قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إن الاقتصاد الإسبانى يعد نموذجاً للتحدى حتى الوقت الراهن من العام الجارى، وسط الانتعاش الذى بدأ قبل عامين رغم مواجهة البلاد أسوأ أزمة سياسية منذ عقود.
ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزى الإسبانى، توسع الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 0.7% فى الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجارى وبنسبة 2.9% على أساس سنوى.
ونقلت الصحيفة، أنه حال استمرار هذا التوقع، فإن أسبانيا، سوف تصبح واحدة من الدول الأسرع نمواً فى منطقة اليورو مرة أخرى، متجاوزة دول مثل ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، كما فعلت فى العام الماضى.
وقال لويس دى جيندوس، وزير الاقتصاد للصحيفة: «يوجد تباطؤ اقتصادى طفيف فى أسبانيا، ولكن هناك تباطؤ أكبر فى باقى أجزاء أوروبا، مضيفاً أن تفوق أداء الاقتصاد الأسبانى مستمر.
وأوضح ميغيل كاردوسو، كبير الاقتصاديين فى “بى بى فى إيه” بنك التجزئة الأسبانى أننا لا نرى وجود تباطؤ فى بيانات التوظيف، وتدفقات الائتمان تبلى بلاءاً حسناً، إلى جانب مبيعات التجزئة والسياحة.
وعزز هبوط أسعار البترول الدخل فى مدريد، فى الوقت الذى سجّلت فيه معدلات الفائدة أدنى مستوياتها.
وساعد الانخفاض الأخير لليورو، فى رفع آفاق الشركات الاسبانية، وحولت سلسلة من الهجمات الإرهابية فى بلدان مثل مصر، وتركيا، وتونس، التدفقات السياحية إلى إسبانيا، الأمر الذى عزز واحداً من أهم القطاعات فى البلاد.
وفى الوقت الذى يتفق فيه المسئولون والمحللون على أن الانتعاش فى أسبانيا، قوى بما فيه الكفاية لتحمل ستة أشهر من الانجراف السياسى، فهناك مخاوف حول ما يمكن أن يحدث إذا فشلت الانتخابات فى حل حالة الجمود وعدم اليقين السياسى فى البلاد، والتى قد تمتد إلى النصف الثانى من العام.
ونوّهت الصحيفة، أنه على الرغم من الأرقام الرئيسية المشجعة، بدأت بعض التصدعات فى الظهور، فعلى سبيل المثال تجد البنوك الاستثمارية أنه من الصعب على نحو متزايد كسب المال عن طريق تقديم المشورة فى عمليات الاندماج والاستحواذ أو إعداد القوائم العامة للشركات.
ووفقاً لبيانات جمعتها “ديلوجيك” بدأت إيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية تجف قبل عدة أشهر من انتخابات ديسمبر الماضى وتراجعت إلى أبعد من ذلك منذ ذلك التوقيت.
وقال سانتياغو كاربو، أستاذ الاقتصاد والتمويل فى جامعة “بانجور” على الرغم من كل التقدم الذى أحرزه الاقتصاد الإسبانى منذ ذروة الأزمة فى عام 2012 إلا أنه لايزال يعانى من وطأة الضعف الهيكلية.
وأضاف أن أسبانيا، لديها أعلى معدلات البطالة فى العالم الغربى، فى وقت لاتزال فيه حالة المالية العامة فى البلاد وخيمة.
وفى الأسبوع الماضى كشفت مدريد، عجزاً فى الميزانية قدره 5.2% من الناتج المحلى الإجمالى لعام 2015، وهى نسبة أسوأ بما يقرب من نقطة مئوية كاملة من العجز المستهدف الذى حددته بروكسل.
وأوضحت “ستاندرد آند بورز” وكالة التصنيف الائتمانى، أنها أبقت على تصنيف الديون فى أسبانيا، ولكنها حذرت من أن الفترة الطويلة من حالة عدم اليقين السياسى يمكن أن تخلق مخاطر الهبوط.