بسهولة جداً.. اختصر شهر رمضان كافة الدراسات التى يمكن أن تجرى لرصد حالة المصريين، وتحديد مستوى معيشتهم والتصنيف الطبقى لهم.. فمن خلال الإعلانات التى تذاع على شاشات الفضائيات والتى تقدر بالمليارات تستطيع أن تحدد وضعك فى هذا المجتمع، هل أنت من الباحثين عن فيلا بثلاث جناين فى كومباوند سكنى أم أنت من السكان الجدد بحى الأسمرات الذين أنعم الله عليهم بشقة ليحضنوا الحياة بدلاً من حضن صخرة الدويقة.. وهل أنت من رواد الإفطار فى مطاعم «أم حسن» والفنادق والخيام الرمضانية أم أنت متعود على انتظار وجبة بنك الطعام وشنطة جمعية رسالة؟
وهل أنت من العيلة الكبيرة المليونية من فنانى إعلان فودافون أم أنت مجرد مستخدم لكارت بـ«10 جنيه».. ناهيك عن إعلانات العجز والمرض، وأن كل الفقراء فى مصر عجزة ومرضى، وأنهم لا يجدون أى رعاية من الدولة ومستشفياتها التى هى الأخرى تسألكم التبرع ولو بجنيه.. فتجد إعلانات بالكوم تدعو للتبرع لمرضى السرطان والأورام وفيروس «سى» والقلب وأورام أهالينا فى الصعيد، ما تنساش إنهم فى مجلس النواب دايخين دوخة السنين علشان يزودوا مخصصات الصحة فى الموازنة الجديدة حتى ولو على الورق.. ومن الممكن أن يكون الحل فتح باب التبرع لدعم وزارة الصحة.. وسفريات الوزير والدفاع عن مستشاره فى قضية الرشوة..!
كل مستشفيات الحكومة طالبة تبرعات.. وكل ميزانية العلاج على نفقة الدولة لا تكفى لعلاج الفقراء الذين يلجأون للجمعيات لكى تشحت عليهم نفقات العلاج.. وكل فناني مصر بصراحة بيطالبوك بالتبرع لعلاج الفقراء ولكن لا تطالب النجوم بالتبرع بجزء من الملايين عن أجورهم فى دراما رمضان كفاية عليهم إعلانات الفقرا..!
هذا الكم من الإعلانات يوحى لك بأن مصر فى حاجة للعشرات بل المئات من المستشفيات وأن الحكومة عاجزة عن توفير الرعاية الصحية لمواطنيها بالعند فى نص الدستور على ذلك..
هذه الإعلانات تشعرك بأن هناك دولة داخل الدولة أو دولة ظل تدير أحوال الفقراء فهناك من يدبر لهم وجبات الطعام وغيره يدبر نفقات العلاج والعمليات الجراحية وحتى السكن بات أيضاً بعيداً عن الحكومة.
«مؤسسة محمد صبحى لتطوير العشوائيات – صندوق تحيا مصر من أموال المتبرعين» وما تنساش تفتح دولابك بالمرة وتشوف لنا قطعتين ملابس لاخواتك الفقرا.. عايزين نجمع 3 ملايين قطعة فى رمضان وعايزين نفطر 3 ملايين فرد فى رمضان وعايزين نعالج أهالينا فى الصعيد ونرحمهم من السفر للقاهرة.. أما إعلانات الكبار فتعالى إلى المنافسة ومباراة القمة بين إعلان حديد عز وحديد المصريين إعلانات متكلفة وتعبر عن ضخامة البزنس ولكن فى التقنية الخبرة تفرق.. نفس الأمر لإعلانات الكومباوندات السكنية الفاخرة التى يتزامن إعلانها مع إعلانات الفقرا.. سيجال ممنهج بين الثروة والفقر فى مدد زمنية بسيطة ولكنها معبرة عن حال مجتمع يعانى أكثر من نصف عدد سكانه من الفقر والمرضى والجوع والعراء، وهذا يتجلى فى عدد إعلانات الشحاتة عليهم بين عدد محدود من الإعلانات يعبر عن مجتمع الثروة بالضخامة والفخامة والرفاهية..
أعتقد لو أن وزير المالية شاهد إعلانات رمضان لأعاد النظر فى كثير من بنود الموازنة.. التى لا تعبر بصورتها الحالية عن أوضاع المصريين.