«إبراهيم»: التكلفة تقل 30% عن محطة «روس آتوم» فى المجر
«الشواربى»: الـ25 مليار دولار تفاقم أعباء الاقتصاد.. ولا نعرف كيفية احتساب غرامات السداد
«سلماوى»: سعر المليون وحدة حرارية 0.8 دولار مقارنة بـ5 ــ 8 دولارات للغاز
شارفت الحكومة على إتمام الاتفاق مع روسيا، تمهيدا لبدء إنشاء أول محطة طاقة نووية سلمية لإنتاج الكهرباء.
وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا جمهوريا بالموافقة على قرض تصدير حكومى من روسيا بقيمة 25 مليار دولار لتمويل المحطة.
ووفقاً للقرار، تمول روسيا الأعمال والخدمات الخاصة بمعدات الإنشاء والتشغيل. ويبلغ أجل صرف القرض 13 عامًا على دفعات سنوية تبدأ العام الحالى، وتنتهى فى 2028، بفائدة 3% سنويًا.
وستقام المحطة النووية فى منطقة الضبعة، وتضم 4 مفاعلات بقدرة إجمالية 4800 ميجا وات، بواقع 1200 ميجا وات للمفاعل الواحد.
وأثارت القيمة المرتفعة للقرض الروسى، مخاوف من تأثيره السلبى على الدين الخارجى لمصر، فى ظل وجود بدائل أخرى مثل محطات الطاقة التقليدية والمتجددة التى توفر احتياجات مصر من الكهرباء بتكلفة أقل وبمعدلات أمان أعلى.
ويرى خبراء الطاقة أن الاعتماد على الطاقة النووية يأتى ضمن خطة وزارة الكهرباء لتنويع مصادر الإنتاج. كما أن روسيا ستمول المحطة بتكلفة أقل بنسبة 30% من محطة مماثلة يجرى تنفيذها فى المجر.
ونصت اتفاقية القرض فى مادتها الأولى، على أن تقدم روسيا قرض تصدير حكومى لصالح مصر، بغرض تمويل الأعمال والخدمات الخاصة بمعدات الإنشاء والتشغيل لوحدات الطاقة فى المحطة النووية.
ومن المقرر أن يستخدم القرض لتمويل 85% من قيمة كل عقد لصالح تنفيذ الأعمال والخدمات والشحنات بمعدات المشروع، على أن تسدد مصر القيمة المتبقية من التمويل البالغة 15% على أقساط، إما بالدولار أو بالجنيه، لصالح المؤسسات الروسية المفوضة، وبما يتوافق مع العقود فى صورة دفعة سداد مقدمة أو أية مدفوعات، بعد تنفيذ الأعمال والخدمات وتسليم التوريدات.
ووفقا لما جاء فى الاتفاقية، فإن مصر ستسدد المبالغ المستخدمة من القرض على مدار 22 عامًا بـ43 قسطًا نصف سنوى، ومتساويًا، فى 15 إبريل و15 أكتوبر من كل عام.
ويتم سداد الدفعة الأولى من أصل القرض يوم 15 أكتوبر عام 2029.
ونصت الاتفاقية على أن تسدد مصر فائدة على القرض بمعدل 3% سنويًا، وتستحق الفائدة على أساس يومى بداية من استخدام كل مبلغ من القرض وحتى تاريخ السداد النهائى لكل مبلغ من مبالغ أصل القرض.
ويسرى سداد آخر دفعة من الفائدة بالتزامن مع السداد النهائى لأصل القرض.
واشترطت الاتفاقية، أنه حال عدم سداد أى من الفوائد المذكورة خلال 10 أيام عمل، يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 150% من معدل الفائدة الأساسي.
وحال عدم سداد أى دفعة من أصل القرض أو الفائدة المذكورة خلال 10 أيام عمل يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، يخضع لفائدة قيمتها 120%.
وأعطت الاتفاقية، فى حالة عدم دفع المتأخرات، أو فوائدها، خلال 90 يومًا ميلاديًا، الحق للجانب الروسى بشكل منفرد فى تعليق أى استخدام آخر للقرض.
