شبكات المحمول مهددة بفقدان السيطرة على الأسواق


تطبيقات الاتصال عبر الشبكة العنكبوتية تأكل حصتها فى العملاء
15 مليون مستخدم للدفع عبر المحمول نصيب شركة أورانج فى أفريقيا
تبسيط العروض الترويجية وتقليل نطاق الخدمات لزيادة الإيرادات
صفقات الاندماج والاستحواذ أسرع طرق الوصول إلى الزبائن الجدد

من المؤكد أن آثار الاضطرابات التجارية غالباً ما تصبح واقعاً ببطء أكثر مما يتوقعه الناس، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بالضبط متى ستكون لحظة الحقيقة لأى شركة معينة بحيث تواجه مصيرها المحتوم.
وبحسب تقرير لشركة برايس وتر هاووس كوبرز (بى دبليو سي) وهى واحدة من أكبر شركات الخدمات المهنية فى العالم فإن الحكم على العديد من الاتجاهات التى أسرت قطاع الاتصالات خلال السنوات القليلة الماضية يحتاج إلى وقت.
ويجب على الشركات الآن اختيار فئة الشركات المنافسة لها وتركز على ميزتها التنافسية والاستراتيجية الخاصة بها لمقارنتها بأقرانها حتى لو كان نموذج العمل الحالى مستمراً بنجاح لعدة سنوات فلا يمكن أن تكون الشركة متأكدة من أنها على الطريق الصحيح ولذلك فالتركيز على مراجعة الاستراتيجية الخاصة بالعمل سوف تساعد على تقييم الوضع الحالى بغض النظر عن الاحتياج إلى التغيير من عدمه.
ويقول التقرير، إن حقيقة دخول القطاع فى مرحلة تغيير وشيكة ظهرت من خلال مراقبة أدائه، فإلى حد كبير، لم تنجح شركات الاتصالات فى جهودها الرامية إلى تحقيق الدخل عبر فيضانات البيانات التى تعمل من خلال شبكاتها. وأصبحت تتعامل كبائع سلع أكثر من مزود خدمات.
وقد عرقل هذا النمط من العمل بشدة قدرتها على إعادة الاستثمار فى تطوير الشبكة واستغلال التقدم الرقمى، وفى الوقت نفسه، حاولت العديد من شركات خطوط الاتصالات أن تكون كل شيء لجميع الناس بتقديم مجموعة واسعة من الخدمات لعملائها، ولكن فى النهاية لم تتمكن من التفوق فى أى من تلك الخدمات فيما تواجه منافسة شرسة من مزودى الخدمات الأخرى.
وتؤكد «بى دبليو سي» أن المنافسة فى عصر الإنترنت وصلت ذروتها بفضل نشاط الشركات التى تقدم تطبيقات وبث حى للمحتوى مباشرة للمستهلكين عبر الإنترنت بل وضربت حدة المنافسة خدمات الاتصالات الأساسية مثل الرسائل والخدمات الصوتية بما فى ذلك واتساب وفايبر وآى مسيج أبل والتى تمثل بالفعل أكثر من 80% من جميع حركة الرسائل، كما تمثل سكايب وحدها أكثر من ثلث إجمالى عدد دقائق اتصالات الصوت الدولية، ونتيجة لذلك، تواجه العديد من شركات الاتصالات انخفاضاً كبيراً فى إيرادات خدمات الاتصالات الأساسية، حيث بلغت نسبة تسرب الرسائل النصية القصيرة منها لصالح شركات الاتصال عبر الإنترنت ما يصل إلى 30%، و20% فى الاتصال الصوتى الدولي، و15% فى خدمات التجوال، وقد أدى هذا النمط، إلى جانب المنافسة الشديدة بسبب التأخر فى اندماج القطاع إلى انخفاض حاد فى متوسط الإيرادات لكل مستخدم ففى أحسن الأحوال حققت بعض الشركات أدنى معدل لها من النمو للإيرادات مع تراجع شديد فى هوامش الربح.
حركة تصحيح المسار
وينصح التقرير الدولى مسئولى شركات الاتصالات فى هذا المنعطف الحاسم بأنهم يحتاجون إلى إجراء اثنين من التحركات المختلفة فى نفس الوقت. أولا، البدء فى مهمة تحديث العمليات.. ثانيا، إعادة تعريف هوية استراتيجية الشركة (القيمة الافتراضية) للمستقبل، وعلى وجه التحديد يجب معرفة ما يمكن أن تقدمه للعملاء خلال 5 إلى 10 سنوات من الآن، قد يكون جيدا وربما ضرورياً بعد أن تذهب الشركة عبر هذه الرحلة الافتراضية أن يتغير تماما نمط العمل عن نسخة اليوم.
