بقلم/آدم مينتر
التقى الرئيس دونالد ترامب، المديرين التنفيذيين لكبرى شركات الطيران الأمريكية، الأسبوع الماضى.
ورغم أن أجندته بهذا الخصوص لم يتم الإعلان عنها، فإن مقابلاته فى الآونة الأخيرة مع المديرين فى قطاعى السيارات والأدوية، توحى بأن المحادثات سترتكز على كيفية «حماية» العمالة والشركات الأمريكية من المنافسة الأجنبية.
وهذا من شأنه أن يسعد أكبر ثلاث شركات طيران أمريكية، وهى «أمريكان»، و«دلتا»، و«يونايتد»، لأنها وعلى مدى عامين، خاضتا حملة لا هوادة فيها لقص أجنحة منافسيها من الشرق الأوسط الذين ـ كما تدعى ـ يسرقون على نحو غير عادل الوظائف الأمريكية.
وهذا الادعاء مثله مثل معظم محاولات خنق التنافسية زائف وغير حكيم. ولم تقتنع به حكومة باراك أوباما فى السابق.
ولكن شركات الطيران تأمل بأن تتعاطف معها حكومة ترامب. وإذا كان الرئيس يرغب بالفعل فى رعاية مصالح العمالة والمستهلكين الأمريكيين عليه أن يرفض حججهم.
ووجهت الشركات الأمريكية نيرانها لثلاث شركات طيران بشكل خاص، وهى الخطوط الجوية القطرية، وشركتى من الإمارات هما الاتحاد، وطيران الإمارات.
ووجود تلك الشركات فى شبه الجزيرة العربية يجعلها فى أكثر المواضع كفاءة على الأرض لنقل الركاب بين الولايات المتحدة والهند، وبين أوروبا واستراليا وجنوب شرق آسيا، ونتيجة لذلك جزئيا انتعشت شركات الطيران الخليجية منذ منتصف الثمانينيات. وتعد طيران الإمارات حاليا أكبر شركة طيران فى العالم.
وساهم فى نجاح الشركات أيضا بنفس القدر، انتشار ما يعرف باتفاقيات السماوات المفتوحة وهى اتفاقيات ثنائية الجانب تتضمن دخولا متبادلا لأسواق الطيران بعيدا عن التدخل الحكومى. ووقعت الولايات المتحدة 120 اتفاقية منها، بما فى ذلك مع دبى وقطر.
وعمليا، تعنى هذه الاتفاقيات أنه إذا رغبت شركة دلتا فى الطيران من اتلانتا إلى دبي، فكل ما ستحتاجه هو ممر للهبوط فى مطار دبى الدولى. وعلى النقيض، ستحتاج الشركة للسفر من اتلانتا إلى مدينة شينزن، أن تحصل على تصريح من الحكومة الأمريكية التى تتفاوض بشكل دورى مع الصين لدخول المطارات الصينية.
واستفادت شركت الطيران الشرق أوسطية بشدة من اتفاقيات السماوات المفتوحة. فطيران الإمارات وحدها تسافر إلى 11 مطارا أمريكيا. وقريبا ستطير إلى 12 مطارا.
ولكن هذه الرحلات تستفيد منها الولايات المتحدة أيضا. ففى الفترة ما بين 1992، العام الذى وقعت فيه أمريكا أول اتفاقية، وبين 2014، ارتفع عدد السائحين الذين يزورون الولايات المتحدة بنسبة 68%، بخلاف القادمين من كندا والمكسيك.
وتعزى وزارة الخارجية هذا النمو بشكل مباشر إلى هذه الاتفاقيات، وهو أمر معقول، وتظهر دراسة أجريت العام الماضى أن اتفاقيات السماوات المفتوحة خفضت الرسوم بنسبة 20% على الطرق الأمريكية، نظرا لاستفادة المسافرين من ارتفاع التنافسية والرحلات المباشرة إلى وجهاتهم، ومن غير المثير للدهشة إن قطاع النقل الأمريكى كان من أشد المناصرين للسماوات المفتوحة.
ونظريا، ينبغى أن ترى الخطوط الجوية الأمريكية نفسها كمستفيدة أيضا، لأنها تستطيع بسهولة نقل المسافرين إلى وجهات خارجية. ولكن الشركات الشرق أوسطية أثبتت أنها منافسات قويات نظرا لاستخدامها طائرات جديدة، وتقديمها خدمة فاخرة بتكلفة أقل.
وتجادل الشركات الأمريكية بأن منافسيها يستفيدون من دعم حكومى مزعوم، وهو ما قد يعد خرقا لاتفاقيات السماوات المفتوحة مع الولايات المتحدة، ويضغطون لإعادة التفاوض على هذه الاتفاقيات.
ومع ذلك، لن يكون منافسيهم المتضررون الوحيدون من القيود الحمائية. فعلى سبيل المثال تقدر ولاية دالاس الأمريكية إن الرحلات اليومية المباشرة بين مطار «دالاس فورث وورث» ومطار دبي، تولد 227 مليون دولار كقيمة اقتصادية سنوية، ولن تتمكن «دلتا»، و«يونايتد»، و«أمريكان» من الطيران فى هذا الطريق إذا تم إغلاقه.
كما ان شركة «فيديكس» التى لديها مكتب تصنيف كبير فى دبى تدعم الترتيبات الحالية. وأخيرا، سيواجه الجيش الأمريكى مشكلات فى سلسلة التوريد الخاص به إلى الشرق الأوسط، والتى تعتمد جزئيا على الطائرات التجارية.
وقد تؤدى أى محاولة لإلغاء أو إعادة كتابة اتفاقيات السماوات المفتوحة إلى تشجيع الدول الأخرى على المطالبة بإعادة التفاوض أيضا.
وبدلا من ذلك، يتعين على حكومة ترامب أن تسعى للمزيد ـ وليس لتقليل ـ اتفاقيات السماوات المفتوحة، وربما تستطيع أن تبدأ بالسوق الصينى سريع التطوير، حيث تعد رحلات الشركات الأمريكية له محدودة ولا تتنافس مع الشركات الشرق الأوسطية.
وبعد مرور 25 عاما على اتفاقيات السماوات المفتوحة، أثبتت أنها أفضل طريقة لزيادة الوظائف فى قطاع الطيران، ومساعدة شركات الطيران على التحليق لآفاق جديدة.
المصدر/ وكالة أنباء «بلومبرج»