بقلم: جايسون شينكر
عندما يجتمع أعضاء رابطة الدول المصدرة للبترول «أوبك» اليوم مع منتجى البترول من غير الدول الأعضاء سوف يمددون على الأرجح فترة تخفيضات الإنتاج التى بدأت فى نوفمبر كوسيلة لدعم الأسعار، التى كانت متقلبة الشهر الجاري، وأيا ما كانت التفاصيل النهائية، ستتضمن القائمة خليطاً من السياسة المتفائلة ومحاولات الإقناع.
وارتفعت أسعار البترول بإطراد منذ أبريل 2016، ولكنها تعرضت لضغوط فى أوائل مايو، وأشار المحللون مجدداً إلى إنتاج الولايات المتحدة من البترول الصخرى على أنه المذنب، ولكن لم يكن هناك تغير رئيسى فى الإنتاج الأمريكى من شأنه أن يحرك موجة بيع كبيرة مثل التى شهدها السوق بداية من 2 مايو.
وبعد كل شيء، فقد لاقت قصة البترول الصخرى رواجاً لبعض الوقت خاصة أن عدد حفارات البترول ارتفع بنسبة 125% منذ مايو 2016.
ومن الخطأ التركيز على جانب المعروض فى السوق لتبرير موجة البيع لأن الطلب هو ما أشعل المخاوف هذه المرة، نظراً لصدور مؤشر مديرى المشتريات لقطاع التصنيع الصينى فى وقت متأخر من أول مايو الجارى، والذى تراجع لأدنى مستوى فى سبعة أشهر.
والصين هى اللاعب الهامشى والمتحكم الحاسم فى نمو الطلب على البترول والاستهلاك، وأدت البيانات الضعيفة لمؤشر مديرى المشتريات – وتداعيات ذلك على نمو الطلب على البترول – إلى تحريك موجة البيع، ورغم أن أسعار البترول ارتفعت منذ أوائل مايو، فإنها لا تزال تحت ضغط، وينتظر المتداولون نتائج اجتماع الأوبك فى فيينا اليوم لتحديد تحركاتهم المقبلة.
والمخاطر التى قد تنجم عن نتائج هذا الاجتماع عالية، ولا يريد المتداولون أن تفرض عليهم الأوبك قراراً يرفع أسعار البترول لأن هذا سوف يعد الأسعار لارتفاعات أعلى، خاصة أن عصبة الأوبك والمنتجين من خارجها عازمون على نفس الأمر.
وقرار المنظمة يشكل أهمية الأسبوع الجارى لأن الـ 25 دولة تلك يشكلون أكثر من 55% من إنتاج البترول العالمى، ومع ذلك، هناك جدل حول جدوى مد التخفيضات فى إنتاج البترول.
وتحمل السعوديون أسوأ ما فى الأمر حتى الآن، ويتساءل البعض إلى أى مدى سوف يستمر استعدادهم لتقديم هذه التضحية، وأولا، حتى فى حالة خسارتهم على المدى القصير لإيرادات نتيجة بيعهم عدد براميل أقل، فلن يخسرون بالكامل، لأن البترول سيبقى لديهم مع إمكانية بيعه فى المستقبل، وبسعر أعلى على الأرجح بمجرد أن تتوازن آليات العرض والطلب والمخزونات فى سوق البترول العالمي.
وعلاوة على ذلك، فمن يعتقد أن المملكة لا تريد أن تحافظ على الوضع الحالى لابد أن ينتبه إلى حقيقة مهمة، وهى أن السعودية تستعد لطرح أولى للجمهور، ومن خلال تخفيض الإنتاج لدعم الأسعار، فإن السعوديين يقومون برهان محسوب يعطى الأولوية بشكل منطقى للميزانية على حساب كشف الدخل.
وبالتالى فإن التضحية ببعض الإيرادات الحالية لدعم أسعار البترول قبل الطرح الأولى للجمهور سوف يعزز قيمة الشركة بأكملها، والأسهم المتاحة للبيع، وأى مدير تنفيذى فى عالم السلع سوف يضحى طوعا بخسائر الدخل على المدى القصير لتحسين ميزانية الشركة قبل طرحها، وقيمة «أرامكو» السعودية تأتى من البترول، وهو ما سوف يظهر أهميته بوضوح أكبر فى وقت الطرح أكثر من الآن.
واجتماع الأوبك والمنتجين من خارجها اليوم سوف يجذب الأنظار إلى جانب المعروض المتفائل، ولكن الأسبوع القادم، سوف يعود تركيز المتداولين مجددا إلى الأسس الاقتصادى لجانب الطلب العالمى على البترول.
وعلى رأس قائمة المتابعات سوف يأتى مؤشر مديرى المشتريات الصينى عن شهر مايو والذى سوف تنشر بياناته فى 31 مايو الجاري، ويعد قطاع التصنيع الصينى مؤشر قوى على وتيرة التوسع الاقتصادى الصيني، ونمو الطلب على البترول، وأيضا على النمو العالمى.
وبناء على ذلك، فإن أى تراجع فى مؤشر مديرى المشتريات دون 50 نقطة سوف يمثل انكماش فى النشاط الشهرى لقطاع التصنيع الصينى، ما يعنى تباطؤ النمو الاقتصادى وأيضا تراجع الطلب على البترول، وهو ما سيكون له تأثير هبوطى على أسعار البترول فى المدى القصير بغض النظر عن قرار أوبك السياسى اليوم.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»