه، أدت الطفرة العقارية إلى الإفراط فى مشروعات البناء، مما أدى إلى ما يسمى بمدن الأشباح، فى مشهد للتحضر غير مسبوق، حيث لا يعيش أحد. وعندما يتأكد المستثمرون من أن زيادة العرض لا يقابلها طلباً حقيقياً قد تنهار الأسعار ويسقط معها سوق الإسكان الصينى، وإذا انزلق الاقتصاد الصينى إلى دوامة الركود، فمن المرجح أنه سيسحب معه بقية العالم أيضاً.
نمو ديون الطلاب
اندلعت أزمة 2008 مع تعثر المدينين بقروض الرهن العقارى بعد أن فشلوا فى سداد ما عليهم وتسير فى نفس الاتجاه قروض الطلاب فى الولايات المتحدة، حيث تدعمها الحكومة الأمريكية.
وكما أعطت وكالات التصنيف الائتمانى تقييم وهمى مرتفع فى 2008 لديون الرهن العقارى تفعل نفس الشىء مع الديون الطلابية حالياً، على الرغم من أن الطلاب لا يملكون القدرة المناسبة على السداد فى موعد الاستحقاق.
وبلغ مستوى الديون الطلابية حالياً نحو 1.2 تريليون دولار فى القروض الطلابية وهو رقم هائل مع الإشارة إلى أن دولة مثل استراليا بلغ الناتج المحلى الإجمالى فيها 852 مليار دولار فى 2014.
وبخلاف ما يمكن أن تسفر عنه موجة تخلف محتملة عن السداد من مشكلات للخزانة الأمريكية، فإن أعباء القروض الطلابية تمنع الشباب من الانخراط فى النشاطات الاقتصادية الأخرى مثل شراء المنازل والسيارات، مما يسهم فى تباطؤ الاقتصاد.
صورة البطالة ليست وردية
انخفض معدل البطالة فى الولايات المتحدة إلى %5.3 فى يونيو 2015، وهو أدنى مستوى منذ بداية الأزمة، ولكن مصطلح معدل البطالة لا يشمل العمال المحبطين الذين قبلوا أعمالاً مؤقتة أو بدوام جزئى لتغطية نفقاتهم وهى نسبة ليست بالقليلة ترفع معدل البطالة الحقيقى إلى %10.5.
وفى الواقع فإن قوة العمل الأمريكية فى أدنى مستوى لم تشهده منذ سبعينيات القرن الماضى، وحتى بالنسبة لأولئك أصحاب الأعمال الثابتة يعانون من ركود الأجور الحقيقية إلى حد ما وقد انخفضت فى الولايات المتحدة عن مستويات ما قبل عام 2008، ويتم حساب الأجور الحقيقية مع الأخذ فى الاعتبار آثار التضخم وهو ما يظهر ضعف الناتج الاقتصادى بعيداً عن أرقام النمو الخادعة.
البنوك المركزية خارج الخدمة
البنوك المركزية عادة ما تستخدم السياسة النقدية المتساهلة، أو تتوسع فى تحفيز الاقتصاد عندما يبدو أنه يتباطأ، وتفعل ذلك عن طريق خفض أسعار الفائدة، والانخراط فى عمليات السوق المفتوحة، أو من خلال برامج التيسير الكمى.
لكن أسعار الفائدة بالفعل قريبة من الصفر، حتى فى بعض الدول الأوروبية تتبع سياسة سعر الفائدة السلبى، وبالتالى لا مجال لديها للمناورة فى هذا الجانب لدرء الانكماش المقبل.
كما هو الحال لبرامج التيسير، حيث تزايد شراء الأصول من موازنات البنوك المركزية إلى مستويات غير مسبوقة مرة أخرى، ولذلك فأيديها مقيدة فى محاولة لتجنب الركود.
بيانات اقتصادية تقدم أنماطاً مماثلة لفترة الركود
– انخفضت مبيعات التجزئة لأدنى مستوى منذ فترة ما قبل أزمة 2008 وينطبق الشىء نفسه مع مبيعات الجملة.
