البنوك الصينية تتوسع فى المنتجات للتحايل على الحدود القصوى للإقراض
النظام المصرفى الرسمى يعادل 340% من حجم الاقتصاد الصينى وبنوك الظل تنمو 600% فى آخر 3 سنوات
حذّر كايل باس، مؤسس شركة “هايمان كابيتال”، أحد أكبر صناديق التحوط فى الولايات المتحدة، ومقرها دالاس، بوجود “قنبلة موقوتة” تهدد النظام المصرفى الصيني.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، نما النظام المصرفى فى الصين من أقل من 3 تريليونات دولار ليصل إلى 34 تريليون دولار، أى ما يعادل نحو 340% من الناتج المحلى الإجمالى الصيني.
ولوضع الأمور فى نصابها، اتجه النظام المصرفى الأمريكى إلى أزمة مالية عالمية، وكانت أصوله التى تقدر بـ16.5 تريليون دولار تعادل 100% فقط من الناتج المحلى الإجمالى الأمريكي.
وتناولت مجلة بيزنس إنسايدر الأمريكية ما كتبه باس فى رسالته إلى عدد من المستثمرين، ويرجع تاريخها إلى العاشر من فبراير الجارى: “إن الائتمان لم ينمُ أبداً أسرع أو أكبر مما كان عليه فى الصين على مدى العقد الماضي”.
“لا توجد أي سابقة فى هذا الصدد”.
وأضاف “باس” فى رسالته أن “النظام المصرفى فى الصين نما من 3 تريليونات دولار إلى أكثر من 34.5 دولار فى حجم الأصول على مدى السنوات الـ10 الماضية وحدها، لا يوجد نظام ائتمان فى التاريخ وصل لمعدل النمو هذا، فليس هناك سابقة فى هذا الصدد من قبل”.
وأوضح باس، أن البنوك الصينية قد استخدمت، بدورها، منتجات إدارة الثروات WMPs لتسريع وتيرة هذا النمو، واستيعاب القيود المفروضة على الإقراض، لاسيما أنه غير مسموح للبنوك الصينية بإقراض سوى 75% من ودائعها فى النهاية.
ولعل الطريقة الوحيدة لرفع هذا الحد تكمن فى تقديم منتجات ثروات مثل خطط مدخرات البنوك، وعلى الرغم من أن البنوك لا تتجه نحو الحد الأقصى من الاقراض والمقدر بـ75%، فإنها تستطيع توليد الدخل من هذه المنتجات، وغالباً ما تقدم للمستثمرين فائدة مضمونة، بالإضافة إلى الدفعات الأساسية الأخرى.
وتطرقت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتمانى إلى هذه المنتجات فى مذكرة لها الأسبوع الماضي، موضحة أن “تزايد الاعتماد على منتجات إدارة الثروات للوصول لنسب كفاية رأس المال التنظيمى قد يقوض رأسمال البنوك”؛
وذلك لأنه فى الوقت الذى تعد فيه منتجات إدارة الثروات بمثابة ودائع خارج الميزانية العمومية للبنوك، غالباً ما يتم إدراجها ثانية بالميزانية ذاتها فى جهود من جانب البنوك لتوفير العوائد التى تم الوعد بها.
وفى هذا الصدد، يسلط باس، الضوء على نوع معين من منتجات الثروة تسمى منتجات إدارة حقوق المنتفعين (TBRs).
وقال: إنه “فى حين أن الحل البديل الأكثر شيوعاً يكمن فى استخدام منتجات إدارة الثروات، والتى تهدف للتحايل على حدود سعر الفائدة على الودائع والقيود التنظيمية، بما فى ذلك نسبة القروض إلى الودائع، يبقى استخدام منتجات إدارة حقوق المنتفعين الأكثر ضرراً على الإطلاق”.
وأكد باس، أن استخدام منتجات إدارة حقوق المنتفعين بمثابة “قنبلة موقوتة”، خاصة أنه يتم استخدامها بغية إخفاء خسائر القروض ويُجرى القيام بهذا الأمر بعيداً عن أعين الجهات التنظيمية.
