الإصلاحات السياسية والاقتصادية فرصة أنقرة للخروج من الأزمة الراهنة
قام فصيل من الجيش التركى مدعوماً بالدبابات والطائرات المقاتلة بمحاولة انقلاب ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، فى الساعات الأولى من مساء أمس الأول، لكنها باءت بالفشل، وعاد الرجل القوى إلى إسطنبول، مؤكداً استعادته السيطرة على مفاصل الدولة.
وذكرت صحيفة «الفاينانشيال تايمز»، أن بعد ساعات من الفوضى الغائبة منذ عقود أنهى الرئيس حالة عدم اليقين، وحلقت طائرته فى مطار إسطنبول، فى الساعات الأولى من صباح أمس، حيث ألقى خطاباً حماسياً فى حضور المئات من أنصاره.
وندد أردوغان، بالانقلاب واصفاً إياه بمحاولة سافرة ونقطة سوداء فى تاريخ الوطن، مؤكداً الاستمرار فى تأدية مهامه والبقاء فى منصبه حتى النهاية.
وأضاف أن ما حدث بمثابة خيانة وتمرد، متوعداً الانقلابيين بدفع ثمن باهظ جراء هذه العمل الإجرامى.
وأوضحت «الفاينانشيال تايمز»، أن تركيا تعرضت فى الفترة الماضية لحالة من الاضطراب السياسى والاقتصادي، خاصة فى ظل الهجمات الإرهابية المتكررة التى ضربت قطاع السياحة، وأثرت على الاقتصاد بشكل كبير.
وأضافت الصحيفة، أن السياحة من أهم أركان الاقتصاد التركى، مشيرة إلى أن تراجع أعداد السياح قد يوسع دائرة العجز فى الحساب الجاري.
وكشفت وزارة السياحة، أن القطاع بمثابة المصدر الحيوى للعملة الأجنبية، حيث بلغت إيراداته 31.4 مليار دولار العام الماضي.
وأضافت أن القطاع يسهم بما يزيد على 4% من الناتج المحلى الإجمالي، فى الوقت الذى يوفر فيه مئات الآلاف من فرص العمل.
وكانت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية قد أعلنت، أن الاقتصاد فى تركيا أصبح عرضة للتطورات المحلية والصدمات الخارجية.
وطالبت المنظمة الحكومة التركية باتخاذ إجراءات إصلاحية صارمة، ويجب أن تتعامل مع انخفاض معدل الادخار المحلى فى البلاد، وتعزيز سيادة القانون ومحاربة الفساد والحد من الإنفاق الاستهلاكي.
ونقلت صحيفة «وول استريت جورنال»، عن مركز أبحاث مقره باريس، أن الناتج المحلى الإجمالى فى تركيا قد يرتفع 3.9% العام الجارى، و3.7% العام المقبل، مشيرة إلى أن اقتصاد البلاد قد نجح فى التغلب على التوترات الجيوسياسية من النزاع السورى، والهجمات الإرهابية داخل تركيا.
وفى الوقت الذى أكدت فيه تركيا، أنها أنهت تاريخ الكساد بعد الأزمة المالية عام 2001، حذرت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية من أن البلاد لا تزال تعتمد بشكل كبير على الطلب المحلى الممول من الخارج لأجل النمو.
وأوضحت المنظمة، أن تحقيق النمو القوى والمستدام فى تركيا ينبغى على الدولة زيادة الادخار المحلى، وإعادة توازن الطلب بين المصادر المحلية والخارجية.
ونما الاقتصاد التركى 4% العام الماضى، وذلك تماشياً مع توقعات منظمة التعاون والتنمية فى 2014، وتحققت توقعات المحللين لنمو الاقتصاد بنسبة 4.8% فى الربع الأول من العام الجارى وسط الطلب المحلى القوي.
وقالت المنظمة، إن تراجع الاقتصاد الصينى، واحتمال زيادة الفيدرالى الأمريكى لأسعار الفائدة، وتباطؤ التعافى الاقتصادى فى أكبر أسواق التصدير، أهم ما يشكل تهديداً لنمو الناتج المحلى الإجمالى التركي.
وطالبت المنظمة المسئولين الأتراك، بإصلاحات هيكلية لتعزيز الصادرات ذات القيمة المضافة العالية.
وأضافت أن المكاسب التنافسية المطلوبة يجب أن تتحقق عن طريق خفض الأجور وزيادة نمو الإنتاجية.
وأشارت المنظمة، إلى أن على صانعى السياسة النقدية زيادة احتياطيات النقد الأجنبى فى تركيا، لحماية الدولة من التقلبات والصدمات العالمية التى يمكن أن تسهم فى معدلات التضخم.
وتوقعت المنظمة، أن يسجل التضخم السنوى فى تركيا 7.4% عام 2016 و7.5% فى 2017.
وأكدت أن الخطر الأكبر يكمن فى التضخم الذى سوف ينخفض بصورة حادة، وفى هذه الحالة تحتاج إلى أن تكون الحكومة أشد صرامةً للسيطرة على التضخم مرة أخرى.
وينبغى على الدولة أن تقلل الحواجز أمام الاستثمار الأجنبى المباشر، حيث لا تزال تعتمد على تدفقات رأس المال لتمويل العجز فى الحساب الجاري.