المشروع لا يفرق بين الملكية والمسئولية الصحفية عن صناعة المحتوى
نسب توزيع أرباح المؤسسات القومية المقترحة تعزز وضعها كعبء على الدولة
تمر صناعة الإعلام سواء المكتوب أو المرئى والرقمى بتحديات مالية كبيرة تهدد مستقبل العديد من الكيانات فى الاستمرار كما تجعل آلاف الصحفيين والإعلاميين العاملين فى تلك الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية تحت ضغوط وتهديد مستمر بفقد وظائفهم وما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية وتحدٍ يصعب على نقابة الصحفيين أو الإعلاميين مواجهته فى ظل حالات التعثر العديدة، التى تواجه تلك المؤسسات.
ويتعين علينا ونحن بصدد إعداد مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام البحث عن الأسباب الحقيقية وراء ما يواجهه الزملاء من مشكلات ناتجة عن أوضاع الكيانات التى يعملون فيها وتقديم نماذج جديدة فى التنظيم وعمليات التمويل والاستثمار فى صناعة الصحافة والإعلام تمكن الكيانات القائمة أو الجديدة من مواجهة التحديات دون أن تكون مقيدة بقوانين استندت لأيدلوجيات وسياسات لم تعد تتناسب مع التطورات التى تشهدها صناعة الإعلام عالمياً ومحلياً.
ويجب تحرير القيود المفروضة على الشركات المساهمة التى تقوم بإصدار الصحف أو القنوات الفضائية، فيما يتعلق بضوابط الملكية إذ إن التطبيق العملى أثبت بما لا يدع مجالاً للشك انها لم تمنع سيطرة رجال الأعمال على وسائل الإعلام بل على العكس كرست تلك السيطرة لأنها منعت الشركات من اللجوء للقواعد الطبيعية فى طرح أسهمها للجمهور أو زيادة رأسمالها أو طرح أى أداة مالية تمويلية أو القيد فى البورصة وتداول أسهمها كما أنها منعت صناديق الاستثمار والمؤسسات الإعلامية الإقليمية والعالمية من الاستثمار فى صناعة الإعلام المصرى.
وهنا لابد من التخلى عن شرط قصر الملكية على المصريين لوسائل الإعلام والتعامل معها باعتبارها صناعة ذات شقين الأول استثمارى، ويجب معاملته بذات قواعد التعامل مع الشركات المساهمة والآخر صحفى وإعلامى، وهو ما يتعلق بالمحتوى الذى تنتجه وهذا يخضع للسياسة التحريرية التى يشرف على تطبيقها ويسأل عنها رئيس التحرير وليس المالك ومن غير المنطقى أن نمنع «فاينانشيال تايمز» من تأسيس شركة محلية تصدر طبعة لمصر أو العالم العربى من مصر بدعوى أن المؤسسين أجانب سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً.
وتمثل نسب قيود الملكية بـ10% قيدا شكليا يعوق المؤسسات، ولا يحقق لها نفعاً، بل أدى لإخفاء حقيقة مالك المؤسسة وراء أسماء لا علاقة لها بملكية الكيان الإعلامى وهو أمر لا يحقق صالح الصحفيين والإعلاميين ولا أى طرف فلماذا يتم التمسك به، كما أنه يحرم الشركات من سيناريوهات عديدة للتمويل منها على سبيل المثال لا الحصر.
1 ـ تأسيس شركة مساهمة عن طريق الاكتتاب العام.
2 ـ مساهمة صندوق استثمار أو شركة برايفت ايكونى «استثمار مباشر» فى مشروع إعلامى بهدف تحقيق ربح حقيقى من وراء نجاح هذه الكيانات.
3 ـ قيد الشركة فى البورصة وتداول أسهمها وزيادة رأسمالها حسب الحاجة لمواجهة احتياجاتها التمويلية.
4 ـ الاستحواذ الجزئى أو الكلى على المشروع الإعلامى من جانب كيان إعلامى أو شركة استثمار أخرى سواء فى حالات المشروعات الناجحة أو المتعثرة بما يسمح بضخ استثمارات جديدة فيها تمنع تسريح العمالة وفق العلامة التجارية التى حققتها إصدارات الشركة حال توقفها.
5- طرح سندات بأنواعها المختلفة بالنسبة للشركات كبيرة الحجم.
