شيماء عمارة تكتب: التعليم الفنى والتدريب المهنى والطريق إلى التنمية


حينما نتحدث عن التنمية الاقتصادية فى آية دولة، فإننا يجب أن نتحدث عن ارتفاع معدلات الإنتاج، وحينما نتحدث عن معدلات الإنتاج فإننا يجب ألا نغفل عنصر كفاءة الإنتاجية.
فكلما ارتفعت الكفاءة الإنتاجية كلما انعكس ذلك على مبيعات المنشآت الإنتاجية وزيادة دخلها نتيجة الإقبال على منتجاتها ذات الجودة والكفاءة، وذلك فى كلا السوقين الداخلى والخارجى، ومن ثم ترتفع حصيلة الناتج الإجمالى للدولة ككل.
فمن الممكن أن تنتج الدولة الكثير، ولكن انخفاض جودة منتجاتها سينعكس بالسلب على ناتجها الإجمالى، بمعنى أن منتجاتها لن تجد لها سوقا داخليا أو خارجيا، وسيعتمد المواطن فى تلك الدولة على المنتجات المستوردة نتيجة زيادة كفاءتها وجودتها، وطبيعى ألا تجد لها سوقا تصديريا.
وكلما ارتفعت جودة ما ينتجه العامل نتيجة ارتفاع كفاءته الإنتاجية، فسيرتفع أجره، ونتيجة طبيعية ألا يتوقف مردود ارتفاع الدخل على النواحى الاقتصادية الناتجة عن زيادة دخل العامل، وإنما سينتقل أثرها إلى النواحى الاجتماعية المتمثلة فى ارتفاع قدرته الشرائية وزيادة معدلات رفاهيته.
وإذا ما نظرنا إلى عناصر الإنتاج بصورة كلية أشمل، نجد أنها تتركز فى أربعة عناصر رئيسية، هى: العمل، والأرض، ورأس المال، وعنصر التنظيم، وبغياب أى ركن من تلك الأركان الأربعة، ستتأثر بالسلب القدرة الإنتاجية للدولة.
فعنصر العمل إما أن يكون صاحبه ممن يمتهنون عملاً يدوياً، وهو ما يتطلب مجهوداً ومهارةً، وإما أن يمتهن عملاً ذهنياً وهو ما يتطلب قدراً من المعرفة، وفى كل الأحوال كى يكون العمل مصدراً للسعادة والرفاهية فلابد أن يكون عملاً هادفاً وذا عائد مادى مجزٍ.
ومن خلال التنسيق ما بين تلك العناصر مجتمعة سنصل إلى زيادة إنتاج الدولة، والعمل على رفع كفاءة إنتاجية عنصر العمل، والتى بدونها لن نصل إلى التقدم وتحقيق التنمية المنشودة.
وفى ضوء تلك المعطيات الاقتصادية نجد أن العمل الفنى المتمثل فى الأيدى العاملة اللازمة لقيام الثورة الصناعية هو أساس تقدم الدول، وهو المدعم الرئيسى لعملية التنمية الإنتاجية والاقتصادية، وبدون الارتقاء بكفاءة العمل الفنى من خلال التدريب المهنى لن يتحقق النمو الاقتصادى لآية دولة.
وأدركت الدول المتقدمة تلك المعطيات فاهتمت بالتعليم الفنى، وعملت على رفع كفاءة الأيدى العاملة بالتدريب المهنى، وعلمت مصر تلك الحقائق، فسعت لعقد شراكات مع عدد من تلك الدول، أهمهم اليابان وألمانيا وإيطاليا، للاستفادة بخبراتهم فى هذا المجال.
ولكن إذا ما نظرنا لتلك الجهود نظرة مدققة، نجد أنها جهود فى ظاهرها مكتملة، ولكن فى جوهرها جهود مبتورة، لماذا؟
لأن منظومة التعليم الفنى والتدريب المهنى يجب أن يتم ربطها باستراتيجية الإنتاج وتوجهات الاستثمار فى الدولة، بمعنى، إننى لن أستطيع أن أطور فعلياً من أداء تلك المنظومة دون اكتمال الرؤية الشاملة للدولة، فلابد أن أحدد توجهاتى الاستثمارية والإنتاجية أولاً، وبناءً عليها أوجه جهودى نحو تطوير تلك المنظومة.
فاستراتيجية التعليم الفنى يجب أن تكون تابعة للخريطة الاستثمارية لكل الأنشطة الإنتاجية وفقاً لمحافظات مصر، لا أن تكون مستقلة، فوفقاً لتوجهات تلك الخريطة يجب أن نعيد هيكلة استراتيجية التعليم الفنى، وإلى حين تكتمل الخريطة يجب علينا أن نعمل على إعادة هيكلة نظام التعليم الفنى ذاته، والسعى لتغير ثقافة نظرة المجتمع، فالعامل الفنى هى صانع التنمية الاقتصادية، وعلى قدر دوره التنموى علينا أن ننظر إليه.
فإذا استطعنا أن نخطو تلك الخطوات، سنستطيع بكل تأكيد أن نحقق التقدم والتنمية الاقتصادية، والتى لن تتحقق دون اهتمام بالتعليم الفنى والتدريب المهنى.
د/ شيماء سراج عمارة
[email protected]

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://alborsanews.com/2017/06/08/1030516