الدين العام.. مكمن الخطر الجديد فى الاقتصاد المصرى


هناك خطآن رئيسيان وقع فيهما البرنامج الاقتصادى الذى تطبقه الحكومة حالياً والتى صاغته بالتعاون مع صندوق النقد الدولى. الأول هو التقدير المنخفض لقيمة الدولار بعد التعويم، والثانى هو التقدير المرتفع لمعدلات النمو المتوقعة.
وانعكس هذان الخطآن فى أوضح صورة لهما فى ملف الدين العام، فقد تضاعف الدين الخارجى بشكل مفاجئ كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى مع فقدان الجنيه أكثر من نصف قيمته فى سوق الصرف، وبينما كانت توقعات صندوق النقد الدولى قائمة على أن الجنيه سيفقد ربع قيمته فقط بعد التعويم، لكنه فقد أكثر من نصف قيمته خلال تلك العملية.
وبنى صندوق النقد والحكومة توقعاتهما فى البرنامج الاقتصادى على أن الدولار سيرتفع من سعر التثبيت 8.78 جنيه إلى سعر سوقى يتراوح بين 12 و13 جنيهاً، لكن الذى حدث أنه ظل يرتفع حتى تجاوز 19 جنيهاً فى ديسمبر الماضى قبل أن يتراجع إلى مستوى فوق 18 جنيهاً حالياً، وهو ما يزيد بنحو 56% على السعر قبل التعويم.
وانعكس هذا على نسبة الدين الخارجى من الناتج المحلى الإجمالى التى تضاعفت من نحو 16.3% قبل التعويم إلى نحو 37% فى ديسمبر الماضى بعد التعويم بشهر واحد، مقابل 22.9% كان يتوقعها صندوق النقد بنهاية العام المالى الحالى.
وساعد على ذلك، أيضاً، توسع الحكومة فى تدبير التمويلات الخارجية اللازمة لغلق الفجوة التمويلية وسد العجز فى ميزان المدفوعات.
وتوقع صندوق النقد أن ينتهى العام المالى الحالى الشهر المقبل بمحفظة ديون خارجية تبلغ 66 مليار دولار، لكن البنك المركزى قال إنها بلغت 67.3 مليار دولار فى ديسمبر الماضى، علماً بأن الحكومة حصلت بعد هذا التاريخ على قروض خارجية بقيمة 5.5 مليار دولار، من حصيلة طرح سندات دولية فى يناير بقيمة 4 مليارات دولار و1.5 مليار دولار من البنكين الدولى والأفريقى للتنمية فى مارس.
أما توقعات الحكومة لمعدلات لنمو الناتج المحلى الإجمالى فقد جاءت متفائلة ولم تساير التطورات على الأرض خاصة مشاكل تدبير العملة قبل التعويم وارتفاع الأسعار بعد التعويم، وبدلاً من نمو الناتج المحلى بنحو 4% كما تتوقع الحكومة نما فقط بمعدل 3.6%. ويعنى ذلك أن الدين العام أصبح أكبر مقارنة بحجم الاقتصاد بدلاً من تراجعه، وهو مؤشر خطر.
وقالت رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث فى بنك الاستثمار فاروس القابضة، إن معدلات الدين العام لن تنخفض فى الوقت الراهن، وتحتاج على الأقل من عامين إلى ثلاثة أعوام قبل أن تبدأ فى التراجع قياساً إلى حجم الاقتصاد، مع وجود نمو اقتصادى وتقليل الاعتماد على أدوات الدين لسد العجز بالموازنة العامة.
وذكرت أنه فى الوقت الحالى يوجد توجه عام بالتوسع فى الدين الخارجى على حساب الداخلى لتقليل أعباء خدمة الدين والفوائد.
وبعد هذه التطورات أصبح الدين العام الإجمالى يعادل 131% من الناتج المحلى الإجمالى فى ديسمبر الماضى، وما يخص الحكومة منها يعادل 96% من الناتج المحلى، لكن الباقى، أيضاً، يخص جهات فى معظمها حكومية مثل الهيئات العامة وبنك الاستثمار القومى والبنوك الحكومية.
وما زاد الطين بلة هو التضخم الذى ارتفع لأعلى معدلاته فى 30 عاماً، وهو ما يتطلب إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة، الأمر الذى انعكس بالسلب على تكلفة الدين الحكومى.
ورفع البنك المركزى أسعار الفائدة الأساسية 300 نقطة أساس بشكل استثنائى فى نفس يوم تحرير سعر الصرف لتصل إلى 15.75% للاقتراض من الكوريدور، لكن البنوك العامة تعرض 20% لجذب المودعين.
ونتيجة ذلك أصبحت الفائدة على أذون الخزانة أداة الاقتراض الرئيسية للحكومة فى الوقت الراهن تدور حول 19%، الأمر الذى دفع الحكومة لبحث فتح اعتماد إضافى فى الموازنة العامة لزيادة مخصصات فائدة الدين الحكومى البالغة 292.5 مليار جنيه.
وقدرت الحكومة الفوائد التى ستدفعها على مديونيتها فى مشروع موازنة العام المالى المقبل بنحو 380 مليار جنيه تعادل أقل قليلاً من ثلث الإنفاق العام فى السنة المالية المقبلة، وهو ما يسهم فى إبقاء عجز الموازنة مرتفعاً.
وقال ممتاز السعيد، وزير المالية الأسبق، إن مؤشرات الدين الحالية خطيرة للغاية؛ بسبب وجود زيادة كبيرة فى الدينين المحلى والأجنبى، والحديث عن انخفاضه لن يحدث ما لم تكن هناك زيادة حقيقية فى الإيرادات العامة مقابل النفقات وترشيدها دون المساس بالطبقات الاجتماعية.
وذكر أنه فى الوقت الحالى حجم الإيرادات لا يغطى سوى 60% من المصروفات، وبالتالى نلجأ إلى إصدار أدوات الدين الحكومى، وهو ما يجعل فكرة خفض معدل الدين العام أكثر صعوبة.
وقال إن مصر على سبيل المثال من أقل دول العالم الرئيسية فى صناعة السيارات، وهى إحدى الصناعات المهمة التى تؤدى إلى تشغيل عمالة بنسبة كبيرة.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://alborsanews.com/2017/05/06/1018757