– انخفضت طلبات المصانع الأمريكية لأدنى مستوى منذ انهيار بنك ليمان براذرز خامس أكبر بنك استثمار فى العالم فى 2008.
– بدأ نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى الأمريكى فى الانخفاض، وانكمش فى بشكل طفيف فى الربع الأخير من 2015.
– يعانى نمو الصادرات الأمريكية من الضعف مع ارتفاع سعر الدولا.
– أرباح الشركات بدأت فى الانخفاض.
أجهزة الإنذار المبكر.. تدق أجراس تباطؤ الاقتصاد الأمريكى
عاد حديث الركود إلى طاولة النقاش حول الاقتصاد الأمريكى مرة أخرى إلى جدول الأعمال باهتمام متزايد.
وبحسب تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز، فإن أى نمو فى خطر الركود من المستوى الحالى المنخفض نسبياً سيؤدى حتماً إلى انهيار فى أسعار الأصول الخطرة، وهذا بالضبط ما نراه فى مؤشرات قد لا تحوذ تغطية إعلامية مناسبة، بينما هى ثقوب سوداء فى ثوب الاقتصاد.
ومن بين هذه الثقوب تراجع التضخم على المدى الطويل لأدنى مستوياته منذ أزمة 2008، واتساع رقعة الائتمان السيئ ذى التكلفة المرتفعة، كما تظهر عند قراءة منحنى العائد بأن الفجوة بين عوائد سندات الخزانة فئة العامين و10 أعوام سطحية لأقصى درجة منذ عام 2007، وهو ما يوضح ضعف رأى المطالبين برفع أسعار الفائدة والمتوقعين صعود التضخم خلال السنوات المقبلة. وبالطبع فإن سوق الأسهم يتراجع، ويمكن أن تتحقق نتائج أسوأ فى ظل التباطؤ الاقتصادي.
وتعنى هذه المؤشرات، أن الولايات المتحدة تعيش «خوف النمو» أكثر من الركود فى أعقاب أزمة 2008، وهذه الظروف المالية فى حد ذاتها تزيد من خطر حدوث تباطؤ أكبر للنمو، ما يجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للشركات والمستهلكين.
فما هو احتمال حدوث ركود اقتصادي، وكيف يمكن حساب ذلك؟
يرى المحلل الأمريكى جون هوسمان، أن الركود هو الآن احتمال وشيك، مشيراً إلى أن أسواق المال تتصرف عموماً بحسب أداء بيانات الاقتصاد خصوصاً الصناعة. وأضاف أن الإنتاج الصناعى انخفض فى 10 أشهر من الـ12 شهراً الماضية. وتاريخياً منذ عام 1919، فى كل مرة انخفض بمعدل 8 مرات يكون هناك ركود.
وعلى مدى الأشهر الـ12 الماضية لم ينخفض الإنتاج الصناعى بمعدل أعلى من الولايات المتحدة بحسب ألان راسكين، خبير فى دويتشه بنك، وهو ما يلقى بظلاله من الشك إزاء قدرتها على لعب دور كقاطرة النمو فى العالم. وأكد انخفاض اقتصاد الخدمات بشكل ملحوظ فى يناير، أن هناك حدوداً له لا يمكن تخطيها ليقود النمو دون قطاع التصنيع.
وأوضح «هوسمان»، أن ضعف مبيعات التجزئة دليل إضافى على الاقترب من دوامة الركود، وهو يعنى أن بيانات البطالة سترتفع وستسقط ثقة المستهلك.
الظروف المالية مهمة، أيضاً، فصعوبة الحصول على قرض من البنك علامة مهمة على الركود القادم، وتشهد البنوك الأمريكية بسبب قيود بنك الاحتياط الفيدرالى تشديداً فى معايير القروض التجارية والصناعية بطريقة لم تحدث منذ أزمة 2008، وهو مؤشر مقلق على الرغم من أنه ليس هناك تشديد مماثل فى شروط القروض العقارية أو القروض الاستهلاكية.
كما أرباح الشركات سبباً كافياً للقلق، فالشركات تجد صعوبة فى الحفاظ على هوامش أرباحها أو زيادة إيراداتها مرة أخرى ربما بسبب قوة الدولار.
