بقلم: روس دوثات
ربما فى أمريكا بديلة على أرض أخرى، كان ليكون هناك حزب جمهورى قادر على تقديم مشروع رعاية صحية متماسك وشعبي، وقادرا على موازنة الالتزامات المالية، وعلى تقديم حلول مبتكرة لحل الأزمة الاجتماعية للطبقة العاملة فى أمريكا.
ولكن عالمنا هو ما نعرفه اليوم، والحزب الجمهورى لا يقدم شيئا، وقد يضغط لتمرير تخفيض ضريبى ويطلق عليه إنجازا.
ولا يخفى على أحد ما يريده الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والسبب الوحيد الذى جعلنا نقضى شهورا كثيرة نتجول فى الغابة المظملة لإبطال وتعديل نظام الرعاية الصحية «أوباما كير» هو أن القيادة الجمهورية فى الكونجرس أقنعت نفسها أن بإمكانها القيام بمناورة مالية معقدة مستخدمة الرعاية الصحية لتغيير قاعدة الموازنة استعدادا لإصلاح ضريبى أكثر شمولية ومستمرا لمدة أطول من التخفيضات التى قام بها الرئيس جورج دبليو بوش منذ 15 عاما مضت.
ولم يتمكن الجمهوريون من الموافقة على إصلاحات الرعاية الصحية لأنه لم يكن هناك من قبل إجماع مماثل فى الحزب عما سوف تعنيه هذه الإصلاحات، ولكن رغم هذا الفشل الاستراتيجى الكبير لا يزال أمام الحزب خيار أبسط من شأنه إرضاء التوق إلى تخفيض الضرائب، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يقوم الجمهوريون بالتخفيضات الضريبية بنفس الطريقة التى قام بها بوش دون إجراء تعديلات كبيرة وإنما جعل الإعفاءات لمدة 10 سنوات، وكل ما سيحتاجونه هو 50 صوتا بجانب صوت مايك بينس.
وأنا لا أقول إن الجمهوريين لا يستطيعون القيام بإصلاح ضريبى شامل ودائم نظريا، فإذا استثنينا الرعاية الصحية، فإن هناك الكثير من الطرق الذكية والقابلة للتطبيق لتعديل وتحسين القانون الضريبى دون التضحية بالإيرادات.
كما يمكنهم وقف العديد من التخفيضات الضريبية الضارة التى يستفيد منها على الأغلب الأثرياء مثل التخفيضات الضريبية على رهن المنازل والتخفيضات الخاصة بالولايات والمحليات، واستخدام الوفورات الناتجة لتخفيض الأسعار عبر القاعدة الضريبية.
كما يمكنهم تخفيض الضرائب على الشركات، وتعويض النقص فى الإيرادات من خلال رفع الضرائب على المكاسب الرأسمالية، وهو ما اقترحة السيناتور مايك لي، أو حتى يمكنهم زيادة الضرائب على أعلى الدخول، كما قال السيناتور ستيف بانون عدة مرات، وفى المقابل تخفيض الضرائب على الرواتب، أو تمويل الإعفاء الضريبى على الأطفال الجدد.
ولكن يبدو أن الجمهوريين غير مستعدين للقيام بأى شيء معقد، كما أنهم ليسوا متحدين بما يكفى لاتخاذ أى مخاطر سياسية، وبالتالى فإن السبيل لمنع أى تحول مفاجئ فى الحزب، هو اللجوء إلى تخفيض فى الضرائب يؤدى إلى اتساع مؤقت فى العجز.
ورغم أن هذه الفكرة غير جيدة، فإنها أيضا ليست سيئة، وأحد الأسباب من بين الكثير من الأسباب التى تسببت فى فشل إبطال نظام أوباما كير هو أن العجز لم يكن سيئا مثلما هو الآن عند تمرير القانون، وفى الواقع، فإن نظام أوباما كير لم يتسبب فى الارتفاع الحاد فى الإنفاق الذى خشيه الكثيرون ومن بينهم أنا.
وفى نفس الوقت، لا يزال النمو الاقتصادى متعثرا، ونمو الأجور فاترا، ومعدلات مساهمة القوة العاملة لا تزال دون مستويات ما قبل الركود، ومع ذلك فإن الاقتصاد راكد بما يكفى لاستخدام التخفيضات الضريبية المحترمة كمحفز للنمو، خاصة إذا ركز الجموريون على ضرائب الشركات والرواتب، أى على الشركات والعاملين، بدلا من استهدافهم فقط فرض أقل ضريبية على أعلى الناس دخولا.
وبالعودة إلى الضرائب الممولة من العجز قد تبدو خطيرة وليست الخيار الأمثل، ولكنها تلقى رواجا بين الساسة الجمهوريين، كما أن تسويقها سياسيا أسهل مما كان يحاول الحزب فعله لإبطال نظام الرعاية الصحية لأوباما، كما أنها قد تعطى اقتصاد ترامب الدفعة التى يحتاج إليها.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: صحيفة نيويورك تايمز