
الدول الثلاث تمثل 40% من سكان الكوكب.. و24% من إجمالى الناتج المحلى
تتبنى الهند والصين واليابان، سياسات اقتصادية جذرية ومتباينة، وفيما يلى لمحة عامة عن كيفية سير الأمور فى هذه البلدان المهمة.
ففى اليابان، شرعت حكومة شينزو آبي، فى تكرار برنامجه للخروج من الركود فى البلاد.
أما الحكومة الصينية، فتعيش فى خضم دورة التحول من الاقتصاد القائم على التصدير، إلى نموذج اقتصادى قائم على زيادة الاستهلاك المحلي.
وتسعى الهند، أيضاً، لتنفيذ سياسة رئيس الوزراء ناريندرا مودى، الاقتصادية.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن هذه الدول مجتمعة تمثل 40% من سكان الكرة الأرضية، وحوالى 24% من الناتج المحلى العالمى.
وأشارت الوكالة فى تقريرها إلى الطريقة التى تسير بها الأمور الآن فى هذه الاقتصادات الكبيرة.
أولاً: الهند
من إجمالى 1.28 مليار هندي، تمثل شريحة تحت سن 15 عاماً نحو 27%.. وهو الاقتصاد الأسرع نمواً فى العالم.
وأوضحت بيانات الوكالة، أن حوالى 350 مليون هندي، سينضمون إلى القوة العاملة فى البلاد خلال العقد المقبل.. وهذا الأمر بالتأكيد لم يغب عن رئيس الوزراء ناريندرا مودى، الذى يواصل معالجة أوجه القصور التى يعانى منها اقتصاد بلاده.
ومنذ توليه السلطة عام 2014 يتابع «مودى»، مجموعة من السياسات التى لا تسعى فقط لإنعاش الاقتصاد.. ولكن أيضاً لمقاومة الصدمات الخارجية ومنافسة دول العالم المتقدم.
وبدأت الإصلاحات تحت قيادة «مودى» بصورة تدريجية. ففى عامى 2014 و2015 بدأت إعادة إنعاش الاقتصاد ببطء، بعد أن كانت تظهر علامات الشلل التام.
وكانت أولوية رئيس الوزراء الأولى جذب المستثمرين الأجانب لإقامة مراكز تصنيع، إذ أجرى ما يقرب من 40 رحلة فى الخارج خلال أول عامين بعد توليه منصب رئيس الوزراء.
وكانت النتيجة أنه نجح فى جذب التزامات استثمارية مباشرة من الخارج تخطت قيمتها 75 مليار دولار فى 2014 و2015 على التوالى.
وفى العام الماضى، أضاف تدفقات نقدية بقيمة 33 مليار دولار.
ومن أجل جذب هذه الاستثمارات الأجنبية المباشرة أجرى «مودي»، عدداً كبيراً من الخطوات لتخفيف حواجز دخول السوق، من بينها إقامة نظام الشباك الواحد للحصول على التراخيص، إلى جانب تخفيف القيود الحكومية على مجموعة من القطاعات.
وكان التركيز الرئيسى الآخر لـ«مودى»، هو إدارة الموارد المالية الحكومية بشكل أفضل، وإصلاح الخلل فى النظام الذى يعرقل جهود الحصول على الفوائد التى تعود على الفقراء الهنود، حيث يعيش 22% من السكان تحت خط الفقر الرسمي.
ومن أجل القضاء على الفساد، ربطت الحكومة مشروع «أدهار»، المخصص لبناء قاعدة بيانات بيومترية أو حيوية تُوفر هويةً مميزةً لكل مواطن مع الحسابات المصرفية الفردية والهواتف المحمولة.
وكانت الإصلاحات الأخيرة أكثر جرأة خصوصاً إلغاء فئات النقدية الكبيرة. وكان الهدف منها معالجة التهرب الضريبى والفساد، وتحويل الهند إلى مجتمع غير نقدي.
وبالإضافة إلى ذلك فرض ضريبة السلع والخدمات الوطنية التى تهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية.. وكل هذه المبادرات واجهت معارضة شديدة من الشعب.
وكانت نتائج برنامج «مودى»، الاقتصادى مختلطة.
فقد ارتفع النمو الاقتصادى إلى 7.3% فى الربع الثالث، من 5.8% فى الربع الأول من 2014.
وتراجعت معدلات التضخم إلى 3.4%. وهذا الانخفاض ساعد على انخفاض أسعار العديد من السلع التى تستوردها الهند. وخفض البنك المركزى أسعار الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس منذ عام 2014، وهو ما يخفض تكلفة الائتمان للشركات، ويقلص عائدات السندات إلى 6.4%.
