تميزت فترة حكم بوريس يلتسن الرئيس الروسى الأسبق فى فترة التسعينيات بالضعف الشديد، بينما كانت روسيا تعانى من آثار أمراض الاتحاد السوفيتى المفكك، فكان مجىء عقيد المخابرات المخضرم فلاديمير بوتين لسدة الحكم تحقيقا لحلم الروس برئيس قوى يعيد أمجاد الامبراطورية السوفيتية.
ساعد بوتين على النجاح الطفرة المالية الهائلة الناجمة عن ارتفاع اسعار البترول والغاز أهم موارد بلاده لكن الامر كان سلاحا ذا حدين، فتدفق الاموال أخفى العيوب الهيكلية فى البنيان الاقتصادى فلما هبطت الاسعار تكشفت العورات وزاد من الالم نزيف العقوبات الدولية التى فرضها الغرب والولايات المتحدة إثر ضم موسكو شبه جزيرة القرم لها ودعم الانفصاليين فى شرق اوكرانيا عقب ثورة الميدان فى الجارة السوفيتية القديمة.
لكن التطور الاهم فى سلوك ادارة الحكم البوتينية كان التورط بكل ثقله ملفات الشرق الاوسط بعد فترة من سياسة خارجية مبنية على تجنب بؤى القلاقل فى العالم ولعب دور الوسيط فى الصراع العربى الاسرائيلى.
ودخل الجيش الروسى مباشرة فى إدارة الحرب فى سوريا لدعم نظام بشار الاسد وتعاون مع ايران مؤخرا باستخدام مطاراتها لقصف داعش ومنع بيان أممى ضد الحوثيين حلفاء طهران فى اليمن غير انه ابتعد تماما عن ليبيا فاسحا المجال للولايات المتحدة وفريقها فيما اعتبره البعض فخا امريكيا لجر الدب الروسى لمعارك استنزاف.
بيد أن الخبراء اكدوا أن بوتين يعرف ما يريد وان تورطه فى حروب مصغرة هى لحشد التأييد الداخلى لصالحه بعد المظاهرات المناوئة له بعد انتخابات الدوما فى 2011 وهو اسلوب سوفيتى قديم.
واندفعت الابواق الاعلامية الموالية للكرملين تشحن الجماهير لمعارك اوكرانيا وسوريا ومن قبلها جورجيا فى 2008 باعتبارها استعادة للامجاد وعصر القطبين الاوحدين مقابل الولايات المتحدة متجاهلة عجز الموازنة والتضخم وارتفاع البطالة وتاثير العقوبات الدولية.
الملف التالى يشرح طبيعة الازمة الاقتصادية الروسية وادارة بوتين للسياسة الخارجية بما يعزز حكمه فى الداخل.