6 ـ قدرة الشركة فى الحصول على التمويل المصرفى فى ظل غياب المستثمر الحقيقى عن هيكل ملكية الشركة.
من ناحية أخرى مع أهمية زيادة الحد الأدنى لرأسمال الشركات المساهمة المسموح لها بإصدار الصحف وبما يتناسب مع خلق كيانات صحفية قادرة على الوفاء بالتزاماتها ومواجهة التحديات التى يشهدها السوق فلا بد أن يتضمن المشروع مدة كافية لتوفيق أوضاع المؤسسات الإعلامية القائمة، بما يؤدى لخلخلة المراكز القانونية للشركات خاصة مع ما تعانيه من مشكلات فى التمويل بسبب القيود المفروضة عليها.
وتأسيسا لأشكال قانونية ومؤسسات قادرة على جذب الاستثمار لصناعة الإعلام ومواجهة التحديات نقترح الآتى:
1- إلغاء شرط الجنسية بالنسبة لمالكى الصحف والمساهمين فيها.
2- تطبيق قواعد الشركات المساهمة الواردة بقانون 159 بالنسبة لتأسيس الشركات.
3- عدم وجود حد أقصى لملكية الشخص الطبيعى أو الاعتبارى على أن يتم الإفصاح كلما زادت الحصة عن 10%.
4- قصر الشكل القانونى على الشركات المساهمة أياً كانت جهة الإصدار عدا المؤسسات القومية حتى لا تكون هناك فرصة للإلتفاف حول شروط الترخيص، على أن يتم تخفيف قيود رأس المال على الصحف التى تصدر عن شركات مملوكة لهيئات أو مؤسسات المجتمع المدنى أو تلك التى تصدر فى الأقاليم.
5- تطبيق القواعد الواردة بقانون 159 فيما يتعلق بنسب المؤسسين وإمكانية بيع أسهمهم لأن ما ورد بمشروع القانون المتداول يحظر البيع لمدة 5 سنوات لا يتناسب مع أى قواعد منظمة لعمليات الاستثمار.
6- يجب وقف الدور الذى يقوم به جهاز الرقابة على الصحف حيث يفترض عمله فى التصريح بتداول الصحف الأجنبية وليس إصدار تراخيص بشكل غير مباشر لصحف جديدة يتم إصدارها دون أى ضمانات للصحفيين أو الالتزام بالضوابط التى تخضع لها الصحف الحاصلة على ترخيص المجلس الأعلى للصحافة، خاصة فيما يتعلق بحد أدنى لرأس المال والهيكل التحريرى وطباعة حد أدنى من الكميات دوريا تحول دون تحول تلك الصحف له لدكاكين إعلامية.
7- أن يتضمن ترخيص الصحف الورقية حقها فى إطلاق مواقع إلكترونية تابعة لها دون الحاجة لترخيص منفصل ورأسمال جديد.
8- إلغاء الحظر الوارد على مساهمة الشخص الواحد فى أكثر من صحيفة لإتاحة الفرص لصناديق الاستثمار والمؤسسات المتخصصة فى الاستثمار الإعلامى.
9- إلغاء النص الخاص بالمادة 58 من مشروع القانون والذى ينص على أن تمثل الشركة قناة تليفزيونية واحدة، وهو ما يخالف اقتصادات الإعلام المرئى والعرف السائد بوجود شبكة قنوات تابعة لنفس الشركة.
10 – تشكيل الجمعية العمومية ومجالس الإدارات للمؤسسات القومية يغلب عليه سيطرة العاملين من الإعلاميين وغيرهم دون وجود كوادر وخبرات يمكنها المساهمة فى تطوير هذه المؤسسات وأيضا بما يخالف قواعد تمثيل الملاك فى الجمعيات العمومية أو قواعد الحوكمة فى إدارة الشركات والمؤسسات.
11- سيطرة الفكر الاشتراكى على واضعى القانون تتضح بتوزيع صافى أرباح المؤسسات القومية إلى 45% للعاملين و 45% للتطوير و 15% للهيئة الوطنية للإعلام، وكأن الدولة لا تملك هذه المؤسسات، وهو ما يجعل الدولة تتحمل أعباء هذه المؤسسات دون تحقيق أى عائد فى حالة الأرباح.