بقلم: إيمانويل فارهى
أصبح الجمهوريون، هم المسيطرين على مجلس الشيوخ الأمريكى بعد انتخاب دونالد ترامب، رئيساً للولايات المتحدة، بما يؤكد أن إصلاح الضريبة على الشركات قادم إلى الولايات المتحدة.
وتضم المناقشات التى تجرى حالياً، اثنتين من الميزات المهمة، أولاهما أن معدل الضريبة سيتراجع من 35% حالياً إلى 20% أو حتى 15%.. والثانية هى تعديل «الضرائب الحدودية».
ومن المقرر أن تعالج «الضرائب الحدودية»، المدخلات المشتراة محلياً، والمدخلات المستوردة بشكل مختلف.. بالإضافة إلى تشجيع الصادرات.
ولم تعد الشركات قادرة على اقتطاع تكاليف المدخلات المستوردة من دخلها الخاضع للضريبة.. لكن فى الوقت نفسه لن تخضع عائداتها من مبيعات التصدير.
وقد خلق الاقتراح نقاشاً حاداً، حول ما إذا كان تعديل الضريبة سيحسن الميزان التجارى الأمريكى أم لا.
ونعتقد أن تعديل «الضرائب الحدودية» ستكون له فرص ضئيلة للنجاح، ويمكن أن يقوض بشكل كبير صافى الأصول الخارجية للولايات المتحدة.
ولعل فكرة استخدام أدوات السياسة المالية لتحسين القدرة التنافسية التجارية، تعود إلى جون ماينارد كينز، مؤسس الاقتصاد الكلى الكينزى، الذى اقترح فى تقرير إلى البرلمان البريطانى عام 1931، أن التعريفات الجمركية على الواردات ينبغى إرفاقها مع دعم الصادرات التى من شأنها أن تحاكى تأثير انخفاض قيمة سعر الصرف.
يضاف لذلك الجمع بين هذه السياسة والبلدان التى تحافظ على سعر صرف ثابت أو كان الاتحاد النقدى قادراً على تحقيق نفس التأثير من خلال رفع ضريبة القيمة المضافة وخفض الضرائب على المرتبات بنسب مماثلة.
وقد تلقت هذه السياسة الضريبية الكثير من الاهتمام فى منطقة اليورو، ونفذتها ألمانيا فى 2006 وفرنسا عام 2012.
ولعل اقتراح إدارة ترامب، المتمثل فى خفض ضريبة الشركات وفرض «الضرائب الحدودية» مشابه لضريبة القيمة المضافة، إذ إن الاستراتيجية سترفع تكلفة الواردات وتدعم الصادرات.
لكن لا نتوقع أن مثل هذه الاستراتيجية ستعمل على تحسين القدرة التنافسية، لسبب بسيط، هو حفاظ السلطات الأمريكية على سعر صرف مرن.
وإذا تم تنفيذ الإصلاحات الضريبية المقترحة لـ«ترامب» بالكامل، فإن الدولار سترتفع قيمته جنباً إلى جنب الطلب على السلع الأمريكية. وخفض الضرائب بنسبة 20% يرفع قيمة الدولار بنسبة 20%. وهذا من شأنه أن يعادل أى مكاسب للقدرة التنافسية.
والطريقة الوحيدة لتجنب حدوث ذلك، هو منع «مجلس الاحتياطى الفيدرالي»، من رفع قيمة الدولار عبر خفض أسعار الفائدة.
ولكن هذا من شأنه أن يغذى التضخم المحلي.. لذلك ليس هناك سبب للاعتقاد بأن البنك الفيدرالى سيتخذ مثل هذه الخطوة.
وفى الوقت الذى يمكن أن تفيد فيه «الضرائب الحدودية»، البلدان التى لديها سعر صرف ثابت، فلن تقدم أى شيء للبلدان التى حررت أسعار صرف عملتها.
وسيؤدى ارتفاع قيمة الدولار، إلى تآكل صافى الأصول الخارجية الأمريكية؛ لأن الأصول المقومة بالدولار كبيرة، وتبلغ نسبتها 85% فى حين أن حوالى 70% من أصولها الأجنبية بالعملات الأجنبية.
وتبلغ الأصول الخارجية للولايات المتحدة نسبة 140% من الناتج المحلى الإجمالى، فى حين تبلغ المطلوبات الأجنبية 180% من الناتج المحلى الإجمالى.. ولذلك فإن زيادة قيمة الدولار بنسبة 20% قد تؤدى إلى خسارة فى رأس المال تساوى حوالى 13% من الناتج المحلى الإجمالي.
والعواقب المالية لمقترحات ترامب، يمكن أن تكون مختلطة.. فمن ناحية يمكن أن ترفع «الضريبة الحدودية» عائدات الضرائب؛ لأن الولايات المتحدة تستورد أكثر مما تصدر. ومع العجز التجارى الأمريكى البالغة نسبته 4% من الناتج المحلى الإجمالى، فإن هذه الضريبة قد تخلق عائدات ضريبية إضافية تساوى نحو 0.8% من الناتج المحلى الإجمالي.
ومن ناحية أخرى، فإن خفض الضريبة على الشركات قد يقلل الإيرادات.. بل قد يلغى أى مكاسب من الضرائب على الواردات.
وخلاصة القول إن خطة الضريبة المقترحة من قبل ترامب، وخصوصاً «الضريبة الحدودية» على الأرجح.. لن يكون لها تأثير إيجابى على الميزان التجارى الأمريكي. والأسوأ من ذلك أنه يمكن أن تكون مكلفة للغاية من حيث صافى الأصول الأجنبية الأمريكية.
أستاذ الاقتصاد فى جامعة هارفارد
إعداد: محمد رمضان
المصدر: بروجيكت سنديكيت