لم يعد منطقياً أن حل كل أزمة تواجهها الحكومة يكون على حساب المواطنين.. وتحديداً من جيوبهم.. أقول ذلك وأنا لست مع مبادرات التبرع المطروحة حالياً سواء لصندوق تحيا مصر أو غيره.. فهذه المبادرات سياسياً ومعنوياً مطلوبة لتأكيد المشاركة المجتمعية لأزمات الوطن.. ولكن لا يجب أن يكون حل الأزمات دائماً من جيوب المواطنين «الغلابة».. فالملاحظ أن أية إصلاحات تكون على حساب هؤلاء البسطاء، فإذا ما تم رفع الدعم عن المنتجات البترولية تزداد أسعار السلع وتزداد تكلفة أجرة المواصلات على المواطنين دون أن يكون هناك إجراء وقائى من الدولة لتخفيف آثار مثل هذه الإجراءات.. هؤلاء البسطاء هم من ينتظمون فى سداد الضرائب رغم محدودية الدخل.. انظر إلى حصيلة ضريبة كسب العمل التى تخصم منهم شهرياً بانتظام.. بينما لا تستطيع مصلحة الضرائب أن تحصِّل ما لديها من كبار الممولين.. بالنظر إلى حجم المتأخرات الضريبية والتى تصل لنحو 35 مليار جنيه..
ولعلى بهذا المقال أستبق بيان الحكومة أمام البرلمان والذى كما صرح به رئيس الوزراء فى لقاءاته مع رؤساء التحرير والإعلاميين منذ أسبوعين بأن البرنامج سيتضمن إصلاحات مؤلمة وهو ما يعنى أن تكلفة هذه الإصلاحات سيتحملها المواطن إما من خلال زيادة فى أسعار السلع نتيجة تخفيض الدعم أو زيادة فى الرسوم والضرائب بإصدار قانون ضريبة القيمة المضافة وكأن الحكومة ظلت تدرس وتمحص للبحث عن إيرادات جديدة فلم تجد أسهل وأيسر لها من «جيب المواطن»..
أليست هناك حلول أخرى غير «جيب المواطن»؟ وهل كل الدول التى مرت وتمر بظروفنا هذه كانت تتبع نفس سياسات حكومتنا؟ أم كالعادة نحن لنا ظروف خاصة.. الحلول البديلة كثيرة ولكنها تحتاج لجهد ولقرارات فعالة وإرادة حقيقية.. فلماذا لا تقتحم الدولة عالم الاقتصاد السرى أو غير الرسمى من ورش ومحلات وتحصل ضريبة فظيعة من 300 إلى 1000 جنيه مرة فى السنة؟ ولماذا لا يتم تحصيل ضريبة 300 جنيه سنوياً من كل توك توك؟.. هذا على سبيل المثال، ناهيك عن استرداد الأراضى المملوكة للدولة من مغتصبيها أو الحصول على حقوق الدولة من الأراضى التى تم تغيير نشاطها من زراعى وسكنى وتقنين أراضى وضع اليد.. كل هذه تحتاج لإجراءات سريعة وناجزة..
لماذا كل هذا السكوت عن أراضى الصحراوى وأراضى العياط هل هؤلاء أقوى من الدولة؟.. وهل يعقل أن دولة فى حاجة لاستثمارات وزيادة موارد ونجد قائمة انتظار لطالب أراضٍ صناعية وزراعية؟.. ولماذا لا يتم التخلص من الأصول غير المستغلة.. ماذا حدث على سبيل المثال فى الأراضى التى حصلت عليها البنوك العامة مقابل مديونياتها للشركات العامة.. الأراضى كما هى لم يحدث عليها أى تطوير..
لماذا تحتفظ الدولة بملكية الفنادق والمنشآت السياحية.. أين مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص فى مشروعات البنية التحتية والخدمات..
لماذا لا يكون هناك تقييم للمحافظين بأهداف وعوائد استثمارية يجب تحقيقها فى محافظته مع إعطائه صلاحيات تسمح بذلك؟ يا سادة.. التجارب والخبرات تقول إن الإنجازات لا تحقق بالجباية والتقدم لا يتحقق إلا بأفكار جديدة ومبدعة اطرحوا المبادرات للأفكار وليس للتبرعات.. استمعوا واقرأوا تجارب غيركم.. وارحمونا وتخلصوا من صندوق الأفكار البالية التى عفا عليها الزمن. للعلم والأمانة عنوان المقال للمبدع الراحل جلال عامر.