ومع ذلك، فإن هناك أدلة على أن الولايات المتحدة لن تصل إلى مرحلة الركود قبل 2018، وفق تقديرات نموذج سوسيتيه جنرال لقياس أسس الاقتصاد الرئيسية.
دور وسائل التواصل الاجتماعى فى فترات الركود حلقة وصل بين العملاء والشركات وآلية لقتل الشائعات
فى محاضرة ألقاها دونالد ستيل، خبير العلاقات العامة الأسبق فى هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) فى القاهرة العام الماضى، قال إن الحد الأقصى للوقت اللازم لكتابة إيضاح عن مشكلة ما تواجه الشركة على صفحات التواصل الاجتماعى مثل فيس بوك أو تويتر هو 15 دقيقة وبعدها بنصف ساعة يجب إضافة مزيد من التفاصيل وخلال ساعيتن يجب أن تكون لدى العملاء القصة كاملة عبر الصفحات الرسمية للمؤسسة أو الشركة.
وأضاف «ستيل»، أن هذه السرعة أفضل طريقة لقتل الشائعات؛ لأنها ستجبر الجميع بما فيها وسائل الإعلام على نقل وجهة نظر الشركة أو المؤسسة.
وفى مقال لها منشور على موقع هيفنجتونبوست البريطانى، قالت كاتيان روتش، خبيرة وسائل التواصل الاجتماعى، إن السؤال الأكثر تكراراً فى الأوقات الاقتصادية الصعبة هو كيف السبيل إلى النجاة؟
وأضافت أن التجربة أثبتت أن وسائل التواصل الاجتماعى جانب جيد قد ترتكز عليه الشركات فى أوقات الركود أكثر من أى وقت آخر، وهذا جزء من الإجابة عن ذاك السؤال المطروح، مشيرة إلى أنها أفضل وسيلة اقتصادية من حيث التكلفة للتواصل مع قاعدة العملاء الحاليين.
وتقوم هذه الصفحات بدعم الروابط بين المستهلك والمنتج خصوصاً السلع والخدمات التى تتمتع بطابع الرفاهية والفخامة.
وتعتبرالتعليقات اليومية من الزبائن على صفحات التواصل الاجتماعى كنزاً لأنه يوفر فى حال تحليله رؤية واقعية للصورة الذهنية للشركة عن حدث أو منتج ما.
ويجب على أصحاب الأعمال الأذكياء الإنصات إلى خبراء مواقع التواصل الاجتماعى فى أوقات تراجع الأرباح أكثر من أوقات النمو الجيدة. وتتركز أهداف الشركات على زيادة قاعدة العملاء، وكسب المال وخفض التكلفة، وزيادة الإنتاجية، وهو ما يمكن دعمه من خلال وضع استراتيجية استخدام لمواقع التواصل الاجتماعى خصوصاً فى فترات الركود.
وتشير الدراسات إلى أن %53 من شركات رفعت موازنة الشركات المخصصة للتسويق عبر وسائل التوصال الاجتماعى فى فترة ركود 2008، بينما أبقى %42 عليها كما هى دون تخفيض، ما يظهر الإيمان لدى إدارات التسويق بجدواها؛ لأنها أكثر طريقة اقتصادية للوصول للزبائن.
عالـم بلا بتـرول
انهيار الأسعار %70 يخفى تعافى القطاعات الاقتصادية الأخرى
تأثير هائل لقطاعى الطاقة والسلع الأساسية على حركة الأسواق
يعتبر هبوط أسعار البترول خلال العام ونصف العام الماضى بجانب تباطؤ الصين، بلا شك أكبر قصة فى الأسواق العالمية.
فقد انخفض سعر السلعة الأكثر أهمية فى العالم إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل من أعلى مستوياتها 114 دولاراً فى منتصف عام 2014، ليخسر أكثر من %70 من قيمته فى نحو 18 شهراً.
وأثار انهيار البترول المخاوف من موجة ركود عالمى ومن بين الذين شعروا بالخوف رجل الاقتصاد المعروف ألبرت إدواردز الذى قال فى يناير الماضى، إنه إذا أردنا وضع الأمور فى نصابها فيجب الاعتراق بأن العالم يتجه لوضع قبيح جداً فى الواقع.
