إحياء القطاع الصناعى وتخفيف الاعتماد على الاستهلاك وقطاع الخدمات أولويات لتحقيق النمو
وضعت الأخبار الاقتصادية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى الشعب فى حالة مزاجية أكثر إشراقا ولكن العطلات قد انتهت وحان الوقت لدراسة الواقع.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أن المملكة المتحدة لم تتفاد العواقب الاقتصادية بعد الاستفتاء، ولكن ببساطة تم تأجيل ذلك وتستعد بريطانيا للأسوأ بعد تخبط الاستثمار.
وفى الحقيقة كانت مبيعات التجزئة والمنازل ودراسات ثقة المستهلكين فى بريطانيا متفائلة إلى حد ما، ومع ذلك أكدت أسواق العملات بشكل قاطع أن المملكة المتحدة لديها مشكلة وهذه الحالة لها تأثير حقيقى على الاقتصاد.
وأوضحت الوكالة أن الوضع المالى للأسر أصبح أسوأ حالا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى حتى لو لم يشعروا بذلك بعد.
وأشارت إلى أن الجنيه الضعيف سوف يرفع تكلفة الواردات وذلك سيكون له تأثير كبير على الأسعار الغذائية، كما أن القوة الشرائية للأسر ستعانى حتما لأنه من غير المرجح ان ترتفع الأجور إلى المستوى الذى يمكن أن يعوض الأثر التضخمى لتراجع الجنيه الاسترليني.
وبالنسبة للشركات، فحال الاضطراب فى سوق العقارات التجارية فى لندن فى أعقاب التصويت كانت إشارة سريعة وقاطعة بأن رأس المال الأجنبى غير مقتنع بقدرة بريطانيا على تحقيق النمو بعد الخروج.
وأوضحت الوكالة فى تقرير لها أن أى قرارات من قبل مجالس إدارة الشركات بالموافقة على مشروعات جديدة فى المملكة المتحدة ستكون متهورة نظرا لحالة عدم اليقين حول العلاقات التجارية المستقبلية للبلاد مع الاتحاد الأوروبي، الذى يعد وجهة ما يقرب من نصف صادراتها، ويبدو أن تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر سيكون حتميا.
وبالطبع، يجعل ضعف العملة الأصول البريطانية أرخص، وبعد وقت قصير من التصويت بخروجها من الاتحاد، أعلن «سوفت بنك» اليابانى أنه سيشترى شركة «ايه آر إم» لتصميم الرقائق الإلكترونية بحوالى 24 مليار جنيه استرلينى وهو ما يعادل 31.5 مليار دولار، واحتفلت تيريزا ماي، رئيس الوزراء الجديد، بعملية البيع على أنها إشارة أن البلاد لم تفقد جاذبيتها للمستثمرين الدوليين.
ولكن هذا بمثابة وهم، فبريطانيا تعيش بما يفوق مواردها منذ سنوات، وليس لديها خيارات سوى الاقتراض أو بيع كنوز البلاد بما فى ذلك شركات التكنولوجيا الواعدة والمساحات الشاسعة من العقارات التجارية والسكنية فى لندن.
وتتمثل المشكلة الكبرى فى العجز فى حسابها الجارى الذى سجل مستويات كبيرة وصلت إلى نسبة 7% من الناتج المحلى الإجمالي.
وحذر محافظ بنك إنجلترا مارك كارني، قبل الاستفتاء أن اعتماد البلاد على «عطف الغرباء»، سواء أى شكل من أشكال الدعم الخارجى المستمر أو التدفقات الأجنبية، سوف يخلق ضعفا مثيرا للقلق.
وكشفت دراسة لشركة «ارنست اند يونج» أن أكثر من ثلاثة أرباع المستثمرين فى الخارج ينجذبون إلى بريطانيا بسبب صلتها بالاتحاد الأوروبى ولكن هذا الاتصال أصبح فى خطر بعد قرار خروجها من الكتلة.
وسوف يساعد الجنيه الاسترلينى فى نهاية المطاف الحساب الجارى فى بريطانيا ليقترب من التوازن، يمكن أيضا للصادرات أيضا أن تحصل على دفعة كبيرة.
ويتوقع محافظ بنك انجلترا أن العجز فى الحساب الجارى سيتقلص إلى النصف على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
ومن أجل تجنب المزيد من تراجع الاسترلينى والحفاظ على العجز فإن بريطانيا تحتاج إلى تدفقات الأموال الأجنبية لمواصلة التعافى.
وتساءلت الوكالة عما ينبغى أن تقوم به رئيس الوزراء الجديدة، حيث ينبغى عليها تعديل الانحياز العميق للاستهلاك الذى يقوم على الاستدانة، وكذلك لقطاع الخدمات، وينبغى أن يكون إعادة إحياء القاعدة الصناعية فى بريطانيا على رأس أولويات الحكومة الجديدة، ولكن هذا سوف يكون صعبا فالعديد من شركائها التجاريين يريدون أن يفعلوا ذلك أيضا.