
اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 17..
منذ اتخاذ قرار التعويم غير المدروسة آثاره على كافة مناحى الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ودون أن يقابله تحرك حقيقى فى اتجاه تنمية الاقتصاد الحقيقى القائم على الانتاج (الصناعى والزراعى) والتصدير الجاذب للعملة الاجنبية، إلى جانب تنمية الموارد الرئيسية للنقد الاجنبى من ايرادات قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمار الاجنبى المباشر والقطاع الجريح (السياحة).
يظهر علينا هذا وذاك معبرا عن أن قرار التعويم يضاهى نصر اكتوبر أو أنه أعظم قرار اقتصادى تم اتخاذه فى سبيل الاصلاح النقدى والاقتصادى.. وأن البورصة المصرية حققت نموا لم تحققه على مدى سنوات عديدة.. وآخرون يقولون أن سعر الدولار حاليا لا يعبر عن سعره العادل والحقيقى.. وهناك من كان يقول انه سيصل الى 4 جنيهات.. وأنا اقول أنه لن يبلغ سعره الحقيقى والعادل (11 أو 12 دولارا).. بسبب ما ذكرته فى الفقرة السابقة..
لكن إن كان قرار تحريك أو تعويم الجنيه هو قرار من الناحية الاقتصادية نظريا سليم لكنه من الناحية العملية ليس سليما لأنه لم يدرس ولم يستعد له بالشكل المطلوب.. وجاءت آثاره السلبية مع حزمة القرارات الأخرى أكبر من آثاره الإيجابية على الطبقة الفقيرة والمتوسطة.. حيث انخفضت قيمة الجنيه حاليا بنسبة 100% وفقا لسعر الصرف الحالى (يزيد على 18 جنيها للدولار.. ومتوقع أن يزيد على ذلك) مقارنة بما قبل التعويم (8.9 (أو 9 تقريبا) جنيه للدولار).
حررنا الجنيه وعومناه وسيبنا كل حاجة تضرب حواليها من أسعار وغيره.. وبدأنا نرقع هنا وهناك.. ونجرى ورا الشريحة التانية لقرض الصندوق، الذى لم يكن الحل الافضل سوى عند الكسالى وقليلى الحيلة.. ما علينا.. المهم ان اللى خد القرار يشمر ويورينا هيحل المشاكل التى ترتبت على قرارات اللجوء للصندوق والتعويم ورفع الاسعار ازاى.. وحتى الان لم أقرأ أو أسمع هنا أو هنالك ما هى السياسة المتبعة فى هذا الشأن.. مجرد أخبار هنا وهناك.. وحكومة منعزلة عن بعضها.. وأنظمة موازية تعمل.. ولا تعرف اين هو مركز صنع القرار.. ومركز..
سوف تزداد حالات طلب الافلاس وحالات تجميد النشاط وسوف تظهر الخسائر فى ميزانية الشركات.. وقد يلجأ عدد من الشركات الى تقليص حجم اعمالها وعدد موظفيها وتخفيض النفقات (downsizing and cutting expenses).. طب دا بالنسبة للشركات..
لكن ما الوضع بالنسبة للافراد الذى انخفضت قيمة مرتباتهم أو ما لديهم من أموال قليلة أو معقولة أو كثيرة نسبيا.. والتى انخفضت بنسبة 100% حاليا.. حيث انخفضت القوة الشرائية للجنيه مقابل ارتفاع الاسعار لمستويات قياسية.. وأكثر القطاعات تأثرا منذ اليوم الاول وتمس حياة المواطن قطاعات الغذاء والدواء والخدمات وقبلها الكهرباء.. ولا ندرى الى اين سيتمر هذا الارتفاع.. وما هى سياسات الحكومة للفترة القادمة لمعالجة كافة الاثار السلبية.. والنهوض بالاقتصاد الحقيقى.. وتنمية موارد النقد الاجنبى ووقف القروض اللى شغالة عمال على بطال دون استراتيجية او الاجابة على التساؤل الى متى سوف نظل نعتمد عليها..
إلى متى سيبقى ارتفاع الاسعار مستمرا.. لم يكن هذا العقد الاجتماعى بيننا.. فنحن كنا نرغب فى تنمية حقيقية دون أن يضار المواطن وأن يحدث به ما يحدث به حاليا وكأننا نرى فيلما مكتوبا عليه فوق 15 سنة.. انكم ياسادة تتركون الموطن المصرى يستنزف.. وتكثر جروح جيبه حتى الدمامل..ولن تكفى حينها المراهم وأخاف ان يصل المواطن على حافة الهاوية.. ارحمونا يرحمكم الله..
كانت هناك تصريحات حكومية على أعلى مستوى بأن الاسعار لن تزيد وأن مشكلة سعر الصرف ستحل دون أن يتأثر المواطن الذى لم يجد من يحنو عليه حتى الان.. رغم أن هذا المواطن هو الأساس وليس أصحاب المصالح… لا بد من تحقيق التوازن..
لا بد لسياساتكم (استثمارية وصناعية وتعليمية وصحية.. الخ) أن تدور حول المواطن ورفع شأنه اقتصاديا واجتماعيا.. فنهضة اى بلد تقوم على نهضة الانسان.. والانسان لن يغفر لكم ان لم تحققوا نهضته ورفعة شأنه.. والمواطن المصرى انسان وليس حقل تجارب..
وما نبغى الا اصلاحا…
إبراهيم مصطفى
[email protected]