
أتحدث بلسان رجل الشارع من الطبقة الوسطى الذى يلهث وراء توفير ضروريات الحياة فى مواجهة أمواج التضخم العاتية وجنون الأسعار الذى يضرب مصر بلا رحمة. وكأننا نعيش فى كابوس ثم نفيق لنجد أن الواقع أشد قسوة من الحجارة والأمل فى عيشة كريمة يصبح كالسراب فى الصحراء.
أعلن البنك المركزى المصرى أن نسبة التضخم الأساسى سجلت معدلاً شهرياً 5% خلال شهر يناير الماضى مقابل 4.35% فى ديسمبر الماضى، وأن المعدل السنوى للتضخم الأساسى بلغ 30.86% فى يناير مقابل 25.86% فى ديسمبر الماضى. وهذ الارتفاع الكبير فى نسبة التضخم يسجل رقماً قياسياً لم تشهده مصر منذ أكثر من عشر سنوات. فبغض النظر عما إذا كانت الأسباب نتيجة لتداعيات تعويم العملة ورفع الحكومة لأسعار بعض السلع والخدمات فى إطار إجراءات إصلاحات قاسية، يئن المواطن تحت وطأة ارتفاع الأسعار المصحوب بجشع بعض رجال الأعمال والتجار والحرفيين وأصحاب المهن الحرة الذين انتهز بعضهم الفرصة لكى يفرض أسعار جديدة بادعاء تأثير ارتفاع سعر الدولار والعملات الأجنبية.
من المعلوم أن مصر تستورد أكثر من 60% من احتياجاتها من المواد الغذائية. ومن العوامل التى ساهمت فى ارتفاع فاتورة الواردات ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية المستوردة من الذرة والزيوت والسكر واللحوم والدواجن والقمح.أضف الى ذلك استغل بعض المستوردين وكبار التجار الجشعين زيادة الأسعار العالمية وارتفاع سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصرى لكى يرفعوا الأسعار ويحققوا مكاسب خرافية دون اعتبار لمعاناة المواطن فى الحصول على احتياجاته من السلع بأسعار معقولة.
من الناحية العملية، لا تستطيع الحكومة فرض سيطرتها والرقابة على الأسعار الا فى حدود ضيقة وباستخدام آليات غير محكمة يصعب تنفيذها فى شتى محافظات مصر بشكل منتظم. لذلك أرى أنه يمكن للحكومة أن تضع تسعيرة استرشادية للسلع كحل مؤقت مع بذل مجهود أكبر فى ضبط السواق. وأحبذ أن تتقدم الحكومة الى مجلس النواب بمشروع قانون للتسعير الجبري، وخصوصاً انه كان لدينا القانون رقم 163 لسنة 1950 بشأن شئون التسعير الجبرى وتحديد الأرباح، ولا علم لى هل هذا القانون ما زال سارياً أم تم تعديله أو إلغاؤه. وبالبحث على شبكة الإنترنت اكتشفت أن قانون التسعير الجبرى وحماية المستهلك قد أصدر فى عدة دول مثل قطر سوريا.
تعتبر الممارسات الاحتكارية من أسباب ارتفاع الأسعار والإضرار بالسوق. فهل يساهم القانون رقم (3) لسنة 2005 الخاص بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية فى ضبط السوق؟ أتمنى ذلك خصوصاً بعد أن تم تعديل القانون بموجب قرار من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى يوليو 2014، بأن تكون العقوبات بفرض غرامات نسبية بدلاً من فرض غرامة ثابتة على من قام بممارسة احتكارية.
وفى الختام أود أن أشير إلى أن اللجوء فقط إلى إلقاء كامل العبء على الدولة لم يعد حلاً وحيداً لحماية مصالح المواطنين من غول الأسعار، فمؤسسات المجتمع المدنى ودور المواطن أصبح قوة إضافية للضغط على التجار الجشعين من أجل الالتزام بالأسعار العادلة ومنع الاحتكار.
***
[email protected]