أولا: تحديث العمليات
كانت شركات الاتصالات مقتنعة جداً فى السنوات الأخيرة بأن هيكلها التشغيلى الأساسى يتمتع بالثبات لكن قبل الانتقال إلى قنوات جديدة للإيرادات، يجب التأكد من حصول الشركة على «حق الفوز» من خلال إظهار الإمكانات اللازمة للمنافسة، حتى ضد العروض الرقمية.
ويتطلب تنشيط عمليات الشركة التركيز على الأهداف الأساسية التالية:
1- التبسيط: ففى معظم شركات الاتصالات يعد العمل على تقليص التعقيدات فى العروض التجارية والأنشطة المقدمة للسوق جهد عشوائى وغير سليم، ويعتمد أساسا على حملات خفض التكاليف المستهدفة والمصممة لدعم أو تحسين هوامش الربح، ولكن على الرغم من أن خفض النفقات غالبا ما يكون حيويا، خاصة عندما يتم تسويق سلع وخدمات الاتصالات التقليدية، فإنه بالتأكيد ليس نهاية المطاف.
فبدلاً من الذهاب إلى منصة تقليل التكاليف يجب اتخاذ نهج أكثر ديناميكية لتبسيط العروض فليس العبرة بكثرة التخفيضات والميزات وهو نهج يمكن أن يكون قاعدة أساسية للنمو وينبغى أن يكون الغرض من هذا المحرك هو تقديم العروض الأساسية وصولاً إلى مجموعة محدودة من المنتجات والخدمات الرقمية، ولكن يجب أن تكون هذه العروض ضرورية بما فيه الكفاية للعملاء لكى تتمكن الشركة من الحفاظ على قاعدة عميقة ذات ولاء قوى، كما يتطلب الأمر أن تنتقل الشركة إلى مخزن البيانات الافتراضى (سحابة البيانات) لتلبية احتياجات توسيع البنية التحتية، واعتماداً على قدرات الشركة الخاصة الأكثر تميزاً، يمكنك اكتساب سمعة كمزود خدمة ذات جودة فى قطاع الاتصالات، أو التحول لشركة اتصالات سيبرانية فى نهاية المطاف أو أن تصبح الشركة الأكثر ابتكاراً للاتصالات عبر الإنترنت.
يتطلب نجاح برنامج تبسيط العمل معالجة التعقيد التنظيمى والهيكلي، عبر التخفيف من بعض جوانب التسلسل الهرمى الخاص بالشركة لتتعلم التحرك بسرعة لتجربة الابتكارات.
وتقدم شركة فرى موبيل الفرنسية نموذجا لإحدى الشركات التى توضح قيمة استراتيجية التبسيط وهى شركة تابعة لمؤسسة إلياد، وقد انطلقت الشركة فى عام 2012 كنموذج لتقديم الأعمال غير المرغوب فيها بما فى ذلك أكشاك خدمة العملاء الموضوعة فى مواقع البيع بالتجزئة لتجنب الإدارة والنفقات العامة لشبكة تخزين كبيرة؛ حيث عملت فى المقام الأول فى التسويق على شبكة الإنترنت وخدمة العملاء؛ وسياسة جلب جهاز خاص بالفرد مصمم للقضاء على التكاليف الإدارية لمبيعات الهاتف حيث قامت خطتها الرئيسية على خفض تكاليف الخدمات المحلية ﻷدنى مستوى للمستهلكين. ومنذ إطلاقها، عززت شركة فرى قاعدة مشتركيها لتصل إلى أكثر من 12 مليون شخص، ولديها الآن حصة 18% من سوق الهاتف المحمول فى فرنسا. ونتيجة لذلك، تفاخرت الشركة بتحقيق 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار أمريكي) من الإيرادات خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2016، بزيادة أكثر من 11% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2015.