ولكن كيف سيبدو الاقتصاد العالمى فى الوقت الراهن إذا تجاهلنا البترول؟ حاول الإجابة على هذا السؤال، محللون فى بنك مورجان ستانلى عبر فريق عمل يقوده أندرو شيت.
وقدم الفريق تقريره تحت عنوان «عالم بلا بترول،» ففى الأساس، يرى المحللون، أن رد فعل السوق تجاه تحركات البترول مبالغ فيه.
وبحسب مورجان ستانلى، فإن المخاوف من الركود ترجع لأسباب عدة من أهمها البترول، لكن لا يمكن تجاهل مخاوف الإنتاج الصناعى، وأرباح الشركات، والصحة والتضخم وهو نقاش يدور فى كل مكان، ويلعب البترول غالباً دور مهم فى تحديد طريقة تعامل الخبراء مع الأزمة.
ولفت تقرير موقع بزنس أنسيدر الاقتصادى، إلى أن حركة السوق على مدار الساعة التى يقودها البترول يمكن رؤيتها بوضوح فى الرسم البيانى حيث ترتبط أسعار الأصول فى جميع المجالات الآن بسعر الخام والتى وصل بعضها لأعلى مستوياته فى عامين.
وفى الولايات المتحدة، تراجع الإنتاج الصناعى بمعدل مثير للقلق فى الأشهر الأخيرة وهو مقياس يستخدمه البعض كمؤشر للركود محتمل، لكن تجريد النقاش من قطاع الطاقة الذى يقوده البترول يجعل الأوضاع تبدو أكثر ازدهاراً.
ويشير تحليل فريق مورجان ستانلى، إلى أن شركات الطاقة لم تعد تقود مؤشرات الأسهم أو الائتمان سواء صعوداً أو هبوطاً، لكن أسواق البترول وأسواق المال تتحرك معاً لأنها مرتبطة بنفس العوامل ومنها مخاوف النمو، وعدم وجود رغبة فى المخاطرة، وقوة الدولار والذى من المرجح استمرار صعوده بلا هوادة أمام العملات الأخرى.
ويلفت تقرير بزنس أنسيدر إلى أن الناس فى الأسواق العالمية تشعر بالقلق إزاء تباطؤ متوقع لنمو الأرباح فى الشركات الكبرى مدفوع أيضاً إلى حد كبير بتراجع البترول، لكن خبراء مورجان ستانلى يرون، أنه من الدقة أن نقول أن أرباح قطاع السلع الأساسية آخذة فى الانهيار، فى حين أن الأرباح للجزء المتبقى من السوق لاتزال تبشر بنمو وأن كان محدوداً.
يشير محللو مورجان ستانلى أيضاً إلى أنه إذا كان لنا أن نتجاهل تأثير قطاعى الطاقة والمواد الغذائية على التضخم الأساسى فى الولايات المتحدة، واليابان، وأوروبا فإن القياس سيظهر فى الواقع نمواً جيداً فى الأشهر الأخيرة، على الرغم من أن الأرقام الحقيقية تؤكد استمرار الركود.
ولذلك بدون البترول بشكل خاص وقطاع السلع السياسية بأكمله، فإن الاقتصاد العالمى سوف يبدو فى صحة أفضل بكثير مما هو عليه الآن، ومن الواضح أن كل هذا هو مجرد لعب شيطان بالرأس فالحقيقة أن العالم لا يمكن أن يسير بلا بترول، ولذلك فتأثيره هائل على الأسواق العالمية.
الصين تفقد السيطرة على عجلة القيادة
يحبس العالم أنفاسه مع موجة وشيكة من الحركات التصحيحة فى قطاعات الاقتصاد الصينى الذى تعانى أسواقه تشوهاتٍ كبيرة؛ بسبب السياسات الحكومية.
ويحذر بنك كريديه سويس من أن هذه المخاطر نمت بشكل كبير فى الأشهر الأخيرة، كما نقلت عنه مجلة بيزنس إنسيدر الاقتصادية.
