قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إن خطر العدوى من تعليق صناديق العقارات أنشطتها فى بريطانيا، الأسبوع الماضى، أكبر بكثير مما كان يخشاه الجميع فى أول الأمر، حيث أظهرت تحليلات مفصلة أن عدداً كبيراً من الصناديق الاستثمارية الأخرى أغلقت أبوابها أمام المستثمرين الراغبين فى سحب أموالهم.
ومنعت ثماني شركات، بما فى ذلك «ستاندرد لايف» و«هيندرسون» و«إم آند جي»، مستثمريها من بيع حيازاتهم فى صناديق العقارات وسط مخاوف انخفاض قيم العقارات التجارية، عقب التصويت على الخروج من بريطانيا.
ويدير العديد من الشركات الاستثمارية منتجات منفصلة تستثمر بدورها فى الصناديق التى أغلقت باب السحب، وبالتالى فإن تلك الشركات قد تمنع المستثمرين من سحب أموالهم.
وتدير شركة «إم آند جي» صندوقين متعددى الأصول يستثمران ما بين 4% و7% من أصولهما فى صندوق العقارات التابع للشركة، والذى منع المستثمرين من سحب أموالهم الثلاثاء الماضي.
وتستثمر ثلاثة صناديق متعددة الأصول تديرها شركة ستاندرد لايف أيضاً ما بين 5% و8% من أصولها فى صندوق العقارات التابع للشركة، وتحمل ثلاثة صناديق أخرى تديرها الشركة حصصاً كبيرة فى صندوق «هيندرسون» الذى علق نشاطه.
ويكمن القلق فى أن هذا الأمر قد يثير مشكلات نظامية فى السوق الذى يعانى بالفعل من قرار المملكة المتحدة الشهر الماضى بإنهاء عضويتها فى الاتحاد الأوروبي.
وقال مدير صندوق بارز فى المملكة المتحدة تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته، عندما تبدأ فى تبنى استراتيجية استثمارية بحيث تستثمر فى صندوق يستثمر فى أنواع أخرى من المنتجات التى تستثمر فى أصول غير سائلة، فيبدو أن هذه الاستراتيجية تصعد مخاطر السيولة المحتملة، ويحتاج المستثمرون إلى التفكير فى التأثير الواقع على الصناديق التى تستثمر فى الصناديق التى علقت أنشطتها.
وقال المتحدث باسم شركة «برودينشيال» البريطانية: «بالنسبة لتلك الصناديق متعددة الأصول التى تستثمر جزئياً فى الصناديق التى علقت أنشطتها، فإن قطاع العقارات التجارية البريطانية يعد فئة واحدة من الأصول داخل مجموعة واسعة ومتنوعة من الأصول حول العالم، وهذا يعنى أننا نستطيع الاستمرار فى التداول فى تلك الصناديق متعددة الأصول كالمعتاد».
وقال دانى كوكس، المخطط المالى لدى «هارجريفس لانسداون»، إن الصناديق متعددة الأصول التابعة لشركته لا تتعرض لصناديق العقارات ذات رأس المال المفتوح (أى ذات النظام الاستثمار الجماعى الذى يمكن فيه رد حصص المشاركة أو إصدار أسهم جديدة فى أى وقت) بسبب مخاطر السيولة الملازمة لها.
وأضاف أن الصناديق متعددة الأصول التى تتعرض لهذا النوع من صناديق العقارات ستواجه مشكلات فى السيولة إذا واجه مديروها تدفقات خارجة ضخمة وأُجبروا على بيع غالبية أصولهم السائلة أولاً، ما قد يجبرهم على تعليق نشاط الصندوق بأكمله.
واتفق كولين بيفيريدج، مدير قسم الاستثمار لدى «ترو بوتينشال إنفيستمنت»، فى الرأى مع كوكس فى أن الصناديق متعددة الأصول يمكن أن تجد أنفسها مستثمرة بقدر كبير فى أصول لا يمكن بيعها إذا واجهت تدفقات خارجة، كما حدث الأسبوع الماضى عندما انحسرت أموال الشركات الاستثمارية داخل صناديق العقارات التى علقت التداول الأسبوع الماضى بعد أن واجهت سيلاً من طلبات سحب الأموال من قبل المستثمرين.
وعلى صعيد متصل، أوضحت وكالة «بلومبرج»، أن إحدى عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، أن العقارات فى لندن قد ينتهى بها الحال فى أيدى الأجانب.
وتعد هذه نتيجة ساخرة لقرار بريطانيا بإنهاء عضويتها فى الكتلة الموحدة، القرار الذى يعود جزء من اتخاذه إلى الرغبة فى الحد من الهجرة إلى المملكة المتحدة.
ورغم تخارج المستثمرين من الصناديق العقارية البريطانية خوفاً من تراجع قيم العقارات، يرى بعض المستثمرين أن الوقت الراهن هو الأفضل للاستثمار فى العقارات، فمع اقتراب الجنيه من أدنى مستوياته منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ارتفعت القوة الشرائية للمستثمرين الأجانب فى المملكة المتحدة فى الوقت الذى ساعدت فيه المخاوف من خروج بريطانيا على التوسع فى شراء العقارات المتاحة للبيع.
وعينت شركة «أبيردين» لإدارة الأصول وسيطاً لبيع مبنى لها فى مقاطعة هاميرسميث فى غرب لندن، وتعمل أيضاً على بيع متجر تجزئة فى شارع أكسفورد، وفى الوقت ذاته، تخطط شركة «هينرسون جلوبال انفيستورز» للتخلص من مقار بنك «كوتس وشركاه».
وجذبت المبيعات المماثلة فى السنوات الأخيرة طلباً قوياً من المشترين الأجانب، بما فى ذلك، صناديق الثروة السيادية التى تسعى لتنويع محافظها المالية فى ظل انخفاض العائدات على السندات.
وبينما هز خروج بريطانيا قطاع العقارات، يقدم انخفاض الجنيه الإسترلينى إلى أدنى مستوياته فى 30 عاماً سبباً مقنعاً للتفكير فى الطلب على أفضل الأصول التى ستظل قوية.