أثار التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الكثير الأزمات، وهو الأمر الذى أدى لحدوث انهيار اقتصادى فورى داخل المملكة المتحدة.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أنه فى الوقت الذى انخفض فيه الجنيه الإسترلينى بنسبة 13% مقابل الدولار، منذ أن صوّت البريطانيون على مغادرة الاتحاد الأوروبى فى يونيو 2016، فإن اقتصاد البلاد لا يزال يحقق تماسكاً كبيراً حتى الوقت الراهن.
ولكن بعد مرور عام على ذلك، تشير الدلائل إلى أن المملكة المتحدة تقترب من نقطة تحول كبيرة داخل الاقتصاد.
وكشفت البيانات أن البريطانيين خفضوا إنفاقهم على الملابس والأحذية وأدوات الترفيه والسلع المنزلية، فى حين أنهم ما زالوا ينفقون أكثر على الفنادق والمطاعم والمواد الغذائية، رغم ثبات معدل النمو منذ الصيف الماضى.
وعلى الرغم من أن الصورة الاقتصادية قد لا تكون سيئة كما كانت عليها خلال الأزمة المالية، فإنَّ إنفاق المستهلكين يتراجع بشكل واضح وسط ارتفاع التضخم وركود معدل الأجور، وهو الأمر الذى يحدث ألماً كبيراً لتجار التجزئة وأصحاب الفنادق ومنتجى السلع الاستهلاكية.
وأوضح مؤشر ثقة المستهلكين فى المملكة المتحدة، أن البريطانيين يزدادون تشاؤماً يوماً بعد الآخر.
وانخفضت الثقة إلى أدنى مستوى منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وفقاً لمسح أجرته شركة «جى إف كى» فى الوقت الذى تراجع فيه معدل الإنفاق.
وفى الربع الثانى من العام الجارى، أظهر مؤشر إنفاق المستهلكين فى المملكة المتحدة انكماشاً فى الإنفاق للمرة الأولى منذ عام 2013.
وعندما يتعلق الأمر بالمشتريات المستقبلية من السلع الكبيرة مثل الأثاث أو السلع الكهربائية فقد فقد البريطانيون حماسهم، وهو الأمر الذى يضر بالفعل تجار المفروشات المنزلية والزينة.
وأوضح البعض، أن هذا التوقيت هو اﻷنسب لإجراء عملية شراء كبيرة، مقارنة بالأشهر الـ12 الماضية.
وكان هناك بالفعل تأثير على صناعة السيارات التى تجلب أموالاً طائلة لخزانة الدولة، ففى الشهور الثلاثة المنتهية بيونيو انخفضت تسجيلات السيارات الجديدة بنسبة 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.
ولكن ليس من الصعب أن نرى لماذا يتراجع إنفاق المستهلكين، فتكلفة شراء السلع آخذة فى الارتفاع بشكل أسرع من دخل الناس فى وقت يتعرض فيه البريطانيون لضغوط كبيرة؛ بسبب ركود الأجور وارتفاع التضخم.
وأشارت الوكالة إلى أن الدخل الحقيقى والأجور لا يزالان دون مستواهما فى عام 2004.
وازدادت ديون بطاقات الائتمان بنسبة 10% تقريباً فى مايو من العام الماضى، وهو مستوى قد لا يكون مستداماً على المدى الطويل.
وأوضحت «بلومبرج»، أن الوضع الاقتصادى الصعب لم يؤثر فقط على المستهلكين، ولكن الألم طال العديد من الشركات فى المملكة المتحدة؛ حيث إن تكلفة صنع السلعة آخذة فى الارتفاع أيضاً.
ورغم أن العملة المحلية الرخيصة تجعل الصادرات البريطانية أكثر جاذبية، فإن المواد الخام المستوردة تصبح أكثر تكلفة.
وارتفعت أسعار المدخلات، وهو ما يدفعه المصنعون مقابل المواد بنسبة تصل إلى 20% فى الأشهر التى تلت التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى بعد 3 سنوات من التقلص أو النمو المنخفض.
وتكافح الشركات من أجل استيعاب الكثير من تكلفة ارتفاع المواد الخام حتى الوقت الراهن من خلال الضغط على هوامش الربح، ولكن ليس من الواضح كم من الوقت يمكن أن تقوى على القيام بذلك.
وأفادت الوكالة، بأن المدراء الماليين البريطانيين متشائمون بشكل متزايد حول مستقبل البلاد؛ حيث أصبح عدد الذين هم أقل تفاؤلاً بشأن توقعات شركاتهم هو الآن أكبر من عدد الذين هم أكثر تفاؤلاً وفقاً لمسح أجرته شركة «ديلويت».
وتحتاج رئيسة الوزراء تيريزا ماى، إلى التوصل لإجابات عن مستقبل السياسة التى تهدد استراتيجية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى؛ حيث يتوقع المستثمرون المزيد من المشاكل تلوح فى الأفق.
وقال فلوريان أوتو، رئيس قسم أبحاث أوروبا فى شركة «فيسك مابليكروفت» للاستشارات فى مجال المخاطر العالمية، إن الاضطرابات التى نراقبها حالياً قد تكون فى الواقع مجرد الهدوء الذى يسبق العاصفة.