تباين فى آراء مجتمع الأعمال حول عودة العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأنقرة
المنوفى: الاستثمارات التركية مرحب بها.. وعدم الخلط بين الاقتصاد والسياسة ضرورة
المرشدى: أنقرة تتخذ موقفاً عدائياً من مصر وعودة مستثمريها مقلق
يعتزم وفد اقتصادى تركى يضم عددا من الشركات، زيارة هيئة التنمية الصناعية لبحث سبل الاستثمار، الشهر المقبل.
وقال مصدر حكومى، إن الوفد التركى يضم شركات عاملة بمختلف القطاعات الصناعية، لكنه تحفّظ عن ذكر العدد.
وشهدت الفترة الماضية بوادر تقارب اقتصادى بين مصر وتركيا، ظهرت مع دعوة اللواء اسماعيل جابر رئيس هيئة التنمية الصناعية، المستثمرين الاتراك الى العودة من جديد لضخ استثماراتهم بالسوق المصرى والفصل بين الاقتصاد والسياسة، وذلك خلال مشاركته بمؤتمر الدول الثمانى الاسلامية الشهر الماضي.
وتأكدت رغبة الحكومة المصرية فى جذب الاستثمارات التركية، مع إعلان المهندس طارق قابيل، وزير الصناعة والتجارة، خلال المؤتمر نفسه، أن العلاقات السياسية لا تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأن مصر ترحب بكافة الاستثمارات رغم أية أوضاع سياسية.
وقال أحمد جلال رئيس جمعية «إيبيا الموصياد»، إن بعض المستثمرين الأتراك تحدثوا معه بشكل شخصى منذ شهرين وأكدوا نيتهم فى ضخ استثمارات جديدة فى السوق المصرى خاصة فى مجالات صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة.
ويبلغ حجم الاستثمارات التركية فى مصر نحو 5 مليارات دولار، يتركز اغلبها فى قطاع الغزل والنسيج.
وتباينت آراء مجتمع الأعمال حول عودة الاستثمارات التركية للسوق المحلى من جديد، بعد انقطاع دام لأكثر من 3 سنوات.
ويرى عدد من رجال الأعمال المصريين أن دخول استثمارات تركية سينعكس إيجابيًا على الصناعة المصرية بشكل عام.
وقال محمد عزيز، الأمين العام لمجلس إدارة مستثمرى مدينة العبور إن رغبة الحكومة فى جذب استثمارات تركية أمر مثالى للاقتصاد المصرى شريطة ألا يكون لدى المستثمرين الراغبين فى التوسع بمصر أية أهداف سياسية، إذ إن السياسة لا علاقة لها بالمشروعات الاستثمارية والاقتصاد.
وأكد أن المستثمرين الأتراك يمكن أن يستفيدوا من السوق المصرى الذى يتميز بوجود قاعدة كبيرة من المستهلكين، فضلاً عن كونه بوابة لأسواق عديدة أخرى تتيحها الاتفاقيات الدولية كاتفاقيتى أغادير والكوميسا.
وأضاف أن وجود الاستثمارات التركية سيسهم فى خفض نفقات استيراد بعض المنتجات، وتوفير العملة الصعبة.
وتحتل تركيا المرتبة الـ 28 ضمن قائمة أهم الدول المستثمرة فى مصر، حسب بيانات مكتب التمثيل التجارى، وتبلغ الاستثمارات التركية فى مصر نحو 320 مليون دولار.
وتتركز أهم مجالات الاستثمار التركى بمصر فى الملابس والمنسوجات، الصناعات الغذائية، الكيماويات، التعدين، والمشروعات السياحية.
وقال عزيز إن مجال الغزل والنسيج هو الأكثر حظاً فى جذب الاستثمارات التركية خاصة فى الوقت الحالى والذى يشهد تدهوراً كبيرًا بمصر.
وبلغ حجم التبادل التجارى بين مصر وتركيا 4.3 مليار جنيه العام الماضى مقابل 4.7 مليار جنيه خلال 2014 بتراجع 8%.
ويصب الميزان التجارى لصالح تركيا، حيث بلغت الصادرات المصرية لتركيا 1.3 مليار جنيه، فيما بلغت الواردات التركية لمصر 3.1 مليار جنيه.