وقال البنك، فى تقرير حول توقعاته أرسله لعملائه، إنه يعتقد أن التباطؤ فى نمو الاقتصاد الصينى مستمر، مع تراجع ممنهج لمعدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2016.
قال ريك ديفلير، خبير بالبنك، إن المخاوف تتزايد من أن بكين قد تفقد السيطرة على الاقتصاد، وبالتالى يتضرر النمو الحقيقى، ويكون مصدراً للصدمات لثقة المستهلك والمستثمر فى آن واحد.
ببساطة يشير تقرير ديفلير ورفاقه إلى أن ما جرى إعلانه، مؤخراً، من سياسات حديثة متعلقة بأسواق الأسهم والعملة، يغذى شعوراً بأن صُناع القرار فقدوا السيطرة.
وقد فعلت الصين كل ما بوسعها فى سوق الأوراق المالية فى الأسابيع الأخيرة فى محاولة لدعمها، لكن تأثيرها كان محدوداً، وفى الوقت نفسه تقوم بدرو هزيل فى إصلاح العملة المحلية اليوان.
ويبدو أن بكين تجد صعوبةً فى التعامل مع تشققات الاقتصاد.
وتعتبر القضية الكبرى، حالياً، أن التباطؤ يعود لأسباب هيكلية بحسب بنك كريديه سويس. ودخلت الصين مرحلة النمو الطبيعى بعد العقد الأول الاستثنائى الذى شهد نمواً فوق %10 بفضل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
ويعد النقاش حول تباطؤ الاقتصاد الصينى قديماً، لكنّ مزيجاً من انخفاض أسعار البترول وتدخلات الحكومة فى الأزمة أثارا المخاوف من تفجر الموقف تماماً بحسب تقرير كريديه سويس.
وكتب المحلل دونج تاو فى تقريره، أن كثيراً من عثرات البداية فى 2016 يمكن عزوها إلى السياسة المتعلقة بكل من الاقتصاد والعملة. هناك تزايد شعبية بين صناع القرار لـ«اقتصاديات الموارد الجانبية» التى تقوم على إزالة الحواجز المختلفة مثل الضرائب والبيروقراطية أمام تدفق الإمدادات والخدمات. ورغم أن هذا أمر إيجابى على المدى الطويل، فإنه يؤدى إلى تأثيرات سلبية على النمو على المدى القصير.
وينصب التركيز على تصريف فائض القدرات الصناعية، والحد من المخزون الإسكاني، وتخفيض الديون المالية، وتم إغلاق مصانع للصلب ومصانع للأسمنت، ومناجم للفحم.
لكن العمالة التى فقدت وظائفها انتقلت إلى الشركات المملوكة للدولة بطرق أخرى، رغم أنها اختارات التقاعد المبكر، وهذا يعنى أن المصانع الحكومية الأخرى تواجه تكاليف إضافية بينما الاستثمار فى البنية التحتية لا يزال فى تباطؤ.
وتستمر جهود حملة مكافحة الفساد، لكنها تجعل المزيد من الشركات المملوكة للدولة والبنوك، ومسئولى الحكومات المحلية غير راغبين فى الاقتراض أو الإنفاق خشية حدوث خطأ يكلفهم حريتهم.
وتأمل الصين فى ارتفاع الإنفاق الاستهلاكى للمساعدة على تعويض بعض من النمو المفقود لتحقيق الهبوط الناعم أفضل من الهبوط الصعب للاقتصاد.
ونتيجة ذلك، فإن الحكومة تحاول إعادة التوازن للاقتصاد بعيداً عن أشياء مثل إنتاج المواد الخام والصناعات التحويلية للعمل على خلق فرص عمل مستدامة بشكل متزايد.
لكن هذه الجهود ترتطم بواقع أنه من الصعب تحقيق زيادة فى الاستهلاك النامى بالفعل فى ظل صعوبة فى إيجاد استثمارات حقيقية جديدة جراء ضغوط تراجع النمو.
كل هذه أنباء سيئة بالنسبة لبقية العالم، فالتباطؤ فى الصين له آثار ضخمة على الثقة فى كل مكان والأسواق فى جميع أنحاء العالم تأثرت على مدى الأسابيع الماضية بالقلق القادم من الصين.