يعد جهاز أبوظبى للاستثمار «أديا»، أحد أكبر الصناديق السيادية فى العالم، وجهة الجذب الأكبر للمغتربين الساعين لوظيفة عالية الأجر فى الخليج.
ولكن فى الوقت الذى تطبق فيه أبوظبى، مجموعة من تدابير خفض التكاليف، بدأ حتى العاملين فى «أديا» يشعرون بوطأة الأمر، فهم وغيرهم من الموظفين الحكوميين فى عاصمة الإمارات العربية المتحدة، يضطرون حاليا لدفع فواتير مرافقهم التى تتعدى فى بعض الأحيان 20 ألف دولار سنويا، بالإضافة إلى تغطية نفقاتهم الطبية.
وقال مصرفى فى بنك استثمار فى الإمارة: إن تدابير التقشف تزداد ضيقا.
وتقول صحيفة «فاينانشال تايمز»، إن أبوظبى، أكبر منتج للبترول وأغنى الإمارات السبع، لطالما جسدت الثروة الخليجية. ولكن تدابير التقشف الحكومية حاليا تشير إلى مدى اضطرار قادة المنطقة إلى اتخاذ إجراءات راديكالية استجابة للانخفاض المطول فى أسعار البترول، وإلى تطبيق سياسات حساسة سياسيا كانت تعتبر فى وقت من الأوقات غير قابلة للنقاش فى مجتمعات كان السخاء الحكومى هو الوضع الطبيعى فيها.
وارتفعت تكاليف المعيشة بحدة بعد تقليص مرتبات وامتيازات العاملين بالقطاع العام، ورفع أسعار الكهرباء بموجب إصلاح برامج الدعم الحكومى. وفى الوقت نفسه تسبب تأجيل مشروعات بقيمة مليارات الدولارات وتخفيض الإنفاق فى عمالة زائدة وليس فقط فى قطاع البترول والغاز، وسرحت شركة البترول والغاز الحكومية وحدها 5000 وظيفة فى الـ18 شهرا الماضية.
وكان نتيجة ذلك، هروب المغتربين الذين هبطوا على أبوظبى خلال ارتفاع أسعار البترول، عندما بدأت الإمارة برنامجا طموحا لتحويل نفسها إلى وجهة فاخرة للأعمال والسياحة.
وقال أحد أصحاب شركات التوظيف، الذى يوفر وظائف فى مراكز عليا فى الإمارة: «كان عام 2016 بمثابة كابوس، والعام الأسوأ فى ثلاثة عقود.. وهرب فيه المغتربون مرتفعى ومنخفضى الأجور، وبقى فقط متوسطى الأجور الذين تعصرهم زيادة تكاليف المعيشة، مثلما حدث فى الثمانينيات والتسعينيات».
وأضاف أن المديرين الأوروبيين مرتفعى الأجور، غادروا، وحل محلهم موظفين أقل أجرا.
وقالت مونيكا مالك، خبيرة اقتصادية فى بنك أبوظبى التجاري، إن الاقتصاد مدفوع بقدر كبير من قبل الحكومة، التى تركز على تقليص الإنفاق والتكيف مع بيئة أسعار البترول المنخفضة.
وأضافت إن هناك تباطؤا ملحوظا فى النشاط الاقتصادى. وسيستمر التركيز على مزيد من التكيف فى عام 2017 ولكن بوتيرة أبطأ.
وقالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى، إن الإنفاق الحكومى فى أبوظبى تقلص بنسبة 10% العام الماضى، وبنسبة 18% فى 2015، وهو ما أدى إلى تباطؤ نمو الناتج المحلى الإجمالى غير البترولى إلى 3.5% العام الماضى من 7.6% فى 2015.
وسعت الحكومة أيضا إلى تعزيز إيراداتها.. فرفعت أسعار الكهرباء على المغتربين بنسبة 30% العام الحالى. كما رفعت أسعار الطاقة والمياه على الإماراتيين بنسبة 34%، ومن المفترض أن يتم فرض ضريبة مبيعات فى الإمارات والدول الخليجية الأخرى للمرة الأولى اعتبارا من عام 2018.
وتضرر الأجانب أيضا من ضريبة جديدة تم فرضها فى فبراير من عام 2016 بنسبة 3% من الإيجار السنوى.
وقال أحد المصرفيين فى أبوظبى: «يمكنك ان تشعر بتأثير التباطؤ وارتفاع التكاليف من خلال مغادرة الناس أو إرسال عائلاتهم إلى الموطن، وهناك منازل شاغرة فى مجمعى السكنى للمرة الأولى منذ سنوات كثيرة جدا».