وقال محمد المنوفي، عضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى مدينة 6 أكتوبر، إن عودة العلاقات الاقتصادية بين البلدين أمر ايجابى، خاصة أن تركيا من أهم الشركاء التجاريين لمصر فى اوروبا.
وشدد على ضرورة الفصل بين العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، خاصة انه اختلاف فى وجهات النظر فقط.
وأشار الى ان عودة الاستثمارات التركية للسوق المحلى يساهم فى خفض فاتورة الواردات الأجنبية من مستلزمات الانتاج والخامات التصنيعية والمواد الغذائية.
وتستورد مصر من تركيا منتجات الحديد والصلب والكيماويات وبعض الآلات والمعدات والمنسوجات والسيارات وأجزائها والحبوب والحلويات والاجهزة الكهربائية والأخشاب والأسمنت والسجاد والفواكه المجففة.
وتتركز الصادرات المصرية الى تركيا فى منتجات بولى بروبلين- بولى استرين – أسود الكربون – منتجات حديد وصلب مسحوبة على الساخن – سماد فوسفات – أسلاك نحاسية – نترات أمونيوم – سيليكا – بولى إيثلين – منسوجات وغزول قطنية – فاكهة وخضر مجمده.
وقال المنوفى إن تركيا متميزة فى صناعات عديدة أبرزها الصناعات المعدنية وألواح «الصاج»، والأدوات الكهربائية، والماكينات ومعدات البناء الثقيلة التى تحتاجها مصر الفترة الحالية.
واضاف أن مصر ستستفيد من دخول مستثمرين أتراك حال تصنيعهم منتجات تستوردها مصر، لكن اذا تم تصنيع منتجات متوفرة محلياً ستتأثر الصناعة المحلية بشكل سلبي.
وقال عبد الغنى الأباصيري، نائب رئيس جمعية مستثمرى مدينة 15 مايو، إن عودة العلاقات المصرية التركية اقتصاديًا أمر ضروري، مضيفاً أن كثيرا من مصانع الغزل والنسيج تعتمد على ماكينات تركية الصنع، والفتور الذى وقع بين الدولتين أثر كثيرًا على عمليات تطوير هذه الماكينات أو استيراد قطع الغيار اللازمة لها.
وتابع الأباصيرى أن تركيا تمتلك خبرات كبيرة ممكن تستفيد بها مصر فى مجال الصناعات النسيجية خاصة مع تبنى الحكومة سياسة تطوير قطاع الغزل والنسيج بمصر.
واعترض محمد المرشدى، رئيس جمعية مستثمرى العبور، ورئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، على عودة العلاقات الاقتصادية المصرية التركية من جديد.
وقال المرشدى إن الخلاف بين مصر وتركيا يتسم بالعدائية من الطرف الثاني، ودخول مستثمرين أتراك إلى مصر قد يتيح الفرصة لتوظيفهم لأغراض سياسية.
وكانت العلاقات المصرية التركية شهدت توترا منذ 2013 عقب الاطاحة بنظام الاخوان المسلمين فى 30 يونيو من العام نفسه، ما أدى الى توتر العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، بسبب غضب تركيا من الاطاحة بالحكم الاسلامى، واتهام مصر تركيا بالتدخل فى شئونها الداخلية.
وأطلقت مبادرات عقب 30 يونيو لمقاطعة المنتجات التركية وقطع العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وقال علاء البهى رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية إن العلاقات الاقتصادية يجب الا تتأثر بتغير العلاقات السياسية بين الجانبين، وأن كثيرا من الدول على الرغم من خلافاتها السياسية تتعاون اقتصاديًا كإيران والسعودية وغيرهما.
وطالب البهى بزيادة الاستثمارات التركية فى قطاع الصناعات الغذائية باعتبارهم روادا فى ذلك المجال.
وطالب بضرورة تغيير القوانين والقواعد الحاكمة للعملية اللاستثمارية برمتها، وذلك لتسهيل إجراءات دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق المصري، والذى يعد غير جاذب للاستثمار حاليًا.