بقلم/ إدوارد لوسى
لا توجد أى شكوك حول مدى صدق الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، فى مقولة «أمريكا أولا».
وكانت وعود الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، محددة فى السياسة الخارجية، وعلى رأسها القضاء على الإرهاب فى حين كانت رسالته الوحيدة لباقى العالم هى وضع أمريكا على القمة مرة أخرى.
وأعلن ترامب أن المواطنين الأمريكيين، سيتشاركون الجهود الوطنية لبناء أمريكا من جديد، مضيفا: «سنقرر سويا النهج الذى ستسير عليه الولايات المتحدة والعالم لسنوات كثيرة مقبلة».
وقال ترامب فى مراسم تنصيبه: «سنوحد العالم ضد الإرهاب الإسلامى المتطرف، وسنمحوه من على وجه الأرض، وسنحافظ على التحالفات القديمة وسنبنى أخرى جديدة».
لكن لم يكن ترامب، وحده.. فقد سبقه فى تبنى مكافحة التطرف كل من الرئيسين السابقين جورج دبليو بوش، وباراك أوباما.
وتعهد ترامب، كذلك فى خطابه بتشكيل تحالفات جديدة ضد الإرهاب، ملمحا إلى نيته العمل مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
وأكدّ ترامب، أن ادارته ستتبع اثنتين من القواعد البسيطة، الأولى شراء المنتجات الأمريكية والثانية توظيف الأمريكيين.
ويجب أن ينتبه العالم لحديث ترامب، إذ يعتزم الرئيس الجديد تمزيق النظام العالمى الذى أنشأته الولايات المتحدة. فخطابه بمثابة نقطة تحول فى دور أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية.
وعلى النقيض مع خطاب تنصيب باراك أوباما، فى عام 2009 الذى وعد ايران بمد يد العون، إذ كانت على استعداد للتعاون، عكس ترامب، الذى يتخذ موقفا متشددا من ايران وشكك فى الاتفاق النووى.
وربما لن يكون مفاجئا أن يكون ترامب، الأقل شعبية مقارنة بأى رئيس أمريكى فى التاريخ الحديث.
وعلى عكس أوباما، قال ترامب، إنه سيرث اقتصادا فى حالة معقولة بعيدا عن الحروب العسكرية.
لكن أكبر النقيض كان فى النغمات الخاصة بهما. فرغم دخول أوباما البيت الأبيض والبلاد فى حالة اقتصادية صعبة، إلا أن خطابه كان يشع بالأمل. أما ترامب فسيطرت عليه مشاعر الغضب.
فخطاب ترامب، رسم صورة بائسة لأمريكا من المصانع التى تتحول إلى قبور ونظام التعليم الضعيف الذى يحرم الطلاب من جميع المعارف واختفاء المناظر الطبيعية فى المناطق الحضرية التى دمرتها الجريمة والمخدرات والعصابات.
وفى مجال السياسة الخارجية، لم يكن ترامب، أكثر وضوحا.. لكن فترة رئاسته ستكون حقبة جديدة من الحمائية التجارية.
ورغم أنه لم يشر إلى منافسه بالاسم، إلا أن الصين كانت واضحة فى ذهن ترامب.
وجاء خطابه بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس الصينى شى جين بينغ، أثناء المنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس، أن الصين ستبذل قصارى جهدها لدعم النظام التجارى العالمي.
ورد ترامب على الرئيس الصينى بقوله: «لقد صنعنا دولا أخرى غنية، فى حين أن الثروة والثقة فى بلدنا قد تبددت فى الأفق وستؤدى الحماية إلى حدوث ازدهار كبير وقوى».
كما أشار إلى المكسيك بقوله: «سنحمى حدودنا من ويلات بلدان أخرى.. وإلى العالم كله قال: «من حق جميع الدول وضع مصالحها الخاصة أولا».
وسيظل خطاب ترامب، بعض الوقت متصدرا العناوين الافتتاحية للصحف والمجلات الامريكية، إذ سيوصف بالمناضل كما فعلوا مع ابراهام لينكولن، أو جون كينيدي، فى وقت لاحق.
والرئيس الأمريكى بحاجة إلى التفكير على المدى الطويل خارج قوائم أجندته الراديكالية، بعد أن أعلن كيليان كونواي، أحد كبار مستشاريه انه سيعلن صدمة للنظام خلال الأسبوع الأول.
إعداد/ محمد رمضان
المصدر/ فاينانشيال تايمز