فيروز غاندى يكتب: تسعير الدواء.. حبوب صعبة البلع


لا تزال أسعار الأدوية مبالغاً فيها، ولا يمكن للناس تحملها فى الهند، وهى بلاد تعانى الفقر، ولا تزال الديون الطبية ثانى أكبر عامل متسبب فى إبقاء الملايين تحت براثن الفقر.
وقد وجد قطاع الدواء العالمى فى المستهلكين الهنود المحاصرين بقرة حلوباً تضخ الأموال. ويبلغ الحد الأدنى للأجور 250 روبية فى اليوم لموظف حكومى يعانى مع مرض مزمن مثل مرض السل المقاوم للعقاقير المتعددة مما يجعله يواجه الفقر المدقع. ويمكن حساب علاج هذا العامل المكون من مزيج من الادوية المختلفة بنحو 150 الفاً بما يعادل تقريباً من 4 إلى 6 سنوات من الادخار، وحتى التعامل مع مرض مثل السكر يمكن أن يؤدى إلى التهام جزء كبير من دخله الشهري.
وتم توجيه انتقاد لصيدلية تورينج برئاسة مارتن شكريلى لشراء عقار دارابريم وهو دواء يستخدم لعلاج مرضى فيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز»، ورفع سعره من 20 دولاراً الى 750 دولاراً، وهى زيادة اعتبرت غير مبررة حتى بالنسبة لقطاع مثل رابطة علاج فيروس نقص المناعة البشرية الذى انتقد ذلك فى سبتمبر العام الماضي. وتكرر فى الهند نفس الشىء مع ادوية السرطان والتهاب الكبد الوبائى سى C، حيث وصل سعر حبة سوفالدى الى 1000 دولار.
ويشعر المجتمع بقلق ازاء ترتيبات أخرى من اتفاقات الترخيص الطوعية التى وقعت بين شركة جلعاد للعلوم و11 من صانعى الأدوية المستثناة من حقوق الملكية الفكرية بسبب مخاوف التسعير للأدوية التى تمس حياة الناس. كما أن القرار الأخير بإزالة إعفاء الرسوم الجمركية على واردات 70 دواء يمكن أن يكون له أيضاً تأثير اقتصادى كبير. مع مثل هذه العلاجات التى تستمر لمدة سنة على الأقل لأمراض خطيرة هى الآن منجم الذهب للشركات.
وتبقى الرعاية الصحية تميل بشدة ضد الفقراء حيث نسبة النفقات خارج تغطية التأمين الصحى تصل إلى 80% من مجموع التمويل الصحى و70% من الإنفاق على العيادات الخارجية يذهب لشراء الدواء فى فى المقام الأول.
منذ سنوات طويلة لا يزال الحصول على الأدوية بأسعار معقولة مصدر قلق كبيراً، ففى نيودلهى فى أحسن الأحوال تصل نسبة الوصول الى الدواء فقط 48.8%. كما أن هذه التكاليف المتزايدة للعقاقير الطبية الأساسية تركت القليل من المال للإنفاق على امور الحياة اليومية. على سبيل المثال، يحتاج العمال غير المهرة للعمل ساعة فى الهند بالمقارنة بـ10 دقائق فى بريطانيا لتحمل تكلفة شراء الباراسيتامول الأساسي.
وقد تطور نظام تسعير الأدوية فى الهند ففى حين جمد نظام الدواء (عرض الأسعار) عام 1962 تسعير الأدوية قاد تقرير لجنة هاتى عام 1975 الى وضع سياسية تسعير الأدوية الأساسية عبر تشكيل الهيئة الوطنية للدواء لتراقب الأسعار بطريقة انتقائية. وفى 2013 وضع نظام مراقبة الأسعار الحكومي 384 دواء فى قائمة الهند الوطنية للأدوية الأساسية التى وضعت عام 2011.
لكن الثغرات لا تزال قائمة فبينما هناك 358 تركيباً أساسياً تحت هيئة مراقبة الأسعار يوجد أكثر من 2714 مجموعة تعادل 80% من حصة السوق ليست كذلك. وعلى الرغم من الرقابة على الأسعار، فإنّ نظام التسعير فى 2013 لا يغطى سوى 18% من السوق المحلي، ما يضعف تأثيره. ومن خلال نظر المحكمة العليا لقضية التسعير اتجهت سياسات الدولة نحو تثبيت الحد الاقصى لسعر الأدوية الحالى فى الهند دون تخفيض.
بينما ألغت هيئة التسعير الدوائية الوطنية إخطارها بوضع سقف لـ50 دواء فإن المصلحة العامة تتمثل فى ضمان وصولها بأسعار معقولة للناس.
وتعانى صناعة الأدوية فى الهند نقصاً كبيراً فى المنافسة ونظراً للتباين الكبير فى المعلومات فإن العملاء فى كثير من الأحيان يشترون أغلى المنتجات لتلبية حاجتهم الملحة ولا يزال نظام تسعير الأدوية فى حاجة للتغيير لضمان القدرة على تحمل تكاليف التداوي.
لا تزال الرقابة على الأسعار هى الإجراء الفعال لضمان قدرة المرضى على الحصول على الدواء بسعر ملائم وحتى فى الأسواق الحرة فى الغرب استفادت الحكومات من ضوبط السعر والحجم الفعالة لتخفيف التضخم فى تكلفة الرعاية الصحية.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب علينا أن نشجع نظام المشتريات المركزية، والتى تستخدمها تاميل نادو، لشراء الدواء. وقد اجتذبت مناقصة حكومة ولاية تاميل لشراء عقار نادو للالبيندازول المضاد الطفيليات بسعار 35 بيزة للقرص الواحد الشركات الكبرى بالمقارنة بـ12 روبية فى سوق التجزئة.
ولا بد من كبح ممارسات بيع الدواء غير الأخلاقية وغير العادلة مثل عروض رحلات العطلات والهدايا الفاخرة التى تستخدم للتأثير على الأطباء والبيروقراطيين الرئيسيين. كما يجب إعادة النظر فى نظام التسعير كل عامين أو ثلاثة أعوام. ويمكن أيضاً إلغاء ضريبة القيمة المضافة على الأدوية الأساسية كما فعلت طاجيكستان.
نحن بحاجة إلى إنشاء نظام رعاية صحية متاح وميسر على نطاق واسع وبشكل مستدام مدعوماً بآليات تمويل مستدامة لضمان القدرة تحمل تكاليف الدواء للمرضى الاشد احتياجاً على غرار تمويل الديون، والتدخلات السياسة المالية مثل القروض الأرخص والإعفاءات الضريبية للشركات لتوليد تدفقات الأموال بالاضافة إلى تخفيف البنك المركزى قواعد الهند للقروض التجارية الخارجية لمشاريع الرعاية الصحية.
وتطوير منظومة التأمين يمكن أن تساعد أيضاً، فدفع الحكومة لتكلفة منخفضة لمرضى التأمين أمر مشجع لكن ينبغى أيضاً أن تتضمن النفقات خارج المستشفيات لتسهيل الحصول على خدمات تشخيص منخفضة التكلفة، والوصول إلى متاجر أدوية خارج حقوق الملكية الفكرية لأنها أرخص ودعم المستشفيات محدودة الإمكانات لتقديم الرعاية بأسعار معقولة.
تحتاج البلاد إلى سياسات مبتكرة لتحقيق «ترويكا» الجودة والسعر المعقول والسهولة فى الحصول عليه.

 

فيروز غاندى

نائب بالبرلمان الهندي
المصدر: صحيفة ذى هندو

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://alborsanews.com/2016/11/24/934334