وهنا كيف يفسر باس الأمر:
عندما تقترب القروض من وضع التعثر، تقوم البنوك الصينية كعادتها بدفعها خارج ميزانيتها العمومية، ودون الخوض فى فروق دقيقة بالضبط حول كيف تتم تلك العملية، فإن الفرضية الأساسية هى أن القروض غير العاملة “المتعثرة” يتم نقلها إلى “شركة وكالة أو وصاية” بينما يكون البنك “الضامن” (أى أن البنك يحتفظ بالمخاطر الائتمانية)، وفى المقابل، فإن البنك يسجلها كـ”أصول” تؤول إلى جهة منتفعة والتى يطلق عليها “تى بى آر”.
ماذا يعنى هذا بالنسبة للبنوك الصينية؟
هناك ثمة إجابة سيئة مفادها، أن الرأس المال الإلزامى للبنوك الصينية، المطلوب الوصول إليه، يعد مبالغاً فيه إلى حد كبير، وتتطلب “تى بى آر” أى منتجات وأصول إدارة حقوق المنتفعين رأسمال أقل بكثير لتحييدها جانباً (ونسبته 2.5% فقط بدلاً من 11% للحصول على قرض من الميزانية العمومية للبنوك) إبان عملية تحويلها إلى شركة “وصاية”، وتجدر الإشارة إلى أن نسب رأسمال البنوك جراء هذه التأثيرات والتى ظلت معقولة عند 8- 9% تغيرت إلى مستويات أقل تعادل 5 إلى 6% من نسب رأس المال الأساسى من الفئة الأولى.
والآن، تنذر الأخبار بأسوأ سيناريو، خاصة أن منتجات إدارة حقوق المنتفعين أصبحت واحدة من أكبر القنابل الموقوتة فى النظام المصرفى الصينى لأنها كانت تُستخدم لإخفاء خسائر القروض.
وأوضح باس كيفية شيوع تلك المنتجات، ويسلط الضوء على نسبتها مقارنة بالقروض، وهذا يدل على أن البنوك لديها فى بعض الحالات منتجات من تلك النوعية أكبر من حجم ديونها.
وأردف قائلاً: “يمكن للمرء أن يضع العديد من الافتراضات فيما يتعلق بتحصيل هذه القروض، ولكن ما ندركه، حالياً، هو أن النظام مليء بالفعل بالخسائر الفادحة”.
وأضاف: تشكل منتجات إدارة الثروات، منتجات إدارة حقوق المنتفعين، بالإضافة إلى 8 آلاف شركة معنية بضمان مخاطر الائتمان الغالبية العظمى من نظام الظل المصرفى فى الصين، وقد نما هذا النظام 600% فى السنوات الـ3 الماضية وحدها، وهذا هو النظام الذى بدأ يشهد مشاكل ائتمانية، بعيداً عن أعين الجهات الرقابية.
ويعتقد، باس، الذى توقع واستفاد أيضاً من أزمة الرهن العقارى فى عام 2008 بشكل صحيح، أن الصين فى النهاية ستضطر إلى خفض قيمة عملتها للتعامل مع هذه المشكلات، ومن الجدير بالذكر أن، باس، من بين حفنة من مديرى صناديق التحوط التى تراهن على انهيار العملة الصينية، اليوان.
وأنهى رسالته بالإشارة إلى:
“الحكومة الصينية لديها القدرة والاستعداد للقيام بما يجب عليها القيام به لمنع انهيار النظام المصرفي، ستحمى الصين بنوكها، وسيكون الرنمينبى صمام التطبيع النقدي، وهو ما ستفعله أى حكومة إذا ما وضعت فى وضع مماثل، ويتعين على الصين التوقف عن الاستماع إلى كورودا ولاجارد وستيجليتز وليو والبدء فى التفكير فى كيفية إنقاذ نفسها من كارثة وشيكة فى نظامها المصرفي”.