2- الرقمنة: يجب أن تكون الشركة فى طليعة الاعتماد على التقنيات الرقمية، سواء فى الخدمات أو فى المكتب الخلفى فعلى سبيل المثال، يجب ربط جميع قنوات الاتصال والمبيعات للعملاء عبر الإنترنت، والمحمول والموظفين رقميا بحيث يتم الحفاظ على أنشطة المستهلك فى قاعدة بيانات واحدة، مما يجعل التفاعلات مع العملاء فى جميع القنوات أقل تكلفة من حيث الوقت والمال وبذلك يتم توفير الموارد التى يتم إنفاقها لتعزيز راحة العملاء ورضاهم. ومن الناحية المثالية، ينبغى رقمنة اتصالات العملاء لتصبح عبر أنظمة الرسائل وتطبيقات الجوال المصممة بشكل جيد بحيث يكون هناك الحد الأدنى من التدخل البشري.
ويحتاج الوصول إلى هذه المرحلة إلى قدرات جديدة، بما فى ذلك خبرات تحليلات البيانات، لتصنيف البيانات بدقة وتحقيق أقصى استفادة من كل عميل، كما يجب فصل وظائف تكنولوجيا المعلومات للشركات التقليدية عن الجهود الرقمية التى تركز على العملاء ويمكن تعيين مسئول الخدمات الرقمية فى وحدة اﻷعمال لتسهيل جهود الرقمنة.
3- تطوير الشبكة: الشيء الوحيد الأكثر إلحاحا لدى أى شركة اتصالات هو سرعة الشبكة وكفاءتها الإنتاجية فكل عميل يتضور جوعاً لذلك وتعتبر الاستثمارات فى تحسينات شبكات الاتصالات والألياف وتحديثات الجيل الخامس أو تقنيات الشبكات الأخرى حاسمة فى التحضير لبيئات تنافسية أكثر ديناميكية.
ويجب تسليح كل شركة ناجحة للاتصالات ببنية تحتية تتمع بحالة رائعة ومرنة بما فيه الكفاية للتعامل مع فرص تحقيق الدخل الجديدة والمربحة. ويمكن أن تضع تحسينات الشبكة الشركة فى موقف يؤهلها لاستعادة ميزة استغلال التكنولوجيا من مقدمى خدمات الاتصالات عبر الإنترنت.
إعادة تعريف الهوية الاستراتيجية
بعد تطوير برنامج التحديث وحتى أثناء تنفيذه يعتمد العمل هوايات استراتيجية جديدة ذات الصلة بالعملاء بحيث تقدم لهم خدمات مميزة وتجارب ذات قيمة حقيقية.
يمكنك اختيار عمل الاتصال الأساسى ليكون الهوية الاستراتيجية وهذا بالفعل هو النهج الأساسى لشركة فرى موبيل الفرنسية حيث تراهن على تقديم خدمات المحمول الأساسية بأقل تكلفة ممكنة وحتى الآن تعتبر استراتيجية فرى موبيل ناجحة ويرجع ذلك جزئيا إلى أن لديها ميزة واضحة لبناء أعمالها كشركة ناشئة، من دون تكاليف ضخمة على غرار شركات الاتصالات الأخرى. وهذا هو السبب فى أن نهج فرى ليس خياراً مربحاً لمعظم المشغلين الآخرين، نظراً لارتفاع تكلفة التشغيل لديهم، فبالنسبة لهم، ستكون هذه الاستراتيجية بمثابة تذكرة فى اتجاه واحد نحو المزيد من جولات خفض التكاليف فقط للبقاء واقفة على قدميها.
وهناك تحول آخر فى نموذج الأعمال وهو خيار آخر ولكنه خيار حذر بالنسبة للشركات التى تخطو نحوه بعناية فقد حاولت شركات الاتصالات المحمولة فى أوقات مختلفة تسويق أجهزتها الخاصة، وبناء تطبيقات ومواد ترفيه، وتوفير خدمات تكنولوجيا المعلومات من خلال الاستعانة بمصادر خارجية. ومع ذلك، كانت النتائج مخيبة للآمال فى معظمها، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الثقافات المؤسسية والثغرات فى قدرات شركات الاتصالات مما وضعها فى موقف غير مواتى لأحوال الأسواق التجارية الواسعة، والتحديات الهيكلية لبيع المنتجات العالمية.
ومن الخيارات الواعدة لشركات الاتصالات الاستراتيجية التى يمكن استدعائها للحصول على حصص سوقية وهى توفير المحتوى من خلال علامات تجارية معروفة والتحول نحو الخدمات المالية، والخدمات المعيشية، وخدمات التجارة الإلكترونية عبر قنوات عمل ثانوية، وفى النظام الإيكولوجى للمحتوى الرقمي، يحمل المشغلون بطاقة حاسمة وهى موقعها المركزى فى سلسلة قيمة التوزيع وخط التواصل المباشر مع العملاء.
