اقتصادنا يا تعبنا….. الحلقةالـ 24..
طالعنا المبجل صندوق النقد الدولى فى المؤتمر الصحفى الأخير بشأن تعويم الجنيه المصرى باعتذار عن خطئه عن عدم دقة توقعاته بشأن انخفاض قيمة الجنيه.. وتضرر المواطنين المصريين من النتائج السلبية لهذا الانخفاض…. «يفيد بإيه اعتذارك ياباشا عن بوظان البوغاشا».. بوظت الطبخة.. انت واللى مش وراك… ومن دعم التوجه اليك من ساسة وخبراء اقتصاديين.
إذن… من يتحمل المسئولية عن طحن المواطن.. ومعاناته من قرارات لا تصب فى صالحه بل صبت بآثار سلبية عميقة فى صميم جيبه (مخزن الفلوس) واصبح جيبه لا يقدر على مواجهة الغلاء.. ناهيك عن الآثار السلبية على جميع القطاعات الاقتصادية الحكومية قبل القطاع الخاص.
فمهاتير محمد، أطول رؤساء الوزارة فى ماليزيا حكماً (من 1981 إلى 2003) وأبعدهم أثراً، إذ رفع صادرات بلاده من 5 مليارات دولار إلى أكثر من 520 مليار دولار سنوياً، وحولها من دولة زراعية، إلى دولة متقدمة يمثل ناتج قطاعى الصناعة والخدمات فيها 90 فى المائة من ناتجها الإجمالي… وعلى مستوى الرفاهية، فقد تضاعف دخل الفرد السنوى فى ماليزيا سبع مرات، ليصبح 8862 دولاراً فى عام 2002، وانخفضت البطالة إلى 3 فى المائة، والواقعون تحت خط الفقر أصبحوا 5 فى المائة من السكان، بعد أن كانت نسبتهم 52 فى المائة.
فخلال زيارته لمصر مايو 2013، شرح مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا الأسبق تجربته مع صندوق النقد الدولى قائلًا: «ماليزيا مثل بقية الدول اقترضت من صندوق النقد، ولكن فى أزمتها الشهيرة مع الصندوق تقدم الصندوق بقائمة مطالب منها تخفيض قيمة العملة، وتحقيق فائض فى الموازنة العامة للدولة، والسماح بإفلاس الشركات، ومعدل فائدة عال..الخ.. بالطبع كان لابد أن نرفض، لأنه عندما يتم تخفيض قيمة العملة، فإن ذلك سوف يجعلنا نفلس، وطلبنا من المتعاملين فى أسواق العملات التوقف عن المضاربة على عملتنا، إلا أنهم رفضوا»… وأضاف ماهتير محمد: «هذا ما يفعلونه.. بيع وشراء العملة بما يحقق لهم مكاسب خيالية، وعرفنا لحظتها أنهم يحاولون تدميرنا، وعلى الفور قررنا عدم قبول نصائح النقد الدولي»، واستطرد: «كانت مسألة صعبة لأن 80% من الاقتصاديين يعتمدون على التجارة، وعملتنا كانت بلا قيمة، إلا أننا صمدنا، وأعدنا هيكلة الديون، وواجهنا الخطوات التى كانت ضدنا، وفى النهاية تمكنا من الصمود فى مواجهة تحديات مطالب صندوق النقد»… ساسة لديهم بعد نظر ولا يلهثون وراء الحلول السهلة كما تفعل حكومتنا.
فقد انصب تركيز مهاتير محمد منذ اليوم الأول لتوليه الحكومة فى عام 1981 على الاهتمام بالسياسة التنموية فى البلاد، حيث كان تركيزه ينصب على بناء الإنسان من أجل تحقيق تنميةٍ بشريةٍ متكاملةِ الأبعاد، وتعميق الوعى والحرص الداخليّين لدى كل فردٍ فى أهمية تطوير الدولة، وهو ما انعكس إيجاباً على الأفراد لأن ذلك سيُولّدُ لديهم شعوراً بأنهم عناصر حقيقية وفاعلة فى البناء والتنمية».
كان لاستفادة ماليزيا من التّجربة اليابانيّة أثرٌ كبيرٌ فى تحقيق التنمية وزيادة النّاتج المحليّ للفرد. حيث ركّزت ماليزيا على سياسة التّصنيع للخروج من دائرة التخلّف، فمرّت بمراحلَ مختلفة انتهت بأن تكون ماليزيا دولةً مصدرةً للصّناعات التكنولوجيّة عالية الدّقة بعد أن كانت تصدّرُ المطّاط، وبفضل هذا التوجه ارتفعت صادرات ماليزيا من أقل من 5 مليارات دولار عام 1980 إلى 100 مليار دولار عام 2002.
وتمكّنت من تأسيس وتطوير بنيتها التّحتية وتنويع مصادر دخلها المتمثلة فى الصّناعة والنفط والسّياحة وغيرها. إضافةً إلى الاستفادة الكبيرة من الانفتاحِ على الخارج عبر القيام بعملياتِ اندماجٍ فى أسواق العولمةِ مع الحفاظ على رﻛائز تنمية ودعم الاقتصاد الوطنى والمنتج المحلي…. كما أوْلت الدّولة اهتماماً بالغاً بتطوير البنى والمرافق التحتيّة، وذلك بإنشاء شبكةٍ كبيرةٍ وضخمة من الطّرق السريعة والحديثة، وشبكات القطارات المتطورة، إضافةً إلى تطوير شبكة الاتصالات والمعلومات بما يضمن الكفاءة والجودة العاليتيْن.
كما اعتمدت ماليزيا على تطوير وتنمية القدرات والمهارات البشريّة، وذلك من خلال تحسين جودة وأداء وأساليب التربية والتعليم وإنشاء المعاهد التربوية والمراكز العلمية البحثيّة ومؤسسات التدريب المهني، وتشجيع الطلبة المتميزين على الدّراسة فى الخارج من خلال رحلات الابتعاث العلميّة… كما عملت الحكومة الماليزيّة على تعزيز مفاهيم الإبداعِ والابتكارِ بين المواطنين الماليزيين من خلال العمل على تبنّى أفكارهم ومشاريعهم وحمايتها، ويبدو ذلك واضحاً وجليًّا فى المنحِ الماليةِ الهائلة التى تقدّمها الحكومة للجامعات من أجل تشجيع البحث العلمى والابتكار…
ان دونالد ترامب رئيس اكبر واقوى دولة فى العالم يوم تنصيبه (20 يناير 2017) عاد ليؤكد على المواطن الأمريكى كأساس للتنمية.. واهمية عودة الصناعة الأمريكية واعلاء قيمة المواطن والمنتج الأمريكي..
وانا اقول للساسة فى مصر.. ستبقى سعادة المواطن والتنمية الصناعية والتصديرية محاور أساسية للتنمية المستدامة.. وإلا لن يشعر بكم احد وستظلون مصدر سخط المواطن طالما تطحنونه..
وما نبغى إلا إصلاحا..