مدحت نافع يكتب: مدارس دولية على الماكيت!


يحضرنى، اليوم، مقال كتبته منذ ما يزيد على العام، أردت أن أعيد نشره؛ لأن مدرسة بعينها كنت قد استحضرت تجربتها المريبة وقت كتابة المقال، واليوم يعلو صراخ أولياء الأمور الذين وثقوا فيها من كونها مشروعاً مزيّفاً ومحض «فنكوش» بلا تراخيص ولا اعتماد للشهادات ولا أى شيء. فقط أموال كثيرة تحصّلها إدارة المدرسة، كى تعطى إشارة إلى المجتمع أن تلك «المؤسسة» تضم عدداً من «أولاد الناس»! إليكم سطور المقال التى أراها مازالت تصلح للنشر وتنطبق على كثير مما يطلق عليها اليوم «المدارس الدولية»
 فى أية مدرسة دولية ألحقت ولدك؟
 فى مدرسة «..»
 أين أجدها؟
 هى مازالت تحت الإنشاء
 تحت الإنشاء؟!
 نعم
 تقصد لم تحصل على ترخيص وزارة التربية والتعليم؟
 طبعاً لم تحصل، لكننى أقصد أنها لم تضع حجراً واحداً على الأرض، ستفعل إن شاء الله خلال أشهر.
هذا حوار دار ويدور بين كثير من الأهالى هذه الأيام، المدرسة الدولية تعد الأهالى بمقررات من أقاصى الأرض وشهادات معتمدة من مختلف الجهات، لكن كل ذلك رهن اكتمال البناء ثم الحصول على تراخيص الوزارة ثم اكتمال طاقم التدريس.. لماذا تدفع لهم عشرات الآلاف إذن؟ لأنهم ببساطة وعدوك بربط المصاريف وفقاً لجدول ثابت حتى يتخرج ابنك أو ابنتك وهذا الجدول لا يخضع لتقلبات سعر الصرف أو التضخم؟! لكنك لو دققت النظر فى الجدول المذكور تجد المصاريف تتزايد بمتوالية شبه هندسية تعكس توقعات تراجع قيمة العملة المحلية مستقبلاً إلى حد بعيد.
كل هذا ليس موضع الأزمة الحقيقية، فالأزمة بالنسبة لى كمتخصص فى الاقتصاد، أن أولياء الأمور هنا يتعرضون لعملية نصب كبيرة جداً ومحكمة؛ لأنهم إذ يشرعون فى دفع مصاريف العام الأول دون أدنى ضمانة باكتمال الإنشاء والحصول على التراخيص وبدء العمل، يتحملون مخاطر كبيرة ويساهمون فى تمويل مشروع المدرسة بمساهمتهم فى تمويل أصولها التى لم تكتمل، وبالتالى فهم يستحقون أكثر كثيراً من مجرد هذا العرض التسويقى السخيف المسمّى بـ«تثبيت المصاريف». هذا المموّل (دافع المصاريف) هو شريك فى المدرسة، ويجب أن تصدر له أسهم تثبت ملكيته فيها وتضمن له الحصول على جانب من أرباحها مستقبلاً، أو على الأقل هو مقرض لأصحاب المشروع، ويجب أن تصدر له سندات تثبت مديونية مشروع المدرسة له، وتقر بحقه فى الحصول على فوائد أو كوبونات السندات. هذا أمر واضح للعيان ولا يحتاج إلى تفسير بل يحتاج إلى رقابة من مختلف الجهات وأدعو جهات الرقابة المالية المتعددة إلى التدخل لصالح حفظ حقوق أولياء الأمور الذين يتعرضون للنصب على المستوى المالى، كما أدعو وزارة التربية والتعليم بالتدخل لوقف النصب الذى يمارس تحت مظلة رسالة التعليم نتيجة ممارسة تلك المشروعات أنشطة تربوية وتعليمية دون الحصول على تراخيص، ودون اعتماد للشهادات من الداخل أو الخارج.
فى دولة مثل مصر يحتل التعليم فيها المركز قبل الأخير بين 140 دولة فى تقرير التنافسية الأخير الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى، بالتأكيد لا تتم العملية التعليمية فيها على الوجه الصحيح، ومن الظلم أن تقتات مشروعات مدارس وهمية على الملايين من أموال الشعب دون أدنى أثر ملموس على تحسن نوعية ورسالة التعليم فى مصر.
د. مدحت نافع
خبير الاقتصاد والتمويل وإدارة المخاطر

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: التعليم

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://alborsanews.com/2017/07/13/1037179