ورحب عدد من الخبراء والمتخصصين فى قطاع الكهرباء والطاقة بالاتفاق مع روسيا مؤكدين أن مصر لن تتحمل أعباء مالية، وستسدد تكلفة المحطة من الطاقة المنتجة.
وقال الدكتور ياسين إبراهيم رئيس هيئة المحطات النووية السابق، إن مصر تعاقدت مع روسيا على إنشاء محطة الضبعة النووية بتكلفة أقل 30% من المحطة التى ستدشنها «روس آتوم» فى المجر، بالتكنولوجيا والمواصفات نفسها التى تستخدم فى محطة الضبعة النووية.
أضاف أن التكلفة الإنشائية لمحطات الطاقة النووية فى العالم تفوق ما تم الاتفاق عليه مع روسيا. ولابد من متابعة الأسعار العالمية حالياً، خصوصا أنه توجد محطات تبلغ تكلفتها 30 مليار دولار، ومحطات أخرى تكلفتها 18 مليار دولار.. ولكن لا تتمتع بالمواصفات والتكنولوجيا العالية، التى تم التعاقد عليها مع روسيا.
وأوضح إبراهيم، أن مصر لن تستطيع الحصول على قرض بشروط ميسرة لمدة 35 عاماً وتسهيلات فى السداد من أى دولة أخرى بخلاف روسيا، مؤكدا: «25 مليار دولار مش تكلفة عالية».
وقال: إن التكلفة الإنشائية لمحطات الطاقة النووية تمثل 75% من القيمة الإجمالية، والـ25% الباقية للتشغيل والصيانة وتتضمن أسعار الوقود. ورغم التكلفة الإنشائية العالية للمحطات النووية، إلا أن تكلفة تشغيلها تكون منخفضة وهذا ما يميزها.
وأشار إلى أن المحطات النووية تمتاز بطول فترة التشغيل التى تصل لـ60 عاماً، مقابل 30 إلى 40 عاماً للمحطات الغازية والبخارية. كما أن القدرة الإنتاجية للمحطات النووية تصل إلى 90% طوال عمرها التشغيلى، مقابل 70% للمحطات البخارية والغازية.
ويشهد الاقتصاد المصرى تراجعا فى مصادر النقد الأجنبى، نتج عنه أزمات فى توافر الدولار.
وأعلن البنك المركزى فى شهر مارس الماضى، ارتفاع أرصدة الدين الخارجى لمصر بنحو 6.5 مليار دولار خلال عام، لتسجل 47.8 مليار دولار فى ديسمبر 2015، مقارنة بـ41.3 مليار نهاية 2014.
وقالت شيرين الشواربى، خبيرة الاقتصاد بالبنك الدولى، إن مصر كانت تضع سقفا للاقتراض الخارجى فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك بقيمة 2 مليار دولار سنوياً، حتى تستطيع تسديد أقساط القروض مع وجود استقرار نسبى فى سعر الصرف.
أضافت أن الإعلان عن قرض بقيمة 25 مليار دولار، يزيد من الأعباء المالية على الاقتصاد، ويثير المخاوف حول كيفية توزيع القرض واحتساب غرامات السداد، قائلة: «لا نعلم التدفقات النقدية للمشروع على مدى 35 عاماً وكيف سنسدد الأقساط؟».
وطالبت الشواربى، الحكومة بإتاحة المعلومات الخاصة بالمشروع للرأى العام، لاسيما وأنه يتم التعاقد على اتفاقيات لمشروعات كبيرة بالدولار فى ظل المعاناة من تقلبات سعر الصرف، وعدم وجود تصور واضح للتدفقات المالية أو العوائد المتوقعة من بيع الطاقة المنتجة للمحطة النووية واستخداماتها.
وأضافت: «لا يعقل وصف جميع المشروعات بأنها أمن قومى.. كل الإصلاحات تكلفتها عالية ويمكن تحملها ولكن لابد من الاطمئنان على جدوى المشروعات. كما أن الاقتصاد لا يتعلق بالأرقام المطلقة للقروض، ولكن لابد من ربطها بقيمة الدخل الذى نحصل عليه».
