عندما هز الربيع العربى دولا فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خرج ملايين المواطنين إلى الشوارع مطالبين بحياة أفضل. وكانت معدلات البطالة وتكاليف المعيشة ارتفعت، فى حين أن الرواتب والإعانات كانت غير كافية وفى الوقت الراهن لم تتحسن الظروف، وفى واقع الأمر ساءت فى الغالب.
وتتراوح بطالة الشباب بين فئة 15 و39 عاما فى المنطقة وعددهم نحو 105 ملايين نسمة حول نسبة صادمة وصلت الى 30%، ومع استمرار تضرر ميزانيات الدولة التى تعتمد على البترول والغاز فإن الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والإعانات والرواتب فى القطاع العام تتقلص أكثر مما يعنى توليد سخط إضافى على خلفية بالفعل مضطربة جراء تفاقم الأوضاع الاقتصادية وانعدام الأمن.
وأوضح لويس تالون وهو ضابط مخابرات بريطانى سابق ومحلل سياسى حاليا فى مقال له نشرته مجلة انكلوبيديا جيوبوليتيكل أن صدر الجماهير يضيق من استمرارا الحرس القديم فى المنطقة فى القيادة وهو ما قد يكون الشرارة التى تشعل الفتيل جراء تنامى الإحباط والشعور المناهض للمؤسسات بين الشباب الذى يتوقون لرؤية التغيير، متوقعا ربيعا ثانيا فى العالم العربى.
ووجد الشباب فى وسائل الإعلام الاجتماعية فرصة لمزيد من تطوير الترابط بين الشباب فى المنطقة منذ عام 2011، وهو ما يعنى أنه من المحتمل أن تنتشر الموجة الثانية من الربيع العربى بسرعة أكثر، وأكثر فعالية من الأولى.
وبحلول عام 2020 سوف يصبح 75% من سكان العالم العربى عرضة للصراع.
وبالإضافة إلى تزايد الاضطرابات فى صفوف الشباب ومع عدم وضوح سياسة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فى الشرق الأوسط، وتعليقاته على انظمة الحكم فى المنطقة مثل النظام الملكى فى المملكة العربية السعودية فإنه يجب الأخذ فى الاعتبار أن كثيرا من هذه الدول قد تجد نفسها تفتقر إلى الدعم الدولى فى مواجهة الاضطرابات الداخلية المتزايدة.
على الرغم من هذا، تعلمت حكومات المنطقة والأسر الحاكمة دروسا كثيرة فى السنوات التالية لعام 2011، وبذلت جهودا كبيرة لتعزيز مواقعها ضد هذا الاضطراب المدنى.
وعلى هذا النحو يعد القمع العنيف للاضطرابات هو احتمال واضح حيث أن هذه الموجة الثانية من عدم الاستقرار فى المنطقة ستحدث فى الدول ذات الأنظمة الأكثر رسوخا، وفى كثير من الحالات يمكن أن يتصاعد الأمر إلى حرب أهلية على غرار سوريا نظرا لسهولة الوصول إلى الأسلحة فى المنطقة.
ومع تنامى الصراع فى المنطقة ولو بالوكالة فى اليمن وسوريا بين الدول العربية السنية وإيران صاحبة المد الشيعى فإن طهران قد يكون لها دور فى دعم الاحتجاجات خصوصا اذا خرجت فى الممالك الخليجية.
وقد يزيد من تأجيج الصراع عودة المسلحين من دول الصراع مثل العراق وسوريا واليمن إلى أوطانهم الأصلية فى عام 2017، وهو ما يزيد من احتمالية شنهم هجمات لإثبات وجودهم وهذا سيؤدى بدوره إلى المساهمة فى عدم استقرار المنطقة. وقد تزيد هذه التطورات من الضغوط على قوات الأمن وبالتالى تضعف سيطرة أحكام القانون والنظام الأساسى مما يزيد من انتقاد المواطنين لحكوماتهم.
أحد العوامل التى قد تسهم هذا العام فى اشتعال الاحتجاجات فى المنطقة هو حدوث مجاعة تلوح فى الأفق فى بلاد الشام والعراق، فالهجمات على المناطق الاكثر خصوبة على مدار الموسم الزراعى الشتوى يؤدى إلى انخفاض حاد فى الإنتاج الزراعى فى عام 2017، والتى ستجلب تقريبا بالتأكيد عواقب إنسانية كبرى فى منتصف 2017 إلى جانب الخسائر الاقتصادية. ومن الطبيعى أن تؤدى الأضرار التى لحقت بسلة الطعام فى شمال العراق وشرق سوريا الى عواقب وخيمة على المدى الطويل على سكان هذه المنطقة لانها ستسهم على الأرجح فى زيادة الهجرة الإقليمية، مما يجلب بدوره المزيد من عدم الاستقرار فى المناطق الحضرية والعرقية، وزيادة الضغط على الحكومات المنهكة بالفعل.