ولكن على الجانب الآخر، لا تزال إدارة الأعمال فى الهند أمراً صعباً. فعندما قام البنك الدولى بتجميع بيانات سهولة ممارسة أنشطة الأعمال فى 190 دولة العام الماضي، احتلت الهند أسفل القائمة، وسجلت المركز الـ130، ولا تزال قوة إقليمية أضعف بكثير من الهند.
ثانياً: الصين
فى العامين الماضيين، بدأت البلد الأكثر اكتظاظاً بالسكان على وجه الأرض، خطة التحول للاعتماد على الاستهلاك بدلاً من التصدير.
وركزت حكومة الرئيس شى جى بينغ، على جلب الاستقرار للصين، وخصوصاً من خلال تقليص النفوذ المفرط وغير المباشر للحكومة على النقد الأجنبى وأسعار الفائدة وسوق الأوراق المالية.
واستمر النمو الاقتصادى ينمو بمعدل يزيد على 10% فى 2011، وزاد الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 6.7% العام الماضى.
وتطمح الصين لوصول نمو الناتج المحلى الإجمالى فى الفترة من 2016 وحتى 2020 لنسبة تزيد على 6.5%.
ولكن تراجع الاستثمار المحرك الرئيسى للنمو فى الصين، وانخفض صافى الاستثمار الأجنبى المباشر الشهرى تدريجياً، بعد أن بلغ ذروته عام 2007، وسجل مستويات سلبية إلى حد كبير العام الماضى.
وفى الوقت نفسه، تراجع سوق الأسهم وسجل أداءً مخيباً للآمال فى 2016، إذ خسر مؤشر «سى إس آى 300» نسبة 9.3% فى العائدات الإجمالية.
وتواجه بكين، أيضاً، محدودية الفرص المتاحة للاستثمار، إذ يبحث المستثمرون الصينيون الفرص الخارجية فى وقت تكثف فيه الشركات الصينية عمليات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود.
ويقبل المستثمرون الأفراد على شراء الأصول فى الخارج، بما فى ذلك منتجات التأمين والعقارات.
وترغب الصين فى تعزيز تدويل الأسواق المالية.. لكن لا تزال تشعر بالقلق بشأن التأثير المحتمل على الاستقرار.
لذلك ينبغى عليها تعزيز الجهود لتحقيق التوازن بين تباطؤ النمو وأسعار الفائدة وتدفقات الأموال العالمية ووتيرة فتح أسواقها، قبل إضافة احتمال نشوب حرب تجارية.
ثالثاً: اليابان
كشف رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى، عن خطته الإصلاحية منذ 4 سنوات والتى تهدف إلى كسر حلقة مفرغة من الانكماش الذى يعانى منه الاقتصاد منذ عقدين من الزمن.
ومن أجل القيام بذلك، يسعى «آبى»، إلى تعزيز الثقة والشعور بالأمن ووضع البلاد على المسار الصحيح لتسجيل ناتج محلى إجمالى اسمى يصل إلى 600 تريليون ين ياباني، وهو ما يعادل 5.2 تريليون دولار بحلول عام 2020. وسيتطلب هذا الأمر تحقيق نمو بنسبة 3% سنوياً.
وفى الربع الثالث من العام الماضي، نما الاقتصاد اليابانى بمعدل سنوى 1.3%.
ورغم التحفيز الذى لم يسبق له مثيل من البنك المركزى، لم تتوصل الدولة إلى المعدلات المنشودة.
وبالنظر فى قطاع التصنيع، فلم يظهر سوى انتعاش بطيء، خصوصاً بين الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التى تشكل الجزء الأكبر من العمل الياباني.
وبالإضافة إلى تعزيز النشاط الاقتصادى على المدى القصير، يسعى رئيس الوزراء من خلال برنامج «أبينوميكس»، لتمويل أهداف طويلة الأجل مثل إصلاح نظم التقاعد وتحسين الضمان الاجتماعى وجزء منه ينطوى على زيادة الضرائب لخفض جبل الديون فى اليابان.
ومع ذلك، فإن الحكومة أجلت، العام الماضي، زيادة ضريبة الاستهلاك حتى عام 2019 مع الأخذ بعين الاعتبار الاقتصاد الهش واضطرابات البيئة العالمية فى النصف الأول من 2016.
وفى مارس المقبل، من المرجح أن يُقدِم الحزب الديمقراطى الليبرالى على تمديد فترة رئاسة «آبى»، لمدة 9 سنوات بدلاً من 6 سنوات، ليظل رئيساً للوزراء حتى سبتمبر 2021.
ولكن فى ضوء تلك الفترة الزمنية قد تكون مهمة «آبى»، هى تمهيد الطريق بدلاً من السعى إلى النمو الاقتصادى.