مليارات الدولارات نفقات جنرال إليكتريك على تدريب الموظفين
40 نائب رئيس انتقلوا لرئاسة شركات كبرى من 2003-2011
لم تكن شركة جنرال إليكتريك سوى نتاج تحالف بين توماس أديسون، أعظم مخترع أمريكي، وجى بى مورجان، أكبر مصرفى فى تاريخ الولايات المتحدة لتصبح عملاق التكنولوجيا فى أوائل القرن الـ20.
وفى الوقت الذى باتت فيه براءة اختراع أديسون منتهية الصلاحية منذ فترة طويلة، والكهرباء أصبحت سلعة تقليدية متداولة، بقيت «جنرال إليكتريك» وتوظف 330 ألف شخص فى 180 دولة، وتمتلك 493 مليار دولار من الأصول، وكسبت 117 مليار دولار فى عام 2015، وقد نجت من أزمات كثيرة بفضل إتقان فن الإدارة رافعة شعار «الخيال فى العمل»، يمكن أيضاً صياغتها بسهولة «الإدارة فى العمل».
كل شركة لها طريقتها على طريق النجاح لتحتل مكانة واضحة المعالم ومميزة، لكن هناك أيضاً مجموعة من الخصائص المشتركة، أولاها هى هاجس المواهب، فالطريقة الوحيدة للبقاء على القمة لأطول فترة ممكنة هى توظيف الأشخاص المناسبين، وتحويلهم إلى محاربى الشركة المخلصين، كما تفعل جنرال إليكتريك التى تنفق مليارات الدولارات سنوياً على التدريب.
ففى الفترة من 2003 إلى 2011 تقلد 40 نائباً من نواب رئيس الشركة مناصب كبار المديرين التنفيذيين فى شركات كبرى أخرى، وعلى نفس الطريق سارت «جوجل»، حيث بات التدريب اهتمامها الأول.
ولا تخجل شركة مثل جنرال اليكتريك أو جوجل من الإصرار على الاستحواذ على أفضل مهارات السوق، حيث تحتفظ شركة «هندوستان يونيليفر» بقائمة لديها بالأشخاص الذين يظهرون الصفات القيادية الفطرية.
ويقول لازلو بوك، رئيس الموارد البشرية فى جوجل، إن مهندساً رفيع المستوى يفوق فى قيمته المهنية 300 مهندس متوسط المستوى.
ويؤكد جيف امليت، المدرب بجنرال إليكتريك، إنه ليس فقط على علاقة مستمرة بنحو 600 شخص فى الجزء العلوى من الإدارة، بل هو علم على بظروفهم العائلية وطموحاتهم الشخصية.
هناك هوس بخلق خدمات جديدة مثلما تفعل «أمازون» ضمن استراتيجية سيطرتها على التسوق عبر الإنترنت مثل مساحات التخزين الافتراضية، كما تضخ ثروات كبيرة فى مغامرات مثل بالونات الإنترنت لتوصل الخدمات للمناطق المحرومة فى العالم، بينما تنفق شركة «بى إم دبليو» لصناعة السيارات الفاخرة ملايين الدولارات لتطوير مواد جديدة مثل ألياف الكربون والتحسينات فى تكنولوجيا المركبات.
ولكى تبقى الشركات العملاقة تسعى، دائماً، إلى وفرة رأس المال، وقد لجأت مؤخراً شركات فى مجال التكنولوجيا إلى الإدراج فى البورصة، كما فعل كل من فيسبوك وجوجل وكان المبرر صراحة هو الحاجة إلى متابعة مشاريع طويلة الأجل.
والدرس الأمثل للشركات الناشئة لكى تصبح عملاقة أنه يجب الحفاظ على التوازن بين الأهداف طويلة الأجل وقصيرة الأجل، فالأولى ضرورة لزيادة حجم الشركة، وتعميق جذورها فى السوق، والثانية ضروية لتوفير العائدات التى ستكون أحد موارد تمويل المشروعات الممتدة.
وتنصح مؤسسة ماكينزى البحثية الشركات، أيضاً، بإعادة تقييم قراراتها الاستثمارية بشكل منتظم فى ضوء تغيرات الأسواق، حيث ثبت من تحليل أداء أكثر من 1600 شركة فيما يتعلق بمقدار رأسمالها المخصص كل عام، وجود علاقة طردية قوية بين استعداد الشركات لنقل رؤوس أموالها فى جميع أنحاء العالم، ونمو إجمالى العائدات للمساهمين.
لكن تقرير مجلة الإيكونوميست يحذر من أن كل ذلك سيكون فى مرمى تهديد البيروقراطية؛ لأن حجم الأعمال الهائل فى الشركات العملاقة يحتاج إلى رشاقة فى القيادة، على حد تعبيرها، فالتعقيدات التى لا لزوم لها والاجتماعات المطولة سيكون إثمهما أكبر من نفعهما فى كثير من الأحيان.