ومنذ الإعلان عن القرض الروسى تحدث خبراء عن وجود عروض أفضل لإنشاء المحطات النووية بتسهيلات أكبر من التى قدمتها روسيا. لكن الدكتور إبراهيم العسيرى مستشار وزير الكهرباء للشئون النووية سابقاً، قال: إن العرض الروسى من أفضل العروض من الناحيتين الفنية والمالية، ويفوق عروض فرنسا وكوريا الجنوبية والصين. وتكلفة إنشاء المحطة النووية عالية، ولكن تكلفة إنتاج الكيلووات كهرباء منها منخفضة.
أضاف العسيرى، أن محطة الطاقة النووية التى أنشأتها كوريا الجنوبية مؤخراً فى الإمارات بلغت تكلفتها 20 مليار دولار، لكنها لن تتمتع بالمزايا الخاصة بنقل التكنولوجيا والتدريب. كما تدشن فرنسا حالياً محطة فى الصين بتكلفة 23 مليار دولار. ولكن التكنولوجيا والخبرة الروسية والأمان فى المحطات يفوق الدول الأخرى.
وأوضح أنه رغم تكلفة المحطة العالية، إلا أن الطاقة المباعة ستوفر تكلفة الإنشاء ولن تتحمل مصر أى أعباء مالية.
وقال: «مصر لديها أكثر من 2000 فرد مؤهلين للعمل فى المحطة النووية، سواء من هيئة الرقابة النووية الإشعاعية، أو من هيئة الطاقة الذرية بجانب العاملين فى مفاعل أنشاص، والمتدربون فى روسيا والولايات المتحدة الأمريكية».
واعتبر الدكتور حافظ سلماوى مدير تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، الاتفاق مع روسيا، يحمل شروطا تمويلية ميسرة، إذ يتم سداد تكلفة المحطة بعد إنشائها وتشغيلها على مدى زمنى يصل لـ35 عاماً، وستسدد تكلفة إنشاء المحطة من الطاقة المباعة منها.
وأضاف أن من ضمن أهداف واستراتيجية وزارة الكهرباء، تنويع مصادر إنتاج الطاقة حتى لا تتأثر التغذية الكهربائية، وحتى تتحقق التنمية والاستدامة وفقًا لمؤشر «HHI» العالمى الذى ينص على تنويع مصادر إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعى والفحم والمصادر المتجددة والطاقة النووية.
وكشف أن تكلفة إنشاء المحطة النووية، أعلى من تكلفة محطات الكهرباء التقليدية التى تعمل بالفحم أو محطات توليد الطاقة من الشمس والرياح.
لكن تكلفة الكيلو وات المنتج من المحطة النووية أقل بكثير من تكلفة إنتاجه من المصادر الأخرى.
وأشار إلى أن الطاقة النووية نظيفة من الناحية البيئية ولا تخلف انبعاثات حرارية، وهو ما يتفق مع خطة تنويع مصادر الطاقة لتقليل الانبعاثات وتحقيق التوازن البيئى، مضيفا: «نقل التكنولوجيا والمعرفة أهم ما يميز إنشاء محطة الضبعة النووية».
قال سلماوى: إن استثمارات إنشاء المحطة النووية مرتفعة ولكن سعر الوقود منخفض، إذ يبلغ سعر المليون وحدة حرارية من الوقود النووى 0.8 دولار، مقارنة بقيمة تتراوح بين 5 و8 دولارات للمليون وحدة حرارية المنتجة من الغاز.
وقالت النائبة شيرين فراج عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب، إن اتفاقية القرض الخاص بمحطة الضبعة النووية لم يعرض على المجلس ولم يعلن موعد مناقشته حتى الآن.
وأوضحت أن محطة الضبعة النووية تمثل مشروعا قوميا، ويجب أن نحرص على تنويع مصادر الطاقة، سواء طاقة نووية أو شمسية أو طاقة رياح، لأن هذا التنوع سيؤدى فى القريب العاجل إلى خفض أسعار الطاقة فى مصر.