وعلى سبيل المثال، قامت شركة أورانج الفرنسية بتحويل طموحها إلى الخدمات المصرفية القائمة على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وتضم الآن أكثر من 15 مليون عميل للدفع عبر الهاتف المحمول فى أفريقيا و300 ألف حساب مصرفى عبر الهاتف المحمول فى بولندا، وفى أوائل عام 2016، اشترت الشركة 65% من بنك جروباما من أجل استخدامها كأساس لتوسيع الخدمات المصرفية الرقمية، أولا فى فرنسا ثم فى أى مكان آخر فى أوروبا.
وهناك فرصة استراتيجية أخرى لشركات الاتصالات تكمن فى تدفقات الإيرادات المرتبطة بالاتصال عبر الإنترنت، وهو خيار موات بشكل خاص حالما تقوم الشركات بتحديث شبكاتها حتى تتمكن من التعامل مع التطبيقات الأكثر تطوراً، وشملت هذه الفئة اتصالات من آلة إلى آلة، ونظم المعلومات، وخيارات الدفع السهلة (مثل استخدام الهاتف لمعالجة معاملات الفواتير من الشركات والحسابات الأخرى)، وشبكات إنترنت الأشياء (التحكم فى الأجهزة عبر الإنترنت).
وتعتبر قاعدة العملاء لهذه الخدمات واسعة ويمكن أن تكون مربحة خصوصاً المرافق وسلاسل التوريد الصناعية، والمنازل الذكية، والمدن الذكية، ومقدمى خدمات الأمن السيبرانى، وغيرها الكثير، وفى الواقع، فإن معظم المشغلين الكبار، بما فى ذلك أورانج، وايه تى آند تى وتيليفونيكا، وفيريزون اعتمدوا شكلاً من أشكال هذا النموذج التجارى، وفرضوا رسوماً على مقدمى الخدمات وكذلك المستهلكين لإدارة وصيانة الخدمات المتصلة.
صفقات جذابة فى سوق الاندماجات والاستحواذات
وسيكون من الصعب على شركات الاتصالات تبنى هوية استراتيجية جديدة بنفسها؛ وكثير منها ليس لديه القدرات اللازمة لتصميم عروض المنتجات والخدمات اللازمة لإعادة التموضع فى السوق، ولهذا السبب، تعتبر عمليات الاستحواذ وسيلة جذابة لدخول أسواق جديدة، ففى عام 2016، أنفقت الاتصالات 224 مليار دولار أمريكى على عمليات الاندماج والاستحواذ، بزيادة قدرها 137% عن العام السابق، وفقاً لـ«كابيتال آى كيو».
وشملت العديد من أكبر الصفقات فى السنوات القليلة الماضية الشركات التى تشترى منافسيها فى صناعة الاتصالات لتضاعف شبكاتها الأساسية، على أمل الحصول على حصة أكبر فى السوق ودعم الأسعار، فعلى سبيل المثال، من خلال شراء كابيل ديوتسكلاند فى عام 2013، حققت فودافون الوصول إلى 8.5 مليون أسرة فى شركة الكابل فى ألمانيا وتمكنت من تقديم عرض رباعى للهاتف والتليفزيون والنطاق الإذاعى والاتصالات اللاسلكية، كما أن قرار فيريزون الأخير بشراء شركة شو (XO) للاتصالات سيعزز وجودها فى سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
وتهدف العديد من المعاملات الأخرى إلى استراتيجية القطاعات المجاورة فعلى وجه الخصوص تحاول شركة أيه تى آند تى شراء تايم وارنر ومخزنها الواسع من المحتوى، وكان الجذب الرئيسى فى استحواذ فيريزون على شركة أيه أو ال فى عام 2015 هو أول برنامج إعلانات عبر الإنترنت يعمل آليا، كما قامت فيريزون أيضا بسلسلة من عمليات الاستحواذ، بما فى ذلك هيوز تيليماتيكش وسسيتى سيستمز الناشئة المختصة بالمدن الذكية التى تمنحها سوقاً فى أسواق الاتصال عبر الإنترنت.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: المحمول

منطقة إعلانية



نرشح لك

rOl06y8T 1460075053 800390 944 79645
ألمانيا وقوة “المحفظة”

https://alborsanews.com/2017/07/27/